تواجه المفاوضات الأمريكية الإيرانية مصيرًا غير واضح، في ظل عدم الإعلان عن موعد الجولة الخامسة من المحادثات بين الجانبين بشأن البرنامج النووي الإيراني، بعد تداول أنباء عن إلغائها، إلا أن طهران نفت ذلك، لكن تصريحات الجانبين تشير إلى فجوة كبيرة في المواقف.
الجولة الخامسة من المفاوضات الأمريكية الإيرانية
وتداولت بعض التقارير الإعلامية الإيرانية والأجنبية، أنباء بشأن إلغاء إيران الجولة المقبلة من المفاوضات غير المباشرة مع الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أن وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية "إرنا"، نفت ذلك، ونقلت عن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، تأكيده أن موقف بلاده النهائي لم يتخذ بعد.
ووفقا لوكالة الأنباء الإيرانية، أكد بقائي أنه "لم يتم اتخاذ القرار النهائي بعد بشأن الجولة المقبلة من المفاوضات، وتقوم الجمهورية الإسلامية الإيرانية حاليا بدراسة الأمر، مع الأخذ في الاعتبار المواقف المتناقضة والمتغيرة باستمرار للجانب الأمريكي".
فيما أكد مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون القانونية والدولية، كاظم غريب آبادي، أن بلاده "تلقينا اقتراحا بشأن الجولة القادمة من المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة، وهو قيد الدراسة".
وكانت الجولة الأخيرة من المفاوضات، عقدت يوم الأحد 11 مايو الجاري، في العاصمة العمانية مسقط، حيث عقدت الجولة الرابعة من المحادثات غير المباشرة بين طهران وواشنطن، بعد ثلاث جولات من المحادثات عقدت خلال الأسابيع الماضية منذ 12 أبريل الماضي، في سلطنة عمان وإيطاليا.
حيث أكد "عراقجي، في تصريحات له، قبل جولة المفاوضات الأخيرة، أن المواقف المتناقضة للولايات المتحدة إحدى المشاكل الخطيرة التي تواجهها المحادثات، مُؤكّداً أن التخصيب حقّ لإيران ولن تتراجع عنه، وأن هذا الأمر غير قابل للتفاوض.
واستمرت الجولة الأخيرة نحو ثلاث ساعات، ووصفها المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، بأنها كانت "مفاوضات صعبة ولكنها مفيدة لفهم مواقف بعضنا البعض بشكل أفضل وإيجاد طرق معقولة وواقعية لحل القضايا المتنازع عليها"، مضيفًا: "سيتم الإعلان عن موعد ومكان الجولة المقبلة من المحادثات من قبل سلطنة عمان كوسيط للمفاوضات".
وتؤكد طهران، عبر مسؤوليها، عزمها على "مواصلة حقوقها القانونية وغير القابلة للتصرف في الاستخدام السلمي للطاقة النووية بموجب معاهدة حظر الانتشار النووي، وفي الوقت نفسه فهي مستعدة بالكامل لمواصلة مشاركتها الدبلوماسية لضمان "الطبيعة السلمية" لبرنامجها النووي التي أثبتتها سابقاً"، وفقا لما أكده متحدث الخارجية الإيرانية.
وفي أحدث تصريحات له، أعرب المرشد الإيراني، آية الله علي خامنئي عن شكوكه في أن تُفضي المحادثات النووية مع الولايات المتحدة إلى اتفاق جديد، قائلاً إن الأخيرة قدمت ما وصفه بـ "مطالب مبالغ فيها وفاضحة" بشأن تخصيب اليورانيوم، مضيفًا: "لا نعتقد أنها ستؤدي إلى أي نتيجة. لا نعرف ما سيحدث".
وأكد خامنئي، في حفل تكريم الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي، أن المحادثات النووية في عهد حسن روحاني لم تُحقق نتائج، وأنه لا يعتقد أن أي تقدم سيتحقق في عهد الرئيس الحالي مسعود بزشكيان، قائلاً: "على الجانب الأمريكي في هذه المحادثات غير المباشرة تجنب التصريحات غير المنطقية".
وأضاف: "إن القول إنهم لن يسمحوا لإيران بالتخصيب خطأ فادح. لا أحد ينتظر إذنهم".
وأكد المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف، في مقابلة مع شبكة ABC News يوم الأحد: "لا يمكننا السماح حتى بنسبة 1% من قدرة التخصيب. لقد قدمنا مقترحًا للإيرانيين نعتقد أنه يعالج بعض هذه المسألة دون المساس بهم"، مضيفًا: "نريد التوصل إلى حل هنا. ونعتقد أن ذلك سيمكننا من ذلك".
وأضاف أن "لكن كل شيء يبدأ من وجهة نظرنا باتفاق لا يشمل التخصيب. لا يمكننا قبول ذلك. لأن التخصيب يُمكّن من التسلح، ولن نسمح بوصول قنبلة نووية إلى هنا".
ورد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي محذرًا ويتكوف: "التوقعات غير الواقعية تُوقف المفاوضات، التخصيب في إيران أمر لا يمكن إيقافه"، مضيفًا: "أعتقد أنه بعيد كل البعد عن حقيقة المفاوضات".
ترامب يحذر طهران
وفي آخر تصريحات له الأسبوع الماضي، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن إيران وافقت "نوعًا ما" على شروط الاتفاق بعد أربع جولات من المحادثات بوساطة عُمانية.
وانسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين إيران والقوى العالمية خلال ولاية ترامب الأولى في مايو 2018، فيما حذر ترامب، إيران من أنها قد تواجه عملاً عسكريًا أمريكيًا وإسرائيليًا إذا لم تنجح المحادثات.
وبموجب الاتفاق النووي الذي أبرمته إيران عام 2015 مع إدارة الرئيس الأمريكي آنذاك باراك أوباما، بالإضافة إلى المملكة المتحدة وفرنسا والصين وروسيا وألمانيا، حُدِّدت أنشطتها النووية وسمحَت بعمليات تفتيش من قِبَل الوكالة الدولية للطاقة الذرية مقابل تخفيف العقوبات، ووفقا للاتفاق لم يُسمح لإيران إلا بتخصيب اليورانيوم بنسبة نقاء تصل إلى 3.67%، وهو ما يمكن استخدامه لإنتاج وقود لمحطات الطاقة النووية التجارية.
في فبرايرالماضي، حذّرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية من أن إيران قد خزّنت ما يقرب من 275 كيلوجرامًا من اليورانيوم المخصب بنسبة نقاء 60%، وهي نسبة قريبة من درجة صنع الأسلحة.