"إن آلة الحرب الإسرائيلية لم ترحم طفلًا ولا شيخًا".. هكذا تحدث السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال القمة العربية التي عُقدت أمس السبت في العاصمة العراقية بغداد، لتبقى هذه الكلمات شاهدًا على موقف مصر الراسخ تجاه القضية الفلسطينية، التي تمر بمرحلة من أشد مراحلها خطورة، وأكثرها دقة، في ظل تصاعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ أكثر من 19 شهرًا، وما قابله من تصعيد في الضفة الغربية.
الرئيس السيسي، أكد في خطابه الذي وصفه سياسيون بـ"الجريء"، أنه حتى لو نجحت إسرائيل في إبرام اتفاقيات تطبيع مع جميع الدول العربية، فإن السلام الدائم والعادل والشامل في الشرق الأوسط سيظل بعيد المنال، ما لم تقم الدولة الفلسطينية وفق قرارات الشرعية الدولية.

وجاءت هذه الكلمات من منطلق الثوابت التاريخية لمصر تجاه القضية الفلسطينية، التي تدعم حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، بما في ذلك حقه في البقاء على أرضه، حتى يتمكن من الحصول على كامل حقوقه من خلال إقامة دولته على حدود الرابع من يونيو 1967.
وشددت أحزاب سياسية على أن تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي بشأن القضية الفلسطينية في قمة بغداد ترتكز على ثوابت مصر التاريخية تجاه هذه القضية، التي تتمحور حول أنه لا حل لها إلا بتحقيق حل الدولتين.
مرتكزات تاريخية تدعم القضية الفلسطينية
بدوره، أكد جمال التهامي، رئيس حزب حقوق الإنسان والمواطنة، أن كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي، التي ألقاها أمس السبت بالقمة العربية، كانت "شاملة" لما تمر به منطقتنا العربية من تطورات، غير أن الشق الأكبر منها تركز حول القضية الفلسطينية.
وأضاف "التهامي" في حديث لـ"دار الهلال"، أن "الرئيس أكد في كلماته أنه لا حل للقضية الفلسطينية إلا حل الدولتين، ووقف الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، وشدد على رفض سياسة التجويع التي تنتهجها إسرائيل ضد المدنيين العزل، وعمليات الإبادة التي تُنفذ ضدهم".
وتابع: "كما أن الرئيس شدد على مسألة إعادة الإعمار في قطاع غزة، وفقًا للخطة الموضوعة"، مشيرًا إلى أن القمة شهدت إبداء بعض الدول عزمها على دعم عملية الإعمار.
وأوضح رئيس حزب حقوق الإنسان والمواطنة، أن كلمة مصر في القمة، والتي تمثلت فيما ألقاه الرئيس عبد الفتاح السيسي، كانت "جامعة مانعة".
ومن منطلق ما أشار إليه الرئيس من أن السلام لن يتحقق إلا بإقامة الدولة الفلسطينية، يؤكد "التهامي" أنه إذا لم تحل القضية الفلسطينية وفق ذلك، فإن الاستقرار سيظل بعيدًا عن الشرق الأوسط، موضحًا أن "أي حلول عدا ذلك فهي والعدم سواء".
وشدد على أن هذا الخطاب الرئاسي يأتي من منطلق ثوابت مصر التاريخية تجاه القضية الفلسطينية، والتي لن تتبدل أو تتغير، متابعًا:"مصر لن تسمح بتصفية هذه القضية أو بتهجير الفلسطينيين".
وأردف:"كما أنه يأتي من منطلق كون مصر زعيمة الدول العربية"، مؤكدًا أنه لولا تمسك الرئيس عبد الفتاح السيسي بحقوق الفلسطينيين لضاعت هذه القضية.
وعلاوة على ذلك، أشار إلى خطاب الرئيس وما أشار إليه من جرائم تنفذها إسرائيل سواء في قطاع غزة أو الضفة الغربية، كانت بمثابة رسالة واضحة للعالم، تؤكد أن سياسات المحتل الإسرائيلي خرجت عن كافة الأعراف والمواثيق الدولية، موضحًا أنه من خلال ذلك تخلق مصر موقفًا عالميًا داعمًا للقضية الفلسطينية وموقفها الداعم لها.
ولفت إلى أن ثمار ذلك بدأت تحصد على الصعيد العالمي، حيث يتضح ذلك من خلال رفض شعوب العالم لاستمرار الحرب على قطاع غزة، ومطالباتهم بوقفها بشكل فوري.
مصر تتحمل العبء
من جانبه، أكد حسن ترك، رئيس حزب الاتحادي الديمقراطي، أن خطاب الرئيس عبد الفتاح السيسي في القمة العربية، أمس، يأتي بما يتسق مع ثوابت مصر التاريخية تجاه القضية الفلسطينية.
وشدد "ترك" في حديث لـ"دار الهلال" على أن خطاب الرئيس رفض جرائم إسرائيل بحق الفلسطينيين العزل، بما فيها من قتل وتجويع، كما رفض أي محاولة لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم.
وأوضح أن هذا يأتي من منطلق كون عبء القضية الفلسطينية، التي تمر بمنعطف تاريخي جراء التطورات الراهنة، ملقى على عاتق مصر بمفردها، وهو ما يستلزم دعمًا شعبيًا لهذا الموقف.
وأضاف أن مصر لطالما كانت حريصة على تصدير القضية الفلسطينية إلى المحافل العالمية، فلا تترك مناسبة دولية متصلة بهذا الشأن إلا أكدت فيها على حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته.
وسلط الضوء على أن الرئيس كان حريصًا على دعوة الولايات المتحدة الأمريكية لتحمل مسؤولياتها، حيث طالب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالعمل على إنهاء الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، فضلًا عن العمل على تحقيق تسوية عادلة للقضية الفلسطينية.
وشدد على أن مصر بدأت تتخذ موقفًا أكثر حزمًا تجاه إسرائيل، بما يدفعها نحو وقف إبادتها في غزة، مستندًا في ذلك إلى التقارير التي تشير إلى أن القاهرة عطلت تعيين السفير المصري في تل أبيب، وعارضت تعيين سفير إسرائيلي جديد في القاهرة.
وأكد أن تحقيق استقرار دائم في الشرق الأوسط رهين بما أشار إليه الرئيس عبد الفتاح السيسي، وهو إقامة دولة فلسطينية، مشيرًا إلى أن ذلك يتأكد من خلال أن الحرب في قطاع غزة تبعها فتح إسرائيل جبهات في أكثر من تجاه، كلبنان وسوريا واليمن، ما يهدد استقرار المنطقة بأكملها.