بانتهاء الولايات المتحدة الأمريكية من رفع كافة العقوبات عن دمشق، وهو الأمر الذي يتم تنفيذه بأمر من الرئيس دونالد ترامب، تكون قد انتهت حقبة امتدت لـ 46 عامًا من حصار الاقتصاد السوري بفعل العقوبات الغربية، التي طالت البلاد في عهد الأسد الأب والابن.
تاريخ العقوبات الغربية على سوريا
وفرضت أولى العقوبات على سوريا قبل نحو 46 عامًا، تحديدًا في عام 1979، وذلك على خلفية اتهامات وجهت لنظام الرئيس حافظ الأسد بدعم الإرهاب، إضافة إلى التدخل العسكري في لبنان، حيث أدرجتها الولايات المتحدة على قائمة الدول الراعية للإرهاب.
بينما فرضت الدول الأوروبية، أولى عقوباتها على سوريا في عام 1986، وذلك حين قررت المجموعة الاقتصادية الأوروبية فرض حزمة من العقوبات على دمشق شملت حظرًا على بيع أسلحة جديدة، وحظرًا على الزيارات رفيعة المستوى.
هذا بالإضافة إلى مراجعة موظفي السفارة والقنصليات، وتدابير أمنية صارمة فيما يتصل بالخطوط الجوية العربية السورية، غير أن هذه التدابير رُفعت في عام 1994.
وفي عام 2000، توفي الرئيس حافظ الأسد، حيث خلفه نجله "بشار"، الذي سيجني للبلاد من العقوبات الغربية، أضعاف أضعاف ما جني والده، لا سيما في الفترة التي أعقبت اندلاع الثورة السورية في عام 2011.
في عام 2004، فرضت أولى العقوبات الأمريكية على سوريا في عهد الابن، وذلك بعد أن أقرّت الولايات المتحدة ما عرف بـ "قانون محاسبة سوريا واستعادة السيادة اللبنانية"، بهدف إنهاء الوجود السوري في الأراضي اللبنانية، فضلًا عن معاقبة نظام الأسد على تسهيل عبور المقاتلين والأسلحة من سوريا إلى العراق خلال الغزو الأميركي.
وبموجب قانون مكافحة الإرهاب الأمريكي باتريوت، توسعت العقوبات الأمريكية على سوريا، في عام 2006، لتمتد للقطاع المصرفي السوري، حيث استهدفت بشكل مباشر البنك التجاري السوري.
العقوبات ما بعد الثورة
بعد أيام قليلة من اندلاع الثورة السورية في عام 2011، فرضت الولايات المتحدة أولى عقوباتها على سوريا، بإصدار الرئيس الأمريكي باراك أوباما أمرًا تنفيذيًا بتجميد ممتلكات المتورطين في انتهاكات قمع المتظاهرين.
أعقب ذلك أيضًا فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على سوريا، خاصة فيما يتعلق بالسلع التي يمكن استخدامها لقمع المدنيين.
وفي ذات العام، فرضت الولايات المتحدة حظرًا على قطاع النفط، وتجميد الأصول المالية لعدد من الشخصيات، وذلك إلى جانب الأصول المالية للدولة السورية نفسها.
كما حظرت الولايات المتحدة تصدير السلع والخدمات الآتية من أراضي الولايات المتحدة أو من شركات أو أشخاص من الولايات المتحدة إلى سوريا، حيث يتعلق هذا الحظر بأي منتج يأتي على الأقل 10 في المائة من القيمة من الولايات المتحدة أو من مواطنيها، بينما حظر الاتحاد الأوروبي قطاع النفط السوري.
وجاء عام 2012، ليضع الاتحاد الأوروبي تدابير جزاءات أخرى تتعلق بقطاع الطاقة، وإمدادات الأسلحة، والقطاع المالي في سوريا، بجانب قطاع التعدين.
كذلك جمّد الاتحاد الأوروبي الأصول المالية لـ120 من المسؤولين أو المؤسسات السورية، وأصبح لا يمكنهم السفر إلى الاتحاد الأوروبي، حيث شمل ذلك الرئيس بشار الأسد، والمصرف المركزي السوري وعدة وزراء.
وتبع ذلك، فرض حظر على تجارة السلع الكمالية مع سوريا، بجانب عدد من المنتجات التجارية، وفي الوقت نفسه، عزز الاتحاد الأوروبي تدابير القيود المفروضة على سوريا في مجالات التسلح وإنفاذ القانون ومراقبة الاتصالات السلكية واللاسلكية.
ومن جانبها، قامت الولايات المتحدة في هذا العام (2012)، بفرض عقوبات إضافية على الأفراد والشركات الأجنبية التي تحاول التهرب من العقوبات الأمريكية على سوريا.
وإلى عام 2017، حيث فرضت الولايات المتحدة تجميدًا ماليًا وحظرًا للسفر إلى الخدمات المالية ضد 270 موظفًا حكوميًا تابعًا للحكومة السورية في أعقاب هجوم خان شيخون الكيميائي، الذي أوقع 500 شخص ما بين قتيل ومصاب.
رفع العقوبات
وبعد سقوط نظام بشار الأسد نهاية العام الماضي، دعت القياد السورية الجديدة الدول الغربية إلى رفع العقوبات عنها، بما يخدم تحقيق الاحتياجات العاجلة للشعب السوري.
وفي ضوء ذلك، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الشهر الحالي، عزمة رفع العقوبات المفروضة على سوريا، لمنحها فرصة للنمو والتطور، فيما أكدت وزارة الخارجية الأمريكية، أنها تعمل بشكل مكثف لرفع العقوبات عن دمشق في أقرب وقت.
فيما قرر الاتحاد الأوروبي قبل نحو ثلاثة أشهر رفع العقوبات عن سوريا في قطاعات الطاقة والنقل، فضلًا عن أربعة بنوك سورية وشركة الخطوط الجوية السورية، والثلاثاء الماضي، أكد أنه قرر رفع كافة العقوبات عن سوريا.
وتؤكد الحكومة السورية أن من شان قرارت رفع العقوبات أن تدعم انتقال البلاد نحو مستقبل قائم على الاستقرار وحقوق الإنسان والانتعاش الاقتصادي والتعاون الدولي.