الجمعة 27 سبتمبر 2024

التدين الإلكتروني.. التكنولوجيا وعلاقة المتدين بربه

5-3-2017 | 13:48

جلس بداخل المسجد فى نهار رمضان، يحمل هاتفه فى يده يدقق النظر بداخله، يقرأ بعض آيات من القرآن على التطبيق الإسلامى الذى قام بتحميله من أحد المواقع.

 

نعود بالزمن للوراء قليلا.. بداخل المسجد ذاته، جلس المصلون يحملون فى أيديهم مصاحف لقراءة القرآن الكريم.. لم يمر وقت طويل بين الصورتين، فديننا الآن أصبح منحصر فى شاشة صغيرة تحمل فى اليد.

 

قبل سنوات قليلة لم يكن أحد يصدق أن شخصاً يحمل هاتفاً فى مسجد أو كنيسة.. لكن اليوم تغيّرت المؤسسات الدينية، ومعها رجالها ومن يتبعونها، لتواكب التطورات الحديثة، فانتشرت المصاحف وكتب الإنجيل بالنسخة الإلكترونية، وتغيرت معها علاقة المتدينين بهذه المؤسسات وبتعاليم الدين نفسه.

 

فعلى مر العصور تعلمنا منذ صغرنا أن الكتب الدينية قد اكتسبت قدسية، تختلف عن غيرها من الكتب الأخرى، ولكن الآن أصبحت تلك الكتب يغطيها التراب من كل مكان.

 

كان شرطا أساسيا عند لمس القرآن الكريم، أن يكون الشخص طاهرا، الآن لم يعد هذا الشرط ممكنا فالهاتف يحمله الجميع، محمل عليه من الآيات كيفما تشاء، يُقرأ فى أى وقت حتى ولو لم يكن على طهارة.

 

 

 

الإنجيل بدوره لم يسلم من نسخة "الديجيتال" إذ ألقت الهواتف الذكية وثورة التواصل الاجتماعى بثقلها على علاقة المسيحيين بالكتاب المقدس وبدور العبادة.

 

وذكرت شبكة "بى بى سي" البريطانية قصة القس بيت فيليبس فى مدينة "دورهام" خلال العام 2008.. كان فيليبس قد دخل إلى كاتدرائية المدينة وبدأ يقرأ الإنجيل المحفوظ على هاتفه المحمول، فقام مسئول فى الكاتدرائية بطرده، معللاً السبب بمنع استخدام الهاتف المحمول فى الكنيسة.. لم يصدق أحد حينها أنه كان يستخدم هاتفه للتعبد.

 

"تغيير علاقة المتدين بالدين"

لم تعد ممارسة الشعائر الدينية حاليا كالسابق، فقد أتاحت التكنولوجيا للناس التعامل مع تلك الشعائر على حسب أهوائهم وميولهم، فكل شخص أصبح لديه الفرصة للخوض فى تجربة دينية جديدة، مما جعل الجانب الروحانى ضعيفا لدى الكثيرين، فالراحة التى تتملكا الشخص أثناء لمسه فقط لكتابه الدينى سواء المصحف أو الإنجيل أصبحت غير موجودة حاليا.

 

الدين حاليا قد انحصر فى جزء بسيط أصبح الشخص يعرف مدى قوة إيمانه من خلال تلك الشاشة الصغيرة، فهل سيعود الدين كما كان من قبل ظهور تلك التكنولوجيا أم سنكتشف طريقا آخر للتدين؟.