أكد الدكتور أحمد مصطفى، أستاذ إدارة الأعمال والخبير الاقتصادي، أن السيناريو الأرجح في اجتماع لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري المقرر يوم الخميس القادم هو الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير، وذلك بعد سلسلة من القرارات الجريئة التي اتخذها البنك منذ بداية عام 2024.
وأشار مصطفى خلال حديثة لبوابة "دار الهلال"، إلى أن هذه القرارات، التي شملت رفع أسعار الفائدة وتحرير سعر الصرف، ساهمت في تهدئة معدلات التضخم نسبياً، واستعادة مستويات معينة من السيولة الأجنبية من خلال اتفاقات تمويلية وصفقات استثمارية مباشرة. فعلى سبيل المثال، سجل معدل التضخم العام في الحضر تراجعًا طفيفًا إلى نحو 13.9% في أبريل 2025 مقارنة بـ 13.6% في مارس، مما يعكس بداية استجابة نسبية للسياسة النقدية الانكماشية التي انتهجها البنك المركزي.
وأكد أن مستويات التضخم ما تزال مرتفعة وتتطلب استمرار الحذر النقدي، مشيرًا إلى ارتفاع التضخم الأساسي الصادر عن البنك المركزي إلى 10.4% مقابل 9.4% في الشهر السابق، وهو مؤشر على استمرار الضغوط السعرية في قطاعات مختلفة.
وأضاف الدكتور مصطفى أن التثبيت المتوقع لأسعار الفائدة يستند أيضًا إلى استقرار نسبي في سوق الصرف، بعد تجاوز الدولار حاجز 50 جنيهاً وثباته عند مستوى 50.05 جنيهاً في الوقت الحالي، بالإضافة إلى التحسن الملحوظ في أرصدة الاحتياطي الأجنبي التي بلغت نحو 48.14 مليار دولار في نهاية أبريل، وهو أعلى مستوى منذ سنوات بدعم من تدفقات تمويلية من صندوق النقد الدولي وصندوق أبو ظبي السيادي، إلى جانب الصفقات الاستثمارية الكبيرة في محور قناة السويس.
وأكد أن تثبيت أسعار الفائدة يتماشى مع الحاجة إلى دعم النشاط الاقتصادي المتباطئ، الذي أظهرته مؤشرات القطاع الخاص غير النفطي، والذي لا يزال يعاني من ضعف الطلب المحلي وارتفاع تكلفة التمويل. كما أشار إلى رغبة البنك المركزي في تقييم الأثر الكامل لقراراته السابقة قبل اتخاذ أي تحرك جديد.
وبناءً على هذه العوامل، قال الدكتور مصطفى إن التثبيت هو السيناريو المرجح بنسبة تزيد عن 70%، مع احتمالية ضعيفة لرفع طفيف للفائدة بمقدار 100 نقطة أساس في حال قرر البنك المركزي تشديد السياسة النقدية لضمان استمرار مسار التضخم النزولي، خصوصًا مع استمرار الضغوط السعرية على السلع والخدمات الأساسية.
كما استبعد السيناريو الخاص بخفض أسعار الفائدة، مؤكدًا أن أي خفض محتمل سيكون محدودًا ولن يتجاوز 100 نقطة أساس (1%) كحد أقصى، مشير إلى أن هذا الخيار غير مرجح حاليًا، لأن خفض الفائدة قد يقوض استقرار الجنيه ويؤثر سلبًا على تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية، خاصة في ظل ارتفاع أسعار الفائدة عالميًا.
وأوضح أن تأثير خفض الفائدة على النشاط الاقتصادي سيكون محدودًا نظرًا لاستمرار ضعف الطلب المحلي وتراجع القوة الشرائية نتيجة موجات التضخم.
وأوضح الدكتور مصطفى أن خفضًا طفيفًا قد يكون مبررًا إذا استمرت معدلات التضخم في التراجع بثبات خلال الأشهر القادمة مع استقرار سوق الصرف وزيادة الثقة في التزامات الدولة التمويلية، شريطة أن يُبنى القرار على بيانات قوية تُثبت استقرار الأسعار وقدرة الأسواق على استيعاب الأثر دون ضغوط إضافية على العملة المحلية.
وأكد أن السيناريو الأكثر توازنًا هو الإبقاء على أسعار الفائدة عند مستوياتها الحالية، والتي تبلغ 25% للإيداع، و26% للإقراض، و25.5% لسعر العملية الرئيسية وسعر الائتمان والخصم، مع استمرار تقييم المؤشرات الاقتصادية والنقدية بدقة خلال الربع الثالث من العام لتحديد اتجاه السياسة النقدية في الاجتماعات المقبلة.