تستعد مدينة إشبيلية الإسبانية لاستضافة الحدث الأبرز على صعيد التمويل التنموي وهو المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية (FfD4)، في الفترة من 30 يونيو الجاري إلى 3 يوليو المقبل، الذي تنظمه الأمم المتحدة كل عقد تقريبًا ، لرسم ملامح خارطة الطريق العالمية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة (SDGs).
وأعلن السفير الدكتور مصطفى الشربيني، سفير ميثاق المناخ الأوروبي ورئيس مؤسسة الفريق التطوعي للعمل الإنساني، عن مشاركة وفد مصري رفيع يضم عشرة من سفراء المناخ والمياه تم دعوتهم من الأمم المتحدة في سابقة تاريخية للمجتمع المدني كمراقبين في FfD4، مؤكدًا على التزام مصر والمجتمع المدني بدعم التنمية المستدامة.
وأشار الشربيني، في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم، إلى أنّ الوفد سيشارك في جلسات مهمة تتناول العدالة المناخية، التكنولوجيا والابتكار،الحوكمة المالية، التجارة العادلة، التمويل المستدام، مع تركيز خاص على بناء القدرات المحلية ودعم الفئات الأكثر هشاشة.
وقال "الشربينى" وجود سفراء المناخ والمياه يعكس إيماننا العميق بأهمية العمل الجماعي ودور المجتمع المدني في صياغة السياسات الدولية، خاصة في مواجهة تحديات المناخ والمياه".. مشيرًا إلى أن الوفد المصري سيقدّم مداخلات استراتيجية حول الديون، الابتكار، التجارة، التعاون التنموي.
وأكد على أهمية التنسيق بين الحكومات والمجتمع المدني والقطاع الخاص للتصدي للأزمات بشكل عادل ومستدام.. منوها بأن هذه المشاركة تأتى ضمن جهود مصر لتعزيز حضورها الدولي، وضمان دمج المجتمع المدني في جهود التنمية المستدامة، بما يتسق مع رؤية مصر 2030 وأهداف الأمم المتحدة.
وأوضح أن مسار التمويل التنموي انطلق رسميًا عام 2002 بمؤتمر مونتيري الذي أسّس "توافق مونتيري" كإطار مرجعي للتعاون الدولي تلاه مؤتمر الدوحة 2008 الذي تزامن مع أزمة مالية عالمية، ثم مؤتمر أديس أبابا 2015 الذي ربط التمويل بأجندة التنمية المستدامة 2030 واليوم، بعد عقد من مؤتمر أديس أبابا، يعود العالم إلى طاولة الحوار في إشبيلية، حيث تشير تقارير الأمم المتحدة إلى فجوة تمويلية هائلة تبلغ نحو 4 تريليونات دولار سنويًا، وهو رقم يتجاوز قدرات معظم الدول النامية المثقلة بالديون وضعف الاستثمارات الأجنبية، في وقت يشتد فيه تأثير التغير المناخي.
وأضاف أن المؤتمر يضع في صدارة أولوياته إصلاح بنية النظام المالي العالمي، وسط دعوات متصاعدة - خاصة من دول الجنوب - لإعادة هيكلة المؤسسات المالية الدولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لتصبح أكثر عدلاً وإنصافًا ، لذلك تطالب الدول النامية، وفي مقدمتها مصر، بتوفير تمويل ميسر منخفض التكلفة كوسيلة رئيسية لسد الفجوة التمويلية وسبق وأن أشار السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي بوضوح إلى أنّ "تحقيق الأهداف التنموية لن يتم إلا بإصلاح جوهري يضمن وصول الدول النامية إلى مصادر تمويل ميسرة ومنصفة" ، كما دعا إلى خارطة طريق واضحة لتيسير نفاذ الدول النامية إلى هذا التمويل، بما يشمل الصناديق الخضراء، وضمانات الاستثمار، وحشد التعاون الدولي.
وقال السفير مصطفى الشربيني إننا نشارك في هذا المؤتمر كجماعات ضغط لتنفيذ الرؤية المصرية حيث إن ما تحتاجه الدول النامية أكبر من الدعم الفني؛ إنها بحاجة إلى صوت مسموع في صياغة قواعد النظام المالي العالمي فالمشاركة الحقيقية هي الضمانة الوحيدة لعدالة التمويل، وكنا أول من رفع شعار مبادلة الديون كتعويضات مقابل خسائر لحقت بالدول الأفريقية جراء تغير المناخ الذي تسببت فيه الدول الصناعية وذلك بمؤتمر "COP27".. لافتا إلى أن نجاح المؤتمر يكمن في التزام الدول الغنية بتعهداتها، وفي قدرة الدول النامية على توحيد صوتها والمطالبة بحقوقها في نظام مالي عالمي أكثر عدالة وإنصافًا.
يذكر أن تقرير الأمم المتحدة الأخير يكشف أنّ الدول المتقدمة أوفت بأقل من 50% من تعهداتها في المؤتمرات السابقة. فعلى سبيل المثال، تعهدت دول الشمال في أديس أبابا بتخصيص 0.7% من دخلها القومي الإجمالي كمساعدات إنمائية، لكن المتوسط الفعلي لم يتجاوز 0.33%، كما تظهر تقارير دولية أنّ غياب الشفافية في آليات التمويل، والخلط بين التمويل المناخي والتمويل التنموي، يضعف الثقة بين الشمال والجنوب لذلك، تطالب مصر وآخرون بآليات رصد فعّالة ومساءلة حقيقية تضمن للدول النامية المشاركة في مراقبة تدفقات التمويل.