الأربعاء 21 مايو 2025

ثقافة

بيت الحكمة بالشارقة يستعرض مسيرة 13 قرنًا لتراث الفن الإسلامي عبر معرض "فصول الفن الإسلامي"

  • 20-5-2025 | 14:46

إحدى مقتنيات المعرض

طباعة
  • دعاء برعي

يستعرض بيت الحكمة بالشارقة مسيرة 13 قرنًا من الاكتشافات والتدوين لتراث الفن الإسلامي من خلال معرض "فصول من الفن الإسلامي: أدب الرحلات"، الذي يأخذ الزوار في رحلة لتتبّع مراحل تطور علم الجغرافيا ورسم الخرائط، بدءاً من الرقاع اليدوية إلى الوسائل الرقمية الحديثة.

ويفتح المعرض نافذةً على عوالم وثّقها الرحالة المسلمون في مخطوطاتهم وكتبهم، مدفوعين بشغف الاكتشاف والفضول المعرفي، متنقلين بين الصحاري على ظهور الإبل أو عبر البحار، ومن خلال مخطوطات نادرة، وخرائط يدوية، ومشاهد دوّنها الرحالة بخط أيديهم، يتيح المعرض فرصة التعرّف إلى رحلات ابن بطوطة التي امتدت لأكثر من ثلاثة عقود، ويوميات ابن جبير التي وثّق فيها مشاهداته في القدس ومصر والحجاز ونجد والعراق، كما يتتبّع التصورات الجغرافية لدى اليعقوبي، ويسلّط الضوء على إسهامات ابن ماجد في علم الملاحة، الذي اعتمد على النجوم كوسيلة لتحديد الاتجاهات في أعالي البحار.

 

ويعود المعرض بالزوار إلى القرن الثاني عشر الميلادي، حيث عبقرية الجغرافي المسلم الشريف الإدريسي في خريطته "المقلوبة" الشهيرة، التي وضع فيها الجنوب في الأعلى والشمال في الأسفل، تماشياً مع التقليد السائد آنذاك، والذي كان يُعلي من شأن مكة ويجعلها مركز العالم.

 لم تكن الخريطة مجرّد عمل فني أو جغرافي، بل مشروعاً طموحاً كُلِّف به الإدريسي من قِبل الملك روجر الثاني، حاكم صقلية، بهدف رسم صورة دقيقة للعالم المعروف آنذاك، فأصبحت خريطة الإدريسي من أعظم الإنجازات الكارتوغرافية في العصور الوسطى، لما قدمته من تفاصيل مذهلة أهّلتها لتكون واحدة من أولى المحاولات العلمية لرسم العالم على أسس منهجية، ليرصد من خلال ذلك التحولات الكبرى في فن رسم الخرائط، من القرن الرابع عشر حتى السادس عشر، حيث بدأ الاتجاه الجغرافي ينقلب نحو الشمال، متأثراً بترجمة كتاب "الجغرافيا" لبطليموس، واكتشافات كولومبوس وفاسكو دا غاما وغيرهما من الرحالة الأوروبيين.

أما من القرن السادس عشر حتى التاسع عشر، فيستعرض المعرض تطور أدوات القياس الدقيقة مثل التلسكوبات والمزولات الزاويّة والكرونومترات البحرية وتأثيرها على إحداث نقلة نوعية في دقة الخرائط، حتى نصل لدخول القرن العشرين، حيث شهد علم الخرائط طفرة جديدة مع التصوير الجوي، وتقنيات الاستشعار عن بُعد، والأقمار الاصطناعية التي قدمت أولى الصور الكاملة لكوكب الأرض من الفضاء، وبفضل ظهور نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، دخلت البشرية عصر الخرائط الرقمية، التي أصبحت أداة حيوية في التخطيط الحضري، ومراقبة التغيرات البيئية، وتعزيز التواصل بين دول العالم.

 

مع بداية القرن الحادي والعشرين، شكّلت محركات "جوجل إيرث" ونظم المعلومات الجغرافية "GIS" ذروة التطور في الجغرافيا، ونقلت علم الخرائط من المشاهدة العينية إلى العالم الرقمي المستند إلى صور الأقمار الاصطناعية، وتقنيات المسح الضوئي "ليدار"، التي تستخدم الليزر النابض لقياس النطاقات والمسافات المتغيرة بالنسبة للسطح، وتقدم نماذج ثلاثية الأبعاد لسطح الأرض، بالإضافة إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي التي ساعدت على تحليل البيانات.

هذا التطور الهائل فتح آفاقاً جديدة لاستكشاف العالم، وحوّل الجغرافيا إلى مادة معرفية في متناول جميع أفراد المجتمعات ولم تعد حكراً على الجغرافيين، وأتاحت محركات "جوجل إيرث" للمستخدمين إمكانية تعديل اتجاه الخريطة نحو الجنوب، بنفس المنهجية التي تبناها الإدريسي في خريطته في القرن الـ12 الميلادي، فتحول الاستكشاف من رحلة مادية، إلى تجربة رقمية تمتد إلى ما وراء الحدود، وتفتح الأبواب إلى عوالم جديدة من المعرفة.

يستمر معرض "فصول من الفن الإسلامي: أدب الرحلات" في بيت الحكمة حتى 5 يوليو، ليسلط الضوء على إبداعات أشهر الرحالة والجغرافيين ورسامي الخرائط في العصر الذهبي للعلوم وغيره من العصور، وذلك من خلال أربعة أقسام تركز على علم المسالك والممالك؛ وخرائط الإدريسي الشهيرة؛ والأدوات الملاحية القديمة؛ وأدب الرحلات في العصر الحديث، بالتعاون مع إدارة الدكتور سلطان القاسمي؛ وهيئة الشارقة للمتاحف؛ ودار المخطوطات في إمارة الشارقة؛ ومركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية بالمملكة العربية السعودية.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة