24-5-2025 | 12:54
نانيس جنيدي
في مثل هذا اليوم من عام 1972، رحل إسماعيل ياسين، وترك خلفه تراثًا من الضحك الصافي لا يزال يتردد في بيوت المصريين حتى الآن. لم يكن مجرد ممثل كوميدي، بل كان حالة فنية فريدة، خُلقت لتُضحك، وتُواسي، وتُعبّر عن الإنسان البسيط في كل زمان ومكان.
بدأ إسماعيل ياسين مشواره كمونولوجيست، يتنقّل بين مسارح القاهرة الصغيرة، يلقي النكات ويلعب بالكلمات، ويغني للسخرية من الواقع. لم تكن وسامته لافتة، ولا صوته طربيًا، لكنه امتلك كاريزما خفية جعلت الجمهور يلتفت إليه، ويطلب المزيد. وعندما اقتحم عالم السينما، لم يستغرق وقتًا طويلًا حتى تحوّل من مجرد "سنيد" إلى نجم شباك، يحمل اسم الفيلم وحده، ويكفيه اسمه على الأفيش لجذب الجماهير.
كانت تجربته في سلسلة الأفلام التي حملت اسمه تجربة نادرة في السينما المصرية. "إسماعيل ياسين في الجيش"، "في البوليس"، "في الطيران"، كلها أعمال رسّخت صورته في الوجدان المصري، خصوصًا في فترة كان الوطن يبحث عن بطل قريب من الناس، يشبههم، يخطئ ويضحك ويبكي مثلهم. وبحنكته الفنية، قدم تلك الصورة دون ابتذال، فجاءت محببة، خفيفة، وتعيش حتى اليوم.
ورغم شهرته الواسعة، لم يكن إسماعيل ياسين نجمًا مترفًا. عانى في سنواته الأخيرة من تراجع الأضواء، وأزمات مالية طاحنة، وحتى جحود البعض ممن صنع معهم أمجاده. لكنه لم يشكُ، ولم يظهر بمظهر الضحية، بل ظل محتفظًا بكرامته، وضحكته التي خبأت وجعًا كبيرًا.
بعد أكثر من خمسين عامًا على رحيله، لا يزال اسمه يملأ الشاشات، وإفيهاته تُتداول بين الأجيال، ومشاهده تُستخدم في ميمات السوشيال ميديا كأنها كُتبت اليوم. لم يمت إسماعيل ياسين، لأنه لم يكن مجرد فنان... بل كان ضحكة وطن، لا تغيب.
---