الأحد 11 مايو 2025

مقالات

الدراما المصرية.. وماذا نريد منها

  • 10-5-2025 | 13:10
طباعة

للدراما المصرية تاريخ طويل ومشرف بدأ مع بداية الستينيات وبالتحديد عام ١٩٦١حين بدأ التليفزيون بعد افتتاحه عام ١٩٦٠ يقدم برامج مختلفة،ثم بدأ في إنتاج الدراما التي لم يكن هناك تحديد لحلقاتها كما هو الآن، وإنماكانت الدراما في بداياتها أكثر تنوعا واتساقا مع محتواها القصصي، فعرفنا التمثيلية القصيرة التي تقدم في نصف ساعة (وهو ما يقترب من الأفلام القصيرة الآن)، وانتظرنا تمثيلية السهرة التي بدأت بساعة ونصف الساعة  وحتي ساعتين ونصف الساعة تماما مثل الفيلم السينمائي.

ثم بدأ إنتاج المسلسلات بسبع حلقات، ثم زاد عدد الحلقات إلى إحدى عشرة حلقة ليصل إلى أقصى عدد للحلقات وقتها، وهو خمس عشرة ةحلقة، (وبعد سنوات طويلة أصبحت كل المسلسلات ٣٠حلقة قبل أن يستعيد التليفزيون الخمسة عشرة حلقة منذ سنوات قليلة كما يحدث الآن، وكما رأينا في أغلب مسلسلات دراما رمضان التي عرضت مؤخرا) باختصار، اعتمدت اختيارات صناع الدراما في بدايتها على ثقافة العاملين بها مع رغبة التليفزيون نفسه كجهاز جديد قوبل بحفاوة شديدة على تقديم أعمال مهمة وجيدة مع الترحيب بجيل جديد من الكتاب والمخرجين أمثال عاصم توفيق ومصطفي كامل اللذين لمعا ككتاب جدد مع المخرج محمد فاضل ، ومثل الكتاب: محفوظ عبد الرحمن وأسامة انور عكاشة ومحمد صفاء عامر وعاطف بشاي  والمخرجون: يحيي العلمي و يوسف مرزوق وإبراهيم الصحن وإسماعيل عبد الحافظ وجمال عبد الحميد وغيرهم ، وإلى جانب هؤلاء عرفت دراما التليفزيون المصري أسماء مهمة من الكاتبات والمخرجات مثل وفية خيري وكوثر هيكل ومجيدة نجم وإنعام محمد علي وغيرهن،  حيث قدم كل هؤلاء أعمالاً مهمة في بداية زمن الدراما ساهمت في بناء وعي مجتمعي  بتقديمها قضايا مهمة عن المجتمع المصري في كل طبقاته واختلافاته من القاهرة للإسكندرية ومدن الشمال إلى مجتمعات الصعيد في الجنوب وحيث استطاعت بعض هذه الأعمال أن تحظى باهتمام واسع ومتابعة ليس لها مثيل مثل مسلسلات (ليالي الحلمية) الذي قدم في ستة أجزاء، وكان الأطول في تاريخ الدراما، ومثل (الشهد والدموع ) و(زيزينيا) و(الراية البيضاء) و(ذئاب الجبل) وغيرها من الأعمال التي أضافت إلى مهامها خدمة قضايا التغيير الاجتماعي  ودفع عملية التنمية.

بين التاريخ …والوعي

أيضا أضافت الدراما إلى مهامها تقديم تاريخ مصر وأحداثه المهمة من خلال أعمال مهمة مثل قصة حفر قناة السويس في مسلسل (بوابة الحلواني)، وثورة ١٩١٩ وتحرير المرأة  كما رأينا  عبر مسلسلات مثل (مصر الجديدة) و(نابليون والمحروسة)، إضافة لتقديم أعمال مهمة عن شخصيات مصرية خالدة مثل مسلسل (الأيام )عن حياة طه حسين، و(مشرفة) عن حياة الدكتور علي مصطفي مشرفة عالم الذرة المصري الكبير، و(أم كلثوم ) عن أسطورة الغناء العربي، كما ساهمت الدراما في التعبير عن المتغيرات الاجتماعية والأسرية من خلال أعمال مهمة نالت نجاحات أسطورية في مصر والعالم العربي مثل (ضمير أبلة حكمت ) الذي قدم سيدة السينما العربية فاتن حمامة لأول مرة لجمهور دراما التليفزيون، ومثل (الحاج متولي ) و(لن أعيش في جلباب أبي) عن الحياة والكفاح الشاق لتكوين أسرة ما قبل الألفية الجديدة وقد حققا نجاحا كبيرا، وبعدها قدمت الدراما أعمالا أخرى عن الأسرة ما بعد الألفية مثل (بنت اسمها ذات) . 

الدراما الوطنية

من أهم ما قدمته الدراما المصرية في تاريخها الأعمال الوطنية ،سواء تلك التي عبرت عن مواجهة الإرهاب وتحدى الأعداء، وهو تحدى متعدد الأوجه ،خاصة مع مسلسلات الجاسوسية التي حققت نجاحا واسعا لقدرة كتابها وصناعها علي تقديمها بكل ما تتطلبه من مهارات فنية عالية، ولعل أهمها هنا مسلسلان ، الأول هو (رأفت الهجان )للكاتب صالح مرسي الذي تخصص في هذه النوعية من الأعمال. وهنا قدم ولأول مرة سيرة البطل رفعت علي سليمان الجمال الذي زرعته المخابرات المصرية  داخل المجتمع الإسرائيلي وفيه استطاع المخرج القدير يحيى العلمي، أن يقدم ملحمة درامية وفيه أيضا  انطلق محمود عبد العزيز ليصبح نجما وكذلك انطلق عمار الشريعي ليقدم مقدمة موسيقية لا تنسي حتى اليوم منذ عام ١٩٨٧وحتى اليوم، ومسلسل ثان هو (دموع فى عيون وقحة) عن قصة المصري جمعة الشوان الذي حاولت مخابرات إسرائيل تجنيده وهو يبحث عن عمل في إحدى دول أوروبا فوافق ليصبح ذراع المخابرات المصرية بعدها وكان هذا المسلسل بداية ذهاب النجم الكبير عادل إمام إلى التمثيل. في التليفزيون بعد رحلة سينمائية عامرة، وبعدها قدمت الدراما أعمالا أخرى عن نفس القضية مثل  (الثعلب)، و(العميل١٠٠١) ، و(الزيبق) (حرب الجواسيس) وكان آخرها (هجمة مرتدة) في ٢٠٢١ وبعده (الكتيبة ١٠١) عام ٢٠٢٣وبعدها كانت ثلاثية (الاختيار) هي الأهم دراميا لتقديم إرهاب الداخل ومحاولة الإخوان المسلمين الاستيلاء على مصر، وهو ما أضاف كثيرا لأهمية الدراما وقيمتها كسلاح للوعي، وكفن قادر على تقديم أهم  وأكثر الأعمال ثراء في تاريخنا الحديث. وربما لهذا التاريخ أصبح الجمهور المصري يدرك جيدا إمكانيات الدراما، وقدراتها ويتوقع أن تقدم له فى كل عام الأفضل والأهم.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة