أعلن الملياردير الأمريكي إيلون ماسك عن مغادرة منصبه في البيت الأبيض ضمن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فى قيادة وزارة "كفاءة الحكومة"، التي أطلقها ترامب، بعد أن قاد حملةً مضطربةً خلال 130 يومًا، اتخذ خلالها عددًا من القرارات التي قلبت العديد من الوكالات الفيدرالية رأسًا على عقب بتسريح الآلاف من الموظفين، لكنه فشل في النهاية في تحقيق الوفورات التي سعى إليها، بينما تزامنت مغادرته البيت الأبيض مع انتقاده العلني لمشروع ترامب بشأن الضرائب.
إيلون ماسك يغادر إدارة ترامب
وفي وقت سابق من أمس الأربعاء، وجّه ماسك الشكر عبر منصته الاجتماعية "X" للرئيس دونالد ترامب مع اقتراب انتهاء فترة عمله كموظف حكومي خاص في وزارة كفاءة الحكومة، وذلك في مغادرة سريعة لمنصبه، حيث صرح مسؤول في البيت الأبيض لرويترز في وقت متأخر من أمس الأربعاء بأن "مغادرته بدأت الليلة الماضية".
جاء قرار ماسك بعد يومٍ من انتقاده لمشروع قانون الضرائب الضخم الذي طرحه ترامب، واصفًا إياه بأنه مكلف للغاية وإجراءٌ من شأنه أن يُقوّض عمله مع منصبه الحكومي في وزارة كفاءة الحكومة الأمريكية.
ونقلت وسائل إعلام أمريكية أن هذه التصريحات أثارت استياء بعض كبار مسؤولي البيت الأبيض، بمن فيهم نائب رئيس الأركان ستيفن ميلر، واضطر البيت الأبيض إلى الاتصال بأعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين لتأكيد دعم ترامب للحزمة.
تراجع شعبية ماسك
في حين لا يزال ماسك قريبًا من ترامب، لكن خروجه من الحكومة الأمريكية يأتي بعد تراجع تدريجي في شعبيته، حيث برز الملياردير بعد تنصيب ترامب، في يناير الماضي، بسرعة كقوة مؤثرة وغير مقيد بالأعراف التقليدية.
ففي مؤتمر العمل السياسي المحافظ في فبراير الماضي، لوّح بمنشار كهربائي أحمر معدني وسط هتافات حماسية، وقال حينها: "هذا هو المنشار الكهربائي للبيروقراطية".
كذلك خلال حملته الانتخابية، صرّح ماسك بأن الوزارة الجديدة ستكون قادرة على خفض ما لا يقل عن تريليوني دولار من الإنفاق الفيدرالي، ووفقا لتقديرات أمريكية فإن وزارة كفاءة الحكومة وفرت 175 مليار دولار حتى الآن، وهو رقم تقريبي وليس مؤكدًا.
وفي محاولة لتقليص القوى العاملة الفيدرالية، توقع أن إلغاء امتياز العمل عن بُعد في عصر كوفيد سيؤدي إلى "موجة من عمليات إنهاء الخدمة الطوعية التي نرحب بها"، وقال في نوفمبر الماضي إن إلزام الموظفين الفيدراليين بالحضور إلى مكاتبهم خمسة أيام في الأسبوع سيؤدي إلى موجة من عمليات الفصل الطوعي التي نرحب بها: إذا لم يرغب الموظفون الفيدراليون بالحضور ينبغي لدافعي الضرائب الأمريكيين أن يدفعوا لهم ثمن امتياز البقاء في المنزل في عصر كوفيد.
كذلك اصطدم ماسك بثلاثة من كبار أعضاء مجلس وزراء ترامب، وهم وزير الخارجية ماركو روبيو، ووزير النقل شون دافي، ووزير الخزانة سكوت بيسنت، كما وصف مستشار ترامب التجاري، بيتر نافارو، بأنه "أحمق وأغبى من كيس من الطوب".
و صرح ماسك لصحيفة واشنطن بوست هذا الأسبوع: "وضع البيروقراطية الفيدرالية أسوأ بكثير مما كنت أعتقد. ظننتُ أن هناك مشاكل، لكن من المؤكد أنها معركة شاقة لتحسين الأوضاع في العاصمة، على أقل تقدير".
لكن في أبريل الماضي، بدأ ماسك يُلمح إلى أن فترة ولايته في الحكومة ستنتهي، معربًا في بعض الأحيان عن إحباطه لعدم قدرته على خفض الإنفاق بشكل أكثر صرامة، ففي مؤتمر هاتفي مع شركة تسلا في 22 أبريل، أشار ماسك إلى أنه سيقلص عمله الحكومي بشكل كبير للتركيز على أعماله، وهو ما ألمح إليه ترامب، حيث قال وفقاً لما أفادت به شبكة NBC نيوز في تصريح لأعضاء حكومته، أن ماسك سيغادر منصبه الإداري في الأشهر المقبلة.
وقال مسؤول حكومي رفيع حينها، إن ماسك سيغادر في نهاية فترة عمله التي تبلغ 130 يوماً كموظف حكومي خاص، وبدأ ماسك في 20 يناير الماضي، مهلته وكان متوقعًا أن يغادرها مع نهاية مايو الجاري.
وبعد مغادرة ماسك، أكدت الإدارة الأمريكية أن جهود وزارة كفاءة الحكومة لإعادة هيكلة الحكومة الفيدرالية وتقليص حجمها ستستمر، حيث قال ماسك: "ستتعزز مهمة الوزارة بمرور الوقت، حيث ستصبح أسلوب حياة في جميع أنحاء الحكومة".
انتقاد ترامب
وكان أحدث مصدر للخلاف وقع أول أمس، عندما انتقد ماسك تكلفة تشريعات الضرائب والميزانية التي طرحها الجمهوريون والتي طرحت في الكونجرس، حيث قال ماسك لشبكة سي بي إس نيوز: "لقد شعرت بخيبة أمل لرؤية مشروع قانون الإنفاق الضخم، والذي يزيد من عجز الميزانية، وليس فقط يقلله، ويقوض العمل الذي يقوم به فريق وزارة الطاقة والموارد الطبيعية".
وقال أحد المصادر –وفقا لوكالة رويترز للأنباء- إن قرار الملياردير برفض مشروع قانون ترامب على التلفزيون أثار استياءً بالغًا لدى كبار مساعدي البيت الأبيض، وذلك بعد أن دعاه بعض المستثمرين إلى ترك عمله كمستشار لترامب، والاهتمام بشكل أكبر بإدارة شركة تيسلا، التي شهدت انخفاضًا في مبيعاتها وأسعار أسهمها.
وبعد أن أنفق ما يقرب من 300 مليون دولار لدعم حملة ترامب الرئاسية وحملات الجمهوريين الآخرين العام الماضي، صرّح في بأنه سيخفض إنفاقه السياسي بشكل كبير في المستقبل، قائلا في منتدى قطر الاقتصادي قبل أيام: "أعتقد أنني فعلت ما يكفي".