رغم التراجع الطفيف في أسعار الفضة بالأسواق العالمية خلال الأيام الأخيرة، إلا أن محللين سوق المال يشيرون إلى احتمالات صعود كبير في أسعار المعدن خلال السنوات القادمة، مدفوعًا بعوامل صناعية وتقلبات في العرض والطلب، وسط حالة من الترقب والقلق في الأسواق المالية.
أسعار الفضة بالأسواق العالمية
وقال محمود نجم الدين، أحد كبار تجار الفضة في مصر، إن التوقعات بشأن سعر أونصة الفضة بحلول نهاية العقد الجاري تتفاوت بشكل ملحوظ، حيث تشير بعض التقديرات إلى إمكانية بلوغها ما بين 60 و85 دولارًا.
التكنولوجيا الخضراء تدفع الطلب بقوة
ويرى نجم الدين في تصريحات صحفية، مدعومًا بتحليلات عدد من الخبراء، أن الاستخدام المتزايد للفضة في التكنولوجيا الخضراء يمثل أحد أهم العوامل الدافعة للطلب، وخاصة في تطبيقات الألواح الشمسية والمركبات الكهربائية.
وتشير تقديرات معهد الفضة إلى أن استهلاك المعدن في تطبيقات الطاقة الشمسية فقط قد يصل إلى 820 مليون أونصة بحلول عام 2030، ما يضع ضغطًا متزايدًا على مستويات العرض المحدودة أصلًا.
نقص في المعروض للعام الرابع
بحسب المسح العالمي للفضة، فإن عام 2024 يمثل السنة الرابعة على التوالي التي يشهد فيها السوق نقصًا في المعروض من المعدن، ويعزى هذا النقص إلى مشكلات إنتاجية في دول رئيسية مثل المكسيك، حيث تتسبب الإضرابات العمالية وإغلاق بعض المناجم في تقليص الإمدادات.
ويُضيف الخبراء أن استمرار هذا النقص قد يؤدي إلى زيادة تسارع في أسعار الفضة، خاصة إذا تزامن مع نمو في الطلب الصناعي من الصين والاقتصادات الناشئة الأخرى.
الذهب والفضة مؤشر النسبة يعكس الفجوة
وأشار نجم الدين إلى أهمية ما يعرف بنسبة الذهب إلى الفضة كأداة تحليلية يعتمد عليها المستثمرون، إذ تُعد النسبة العالية بين المعدنين علامة على أن الفضة مقومة بأقل من قيمتها الحقيقية، متوقعا أن تنخفض هذه النسبة مستقبلًا، ما سيؤدي إلى صعود نسبي للفضة مقابل الذهب.
الأسواق تترقب وتذبذب في الأسعار
ورغم أن الفضة تُعد أحد الملاذات الآمنة في فترات التوتر، فإن الأسعار تراجعت أخيرًا عن أعلى مستوياتها في أسبوع، مسجلة 32.51 دولارًا للأونصة، بانخفاض قدره 0.74 دولار، بحسب تقرير مركز «الملاذ الآمن» المتخصص.
في الأسواق المحلية، شهدت أسعار الفضة استقرارًا ملحوظًا؛ إذ سجل جرام الفضة عيار 800 نحو 48.75 جنيهًا، وعيار 925 نحو 56.50 جنيهًا، فيما بلغ سعر الجنيه الفضة مستوى 452 جنيهًا.
السياسة الأمريكية والتجارة العالمية تلقيان بظلالهما
تأثرت السوق أيضًا بالأنباء عن اتفاق تجاري مرتقب بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، مما ساهم في تهدئة المخاوف الجيوسياسية مؤقتًا، وأدى إلى تراجع الطلب على المعادن النفيسة.
وفي الوقت نفسه، أعلن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير للاجتماع الثالث على التوالي، مشيرًا إلى أنه من المبكر تحديد ما إذا كان التضخم أو البطالة سيمثلان التحدي الأكبر خلال الفترة المقبلة.
الصين اللاعب الخفي في معادلة الفضة
لا يزال الطلب الفعلي من الصين يشكل ركيزة أساسية في دعم الفضة، بالنظر إلى موقعها كمركز رئيسي في سلاسل التوريد الصناعية ومستهلك أساسي للفضة في المجالات التقنية.
وتُعد أي تطورات في العلاقات التجارية بين الصين والولايات المتحدة، أو تحولات في السياسات الصناعية، من العوامل التي يمكن أن تعزز أو تُقوّض ثقة المستثمرين في هذا المعدن.
مستقبل الفضة
وأكد نجم الدين أن لا أحد يمكنه الجزم بمستقبل أسعار الفضة خلال السنوات الخمس المقبلة، مشيرًا إلى أن المسار مرهون بعدة عوامل منها: الطلب الصناعي، الابتكار التكنولوجي، السياسة النقدية، والاستقرار الجيوسياسي العالمي.