أزمة قانون الإيجار القديم وصراع بين انتفاع بمقابل بخس وثروات عقارية معطلة ويجب التوضيح أن قانون الإيجار القديم هو قانون تأجير الأماكن وتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر وهو القانون رقم قانون 136 لسنة 1981 وتعديلاته.
والذي يحكم العلاقة الإيجارية للأماكن المؤجرة لغرض السكنى وظل قانون الإيجار القديم ما قبل عام 1996 هو الحاكم لعقود إيجار الأماكن حتى صدر قانون رقم 4 لسنة 1996 بشأن سريان أحكام القانون المدني على الأماكن التي لم يسبق تأجيرها والأماكن التي انتهت أو تنتهي عقود إيجارها دون أن يكون لأحد حق البقاء فيها.
وظل هذا الملف بما يحتوي على إشكاليات قانونية وموائمة مجتمعية حبيس الإدراج مراعاة للعديد من الأبعاد السياسية وظلت السلطة التشريعية تجاهل هذا الصدام المجتمعي حفاظا على اعتبارات مجتمعية عديدة جعلت الأزمة أكثر تعقيدا.
وعلى الرغم مما يمر به العالم من أزمة اقتصادية كانت أثارها أشد ولا شك على مصر نظرا لما تمر به من إصلاحات اقتصادية قبل تلك الأزمة، غير أن الواقع فرض الأزمة ومواجهتها دونما اختيار من قبل الدولة المصرية بعد أن صدر حكم المحكمة الدستورية في القضية رقم 177 لسنة 22 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية " الصادر في 9/11/2024 بعدم دستورية الفقرة الأولى من كل من المادتين (1، 2) من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، لتضع السلطة التشريعية المصرية أمام مسئولياتها لحل هذه الأزمة في ذلك الوقت تحديدا.
لأن الحكم جعل التزام قانوني على مجلس النواب بالانتهاء من قانون الإيجار القديم، لأن المحكمة الدستورية العليا عندما أصدرت حكمها بعدم دستورية المادة «1-2» من قانون 136 لسنة 1981، قالت إن المجلس أمامه لنهاية دور الانعقاد الحالي حتى يعتبر حكم المحكمة العليا نافذًا، تلقائيًا بعد انتهاء الفصل التشريعي مما يجعلنا أمام مواجهة حتمية لهذه الأزمة وإلا سيلجأ الملاك للمحاكم للحصول على أحكام فردية قد تؤدي إلى أزمة أكثر تعقيدا.
وبالتأكيد على ضرورة حل القضية بشكل متوازن، وأن يكون هناك تضافر وتنسيق بين الحكومة ومجلسي النواب والشيوخ للخروج بأفضل صيغة لهذا الملف، من خلال ورش عمل ودراسات للوصول إلى أفضل الحلول للطرفين المالك المتضرر على مدار عقود والمستأجر الذي ولا شك سيجد في التعديل أضرار بمصالحه، وكأن التعديل المزمع على قانون الإيجار القديم هو توزيع الضرر بين طرفي العلاقة باعتبار الأزمة الشائكة امن قومي أولى بالحماية من جميع الأطراف خاصة في ضوء اهتمام الرئيس بالملف وسعيه لحل الأزمة.
والأمر لا يتعلق إلا بعقود الإيجار ما قبل 1996 لأن العقود التي تم تحريرها بعد ذلك التاريخ تم فيها تحرير العلاقة بين المستأجر والمؤجر في ضوء أحكام القانون المدني وتم حل الأزمة نهائيا وهو الأمر الذي يجعل من تلك العقود التزاما على أصحابها وأطرافها دون أي تأثر بالتعديلات المزمعة على قانون الإيجار القديم.
ولا شك أن التعديلات ستتضمن على ما يضمن تحريك القيمة الإيجارية وعدم تأبيد العلاقة الإيجارية في ضوء الموائمة اللازمة مراعاة لاعتبارات عديدة تعلمها الدولة المصرية وتكفلها
ونرى أن السلطة التشريعية على الرغم من أنها ملتزمة بتطبيق مفاد الحكم الصادر بعدم دستورية بعض مواد القانون، إلا أنها لا رقيب عليها إن تجاوزت تلك التعديلات بتعديل مواد أخرى من القانون لأن الالتزام بتنفيذ الحكم لا يحد من سلطتها التشريعية المطلقة في إصدار القوانين والتشريعات والتعديل عليها وفق الحدود والضوابط العامة التي تحكمها .