يمر اليوم ذكرى رحيل واحدة من أبرز نجمات الفن المصري والعربي، الفنانة هدى سلطان، التي غادرت عالمنا في الخامس من يونيو بعد صراع مع المرض، تاركة خلفها إرثًا فنيًا يصعب تعويضه، وذكريات لا تزال تسكن وجدان الجمهور.
وُلدت هدى سلطان، واسمها الحقيقي بهيجة عبد السلام عبدالعال الحو، في قرية قرب مدينة طنطا في 15 أغسطس 1925. هي شقيقة الموسيقار الكبير محمد فوزي، وكان بينهما في البداية خلاف حول دخولها المجال الفني، إلا أن موهبتها اللافتة أجبرته لاحقًا على دعمها، بل وإنتاج أحد أفلامها.
بداية الطريق... من ست الحسن إلى نجومية الشاشة
كانت الانطلاقة الحقيقية لسلطان عندما اكتشفها المنتج جبرائيل تلحمي وقدّمها في أول أعمالها السينمائية من خلال فيلم "ست الحسن"، والذي شهد أيضًا أول لقاء فني يجمعها بالنجم فريد شوقي، الذي أصبح لاحقًا زوجها وشريك مشوارها الفني، حيث شكلا معًا أحد أبرز الثنائيات في تاريخ السينما المصرية.
استمر زواجهما 18 عامًا، قدما خلالها أكثر من 20 فيلمًا من أنجح الأعمال السينمائية، مثل:
"الأسطى حسن"، "رصيف نمرة 5"، "جعلوني مجرمًا"، "أبو الدهب"، "النمرود"، "المحتال". ورُزقا بابنتين هما مها وناهد، قبل أن ينفصلا عام 1969.
الفنانة المتجددة: من بطلة الغناء والسينما إلى أيقونة الدراما
هدى سلطان لم تكتفِ بمجال الغناء أو أدوار الفتاة الجميلة، بل استطاعت في النصف الثاني من مشوارها الفني أن تُعيد تقديم نفسها ببراعة في أدوار الأم والمرأة الصعيدية القوية، ما رسّخ مكانتها في قلوب المشاهدين.
من أبرز أدوارها في الدراما:
"الوتد"، "أرابيسك"، "الليل وآخره"، "زيزينيا"، "قصر الشوق"، "علي الزيبق"، و"ليالي الحلمية" (الجزء الأول). كما تألقت في أعمال سينمائية ودرامية أخرى مثل:
"البحث عن السعادة"، "رد قلبي"، "مذكرات ضرة"، "دموع الشموع"، "حواء والتفاحة".
اختيار الاسم... وتفاصيل خلف الكواليس
الاسم الفني "هدى سلطان" لم يكن اختيارها، بل تم اقتراحه عليها من قبل مفيدة عبد الرحمن، أول محامية مصرية، التي كانت تتولى شؤونها القانونية والفنية آنذاك. ومنذ لحظة ظهورها الأول، تميزت بحضور طاغٍ، وصوت دافئ استطاع أن ينافس نجوم الغناء في عصرها، إلى جانب قدرتها الفريدة على التمثيل بنعومة وصدق.
إرث فني خالد
لم تكن هدى سلطان مجرد ممثلة أو مطربة عابرة في تاريخ الفن العربي، بل كانت نموذجًا للفنانة متعددة المواهب، التي استطاعت التنقل بين مراحل عمرها بأدوار تليق بها، من الفتاة الحالمة إلى الأم الحنون، ومن البطلة الرومانسية إلى السيدة الصارمة ذات الشخصية.
رحلت هدى سلطان عن عمر ناهز الـ82 عامًا، لكن فنها لم يغب، وصوتها ما زال حاضرًا، وأدوارها تعيش في ذاكرة أجيال لم ترَها على المسرح أو أمام الكاميرا، لكنها أحبّتها بمجرد أن ظهرت على الشاشة.