احتضنت القاهرة فعاليات الدورة الثانية من مؤتمر الجمعية المصرية الأفريقية لأمراض القلب، بمشاركة رفيعة المستوى من كبار الأطباء والمتخصصين من مصر وأكثر من عشر دول أفريقية، ومجموعة كبيرة من السفراء.
ويأتي هذا الحدث الطبي البارز، الذي تنتهي فعالياته اليوم، في إطار رؤية شاملة لتعزيز التعاون العلمي والتدريبي بين دول القارة، ويعكس في الوقت نفسه القوة الناعمة لمصر في المجال الصحي، ودورها التاريخي والمستمر كمنارة طبية على مستوى القارة السمراء، ولتأكيد مكانتها الإقليمية وتوسيع دائرة التأثير الإنساني والعلمي في محيطها الأفريقي.
وشهدت الجلسة الافتتاحية عرض فيلم تسجيلي يستعرض أنشطة الجمعية المصرية الأفريقية لأمراض القلب في تنزانيا وأوغندا، وفيلم تسجيلي آخر عن مجهودات الجمعية على مر السنوات السابقة وحتى الآن، كما أعلن منظمو المؤتمر عن خطة مستقبلية تهدف إلى تعزيز التعاون في البرامج الطبية والبحثية بين مصر ودول القارة الأفريقية في مجال أمراض القلب، وتم التأكيد خلال الجلسة على التزام القيادة السياسية المصرية بدعم هذا النوع من الشراكات النوعية التي تسهم في تعزيز الصحة العامة في أفريقيا.
وفي كلمته الافتتاحية، أكد الدكتور حازم خميس، أستاذ أمراض القلب والرئيس الشرفي للجمعية المصرية الأفريقية لأمراض القلب: إن انعقاد هذا الحدث يمثل تجسيدًا حقيقيًّا لفلسفة التكامل الإقليمي بين مصر والدول الأفريقية، وهو ليس مجرد مناسبة علمية، بل مشروع استراتيجي متكامل يجمع بين التدريب العملي، والبعثات الطبية، والعمليات الجراحية المعقدة، ونقل الخبرات المصرية إلى الأشقاء في أفريقيا.
وقال الدكتور خميس ان المؤتمر يعكس التزام مصر الحقيقي بأفريقيا، من خلال العمل الميداني الفعّال . فقد نفذنا عمليات قسطرة وجراحات قلب معقدة كثيرة في تنزانيا وأوغندا، ونضع اللمسات الأخيرة على خطط توسع مماثلة في نيجيريا وكينيا والكونغو".
وأوضح أن الجمعية التي يرأسها نفّذت مؤخرًا اتفاقية تعاون مع الجانب التنزاني، شملت إجراء عشرات العمليات لقسطرة ناجحة لحالات معقدة، مع بدء برنامج تدريبي شامل لأطباء تنزانيين في الجامعات المصرية.
ومن جانبه، أكد الدكتور أحمد أشرف عيسى، رئيس الجمعية المصرية الأفريقية لأمراض القلب وأستاذ القلب بأكاديمية أمراض الجراحات بكلية طب عين شمس، أن الجمعية تطمح لأن تكون منصة إقليمية فاعلة في دعم التخصصات الدقيقة في أمراض القلب، وقد بدأت بالفعل تنفيذ عمليات في تنزانيا وزنجبار ودار السلام، وتسعى لتوسيع نشاطها في مزيد من الدول.
وشدد على أن الجمعية تعمل وفق رؤية علمية دقيقة تهدف إلى دعم البحث والتخصص، مع تركيز خاص على أمراض القلب لدى الرياضيين.
وأضاف:"أطلقنا مبادرة 'سبورتيفيا' للوقاية من حالات الوفاة المفاجئة لدى الرياضيين، وهي إحدى المبادرات النوعية في هذا المجال. كما قمنا بإجراء عمليات قسطرة في تنزانيا وزنجبار ودار السلام، ونحن الآن نعمل على توسيع هذا النشاط ليشمل أوغندا وكينيا".
وأشار عيسى إلى أن الجمعية تستفيد من دعم مباشر من الدولة المصرية ومؤسساتها، وخاصة وزارتي الصحة والخارجية.
وبدوره ، قال السفير أشرف إبراهيم، الأمين العام لوكالة الشراكة من أجل التنمية بوزارة الخارجية، والمسؤول البارز عن التعاون الدولي الأفريقي: إن المرحلة الحالية تشهد نقلة نوعية في أدوات التعاون المصري الأفريقي في القطاع الصحي، وأن وزارة الخارجية، عبر الوكالة، تعمل بالشراكة مع الجمعية الطبية على تنفيذ قوافل طبية ومشروعات طويلة الأجل.
وأشار إلى أن من بين هذه المشاريع إنشاء مراكز متخصصة لجراحات القلب في الكونغو، ومراكز لعلاج أمراض الكلى في أوغندا، ونخطط لتوسيع المبادرات إلى كينيا ورواندا خلال الفترة المقبلة.
وأكد أن هذه الجهود تأتي في إطار رؤية متكاملة للدبلوماسية الصحية، التي أصبحت ركيزة من ركائز السياسة الخارجية المصرية.
وشاركت كذلك في فعاليات الدورة الثانية من مؤتمر الجمعية المصرية الأفريقية لأمراض القلب، الدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة والسكان السابقة، حيث أكدت أن دور مصر في الصحة الأفريقية نابع من التزام إنساني حقيقي، وليس فقط دور رسمي أو دبلوماسيًّ.
وقالت: "زرت أكثر من 20 دولة أفريقية خلال مهام رسمية وطبية، ورأيت بنفسي احتياج هذه الدول إلى دعم نوعي في القطاع الصحي، لافتة الى ان الكوادر الطبية المصرية تمتلك القدرة على إحداث فرق حقيقي في حياة الناس هناك، وهذا ما يجعل من مصر شريكًا موثوقًا على المستوى الصحي".
وأوضحت أن أحد أسرار نجاح التعاون المصري الأفريقي هو تاريخ الثقة في الطبيب المصري، وكفاءة المنظومة الطبية في التعامل مع الحالات المعقدة والتدريب والتطوير المستمر.
ومن ناحيته صرّح الدكتور محب مجدي، نائب رئيس الجمعية المصرية الأفريقية لأبحاث وأمراض القلب، بأن ما تحققه الجمعية من تعاون طبي مع دول القارة يُجسّد دور مصر الريادي في دعم الصحة بالقارة الأفريقية. وأشار إلى أن المبادرات المشتركة، مثل بروتوكولات التدريب وإجراء العمليات الدقيقة، تمثل نقلة نوعية في تقديم الرعاية القلبية المتقدمة، وتعكس التزام الكوادر المصرية بنقل خبراتها لأشقائها في أفريقيا.
وخلال فعاليات المؤتمر، قامت الجمعية المصرية الأفريقية لأبحاث وأمراض القلب بتكريم عدد من الشخصيات البارزة التي ساهمت في دعم التعاون الطبي والعلمي في القارة الأفريقية.
وشمل التكريم كلًا من: الدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة السابقة، والسفير فهمي فايد، مساعد وزير الخارجية السابق وأمين عام المجلس القومي لحقوق الإنسان، والسفير محمود كارم، نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، والسفير أشرف إبراهيم، الأمين العام لوكالة الشراكة من أجل التنمية بوزارة الخارجية، وسفيرة دولة كينيا لدى مصر.
كما تم تكريم نخبة من القيادات الطبية والأكاديمية، منهم الدكتور أشرف شومة، عميد كلية الطب بجامعة المنصورة، والدكتورة ميرفت أبو المعاطي، أستاذ أمراض القلب بكلية طب عين شمس، والدكتورة غادة قزامل، استشاري القلب بالمعهد القومي للقلب، والدكتور طارق الزواوي، أستاذ أمراض القلب بكلية طب الإسكندرية، والدكتورة جميلة نصر، أستاذ القلب بجامعة قناة السويس، والدكتور أحمد القرش، أستاذ القلب بجامعة المنوفية. وشمل التكريم أيضًا عددًا من الأطباء الأفارقة المتميزين، من بينهم الدكتور أليكو تواليب، أستاذ أمراض القلب بمعهد القلب في أوغندا، والدكتور حميد فريد من دولة تنزانيا، والدكتورة نبيلة بكري ممثلة وزارة الصحة التنزانية، تقديرًا لجهودهم في تعزيز التعاون الطبي بين مصر ودول القارة.
واختتم المؤتمر بتوقيع عدد من مذكرات التفاهم، أبرزها مع الجانبين التنزاني والأوغندي، وخاصة الجمعيتين Uganda Heart institute و Samya Foundation of Tanzania؛ لتطوير برامج التدريب الطبي، وتوفير التجهيزات الطبية لوحدات القلب، وتبادل البعثات الطبية.
وشهد مراسم التوقيع عدد من الشخصيات البارزة، من بينهم الدكتور أشرف شومة عميد كلية الطب بجامعة المنصورة، والسفيرة رنا فؤاد سكرتير أول بوزارة الخارجية، والسفير أشرف إبراهيم الأمين العام لوكالة الشراكة من أجل التنمية بوزارة الخارجية، والسفير فهمي فايد مساعد وزير الخارجية السابق وأمين عام المجلس القومي لحقوق الإنسان، والسفير محمود كارم نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، وعدد كبير من الأشقاء الأفارقة، وعلى رأسهم سفيرة دولة كينيا لدى مصر، وممثلين من سفارات أوغندا وتنزانيا وكينيا.