يسيطر الغموض على مصير المفاوضات النووية المعقودة بين الولايات المتحدة وإيران بشأن برنامج نووي الأخيرة، وذلك بعد أن رفضت المقترح الأمريكي، الذي كان يتم التعويل عليه للتوصل إلى اتفاق في هذا الشأن، نظرًا لأنه يحرمها من حق تخصيب اليورانيوم على أراضيها.
مصير المحادثات بشأن النووي الإيراني
قدمت الولايات المتحدة الأمريكية، مطلع هذا الأسبوع، مقترحًا لـ"طهران" بشأن برنامجها النووي ينص على الوقف الكامل لأنشطة تخصيب اليورانيوم على أراضيها.
وفي ردها على هذا الطرح، أكدت طهران أنها ترفض المقترح الأمريكي، الذي يحرمها من حقها في تخصيب اليورانيوم، ما يشير إلى أن المفاوضات تتجه بهذا النحو إلى التعثر، خاصة في ظل تمسك الولايات المتحدة بمطلب "صفر يورانيوم".
ومعلنًا موقف بلاده من الطرح الأمريكي، أكد مرشد الثورة الإيرانية، علي خامنئي، على رفض المقترح الأمريكي بشأن البرنامج النووي، حيث يهدد الاستقلال الوطني.
وشدد المرشد الإيراني، على أن الخطاب الأمريكي الأساسي قائم على ألا تمتلك طهران تكنولوجيا نووية، و"أن تظل بحاجة إلى الولايات المتحدة"، حسب قوله.

ويأتي موقف إيران ذلك بناء على اعتقادها بأن صناعتها النووية التي توظفها لأغراض سلمية لن يكون لها أي فائدة دون قدرات التخصيب.
وفي مقابل ذلك، تكرر الولايات المتحدة تأكيدها على أن موضوع تخصيب اليورانيوم غير مطروح في أي اتفاق نووي محتمل بين الجانبين.
وحسب تقارير إعلامية، فإن مقترح الولايات المتحدة كان يدور حول السماح لإيران بمواصلة تخصيب اليورانيوم بمستويات منخفضة، وذلك حتى يتم التوصل إلى خطة أكثر وضوحًا مع دول أخرى تحول دون امتلاك طهران سلاحًا نوويًا.
وبموجب المقترح الأمريكي، ستساعد الولايات المتحدة في بناء مفاعلات نووية للطاقة في إيران، كذلك ستتفاوض بشأن إنشاء منشآت للتخصيب تُدار من قبل اتحاد يضم دولًا إقليمية.
وعندما تبدأ إيران بالحصول على فوائد من هذه الترتيبات، سيتعين عليها التوقف عن أي تخصيب لليورانيوم داخل أراضيها، طبقًا لذات المصدر.
ورفضت طهران هذا المقترح من منطلق ما أكدت عليه مرارًا بأن حق التخصيب مكفول لها وفقًا للقوانين الدولية، ولا يمكن أن تحرم نفسها من هذا الحق.
ويأتي موقف الولايات المتحدة الرافض بالسماح لإيران بتخصيب اليورانيوم، اعتقادًا بأن هذا يبقي الباب مفتوحًا أمامها لامتلاك سلاح نووي، وهو أمر مرفوض لها بشكل قاطع.
وباتت مسألة التخصيب، خلال جولتي المفاوضات الأخيرتين، هي "الحجر العثر" في مسار المفاوضات، والذي يمنع الجانبين من التوصل إلى اتفاق.
ترامب منزعج
ويبدو أن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بات منزعجًا من النمط البطيء، الذي تمضي به المحادثات النووية مع طهران، حيث شدد، يوم الأربعاء، على أن الوقت ينفد أمامها لاتخاذ قرار بشأن الأسلحة النووية، وهو قرار يجب أن يُتخذ سريعًا، حسب قوله.
واعتبر الرئيس الأمريكي، أن طهران تماطل في البت في هذه القضية المصيرية، مؤكدًا في ذات الوقت، أنه يحتاج إلى إجابة واضحة خلال مهلة قصيرة.

وللإشارة، فإن ترامب كان قد منح طهران مهلة شهرين للتوصل إلى اتفاق بشأن برنامجها النووي، خلال المفاوضات التي بدأت في 12 أبريل الجاري، وإلا فسيضطر إلى تفعيل الخيار العسكري.
وساطة روسية
وقال ترامب، في ذات السياق، إنه بحث الملف النووي الإيراني مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مكالمة هاتفية، الأربعاء، أكد فيها أن طهران لا يمكن أن تمتلك سلاحًا نوويًا.
في المقابل، عرض الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الوساطة لتسريع المفاوضات بين واشنطن وطهران، حيث اقترح المشاركة في المباحثات للمساعدة في تحقيق حل سريع، كما قال ترامب.
وفي أعقاب ذلك، أكد الكرملين، أن الرئيس بوتين قد يشارك إذا لزم الأمر في المفاوضات الجارية بهدف حل المشكلة النووية الإيرانية.
وتتمتع روسيا بعلاقات استراتيجية مع طهران، ما يجعلها طرفًا يمكن الوثوق به من قبل الجانب الإيراني، الذي أكد في أكثر من مرة أنه لا يثق في الولايات المتحدة.
الجولة السادسة من المحادثات
إلى الآن لم يتم الإعلان عن موعد الجولة السادسة من المحادثات النووية بين كلا البلدين، والتي تُعقد بوساطة من سلطنة عُمان، وبينما رجحت مصادر أن يتم عقدها مطلع الأسبوع المقبل، أكدت مصادر أخرى أنه من المتوقع أن يتم إلغاؤها.
وتطمح طهران أن تفضي المفاوضات النووية إلى رفع العقوبات الغربية عن اقتصادها المرهق على إثرها، بينما تريد الولايات المتحدة أن تضمن عدم امتلاكها سلاحًا نوويًا.
تجدر الإشارة إلى أن طهران كان يجمعها بالفعل اتفاق نووي مع واشنطن، إلا أن الرئيس دونالد ترامب انسحب منه في فترة ولايته الأولى، وأعاد في ذات الوقت العمل بالعقوبات المفروضة عليها.
وردًا على ذلك، أوقفت طهران تدريجيًا التزاماتها في الاتفاق، واتخذت سلسلة خطوات، بما فيها تخصيب اليورانيوم عالي المستوى مرة أخرى بنسب مختلفة تصل إلى 60 بالمائة، مقتربة من نسبة 90 بالمائة المطلوبة للأسلحة النووية.