الإثنين 17 يونيو 2024

سيد فرغلى الباب الملكى لدخولى الصحافة

5-3-2017 | 14:35

بقلم: فوزى إبراهيم

ليست المرة الأولي التي أصرح فيها بهكذا تصريحا إلا أني أسطره اليوم عنوانا مهما في حياتي،فقبل أن ألقاه لم تكن الصحافة ضمن أحلامي ولم يسبق لي أن اقتربت منها سوي في النشاط الجامعي ومجلة اتحاد الطلبة حيث كنت رئيسا لاتحاد الطلبة في كليتي وأمينا للجنة الثقافية والفنية في جامعتي جامعة الزقازيق، ربما اقتربت من فن الحوار وكان لدي منه مخزون وفرته لي تربيتي المسرحية التي بدأت مبكرا في المسرح المدرسي ثم الجامعي الذي طالما حصدت فيه الجوائز وتسلحت فيه بخلفية ثقافية عن المسرح والموسيقي والسينما ككل المهتمين بالفنون وكل الحالمين بها في محافظات مصر وأقاليمها،فقد كانت أحلامي ومشروعاتي التي تركت من أجلها بلدي ومحافظتي نازحا للقاهرة وقسوتها في أواخر الثمانينيات هي التمثيل والشعر والموسيقي والسينما حتي قابلت الأستاذ الكبير سيد فرغلي نائب رئيس تحرير الكواكب وحتي ساقتني الأقدار لمقابلته مع صديقي وشريك بداياتي في المسرح والغناء المطرب طارق فؤاد وكان الأستاذ شديد الإعجاب به كمطرب وكملحن وسمع منه بعض كلماتي فأعجب بأسلوبي وسأل عني فما كان من طارق إلا أن أخذني معه وتوافقت الأرواح وأدهشتني تلك الأبوة التي عاملنا بها وذاك التواضع المذهل وهو الرجل صاحب الاسم الكبير في عالم الصحافة الفنية ونحن لسنا سوي مواهب تحلم بأن يكتبنا قلمه يوما ما ولو في كلمات محدودة ومعدودة.

ولما كان أستاذي له تجارب في كتابة الأغنية حيث كتب لهاني شاكر وعماد عبد الحليم وغيرهما فقد تكررت اللقاءات وطالت بينه وبيني الحوارات حيث قرر أن يستكشف ما بداخلي من ملكات بعد أن لاحظ ما لدي من مخزون ومن خلفية عن مجالات الفنون وقرر بحسه الكشفي أن يغير مسار حياتي وأولوياتي،وفي لقائنا الثالث أو ربما الرابع باغتني قائلا: مافكرتش تشتغل صحافة؟ فأربكني وأدهشني وأسعدني السؤال وجاوبته لا.. لكن ياريت هذا شرف لي، قال إنك تملك كل مقومات الصحفي الفني المميز، وعرض علي يومها أن أعمل معه في إحدي المجلات اللبنانية بمرتب شهري يساوي ماكنت أتقاضاه في شركة سياحية التحقت للعمل بها لأتمكن من الإقامة في القاهرة، فتركت السياحة وبدأت رحلتي مع الصحافة الفنية ودخلتها من البوابة الملكية لسيد فرغلي أقوي أقطاب الصحافة الفنية في العالم العربي بعد بديع سربية وحسن إمام عمر.

ولم تكن الأبوة التي إحتواني بها سوي جزء من شخصيته وسمة اشتهر بها في الوسط الصحفي والفني وكان لها دورها في بزوغ ونبوغ عدد كبير من نجوم جيلي وأجيال سابقة ولا حقة في الصحافة وفي الفن أدرك بحسه الكشفي قدر موهبتهم فاحتضنهم ووقف وراءهم حتي تأكدت فيهم نبوءته، وكثيرا مالمعت عيناه أمامي كلما تحدث عن نجاحات هؤلاء الذين دعمهم وصدقت فيهم نبوءته - وإن تحولت اللمعة إلي دمعة في أيامه الأخيرة.

وهذه الأبوة..

وتلك المسحة الإنسانية في علاقاته كانت الدرس الأول لي وكانت المؤثر الأول الذي تأثرت به في علاقاتي الصحفية خاصة بعدما جاء بي الي محبوبته ومحبوبتي الكواكب مع بداية التسعينيات،فأصبحت مثله أرفض أن تكون الصحافة بلا قلب وأؤمن أن دور الصحفي في حياة الناس يجب أن يتجاوز الورقة والقلم والأحبار،صحيح أنه دفع الكثير ثمنا لهذه القناعات لكنه تميز بها عن غيره حين كان يحصل علي الخبر قبل غيره وحين كان النجوم يختصونه بما لم ولن يعطونه لأحد سواه من حوارات حصرية وجعلوه جزءا من أخبارهم وأحداثهم وحوادثهم دون أن يلجأ الي الفبركات أو الاختلاقات لأنه كان واحدا منهم يعيش معهم ويعيشون معه، بل كان هو من يجمعهم حوله في مناسباته ومناسباتهم، ورأيتهم يأتون إلي بيته أكثر مايذهب هو إلي بيوتهم، وكان رغم بساطة شخصيته يحرص علي أن تضاهي أناقتهم أناقته ونجوميته ووسامته، رأيتهم يسعون لصداقته ويفرحون بمودته، ويطمئنون له ولمهنيته فيكشفون له عن كل ماهو دفين.

ولذلك كان..

أكثر ميلا لفن صناعة السبق الخبري وفن السؤال والحوار الحصري،وكان شديد التميز في أفكار الأبواب الثابتة وشديد التفرد والانفراد بهذه النوعية من الصحافة، فكان ذلك مثارا للأعجاب والإعجاز لمن يدركون قيمة ذلك وعبقريته، ومثارا لأحقاد من اتهموه بأنه يمتلك عمق العلاقات ولا يمتلك عمق الثقافات لعمل تحقيقات، وهو اتهام باطل حيث كان أستاذي قارئا جيداً وكانت لديه مكتبة كبيرة وقد كنت واحدا ممن دخل بيته ورأي شغفه بالقراءة،ورأيت أيضا كيف كان يتعامل مع الأحقاد والحاقدين وكيف يلتمس لهم الأعذار ويبتسم في وجوههم ولا يترك مجالا لأي ضغينة تغيره نحوهم،وأحيانا ما كان طبعه هذا يفرض علي البعض مراجعة أحقاده واتهاماته وأحيانا ماكان يؤججها خاصة عندما كان اسم سيد فرغلي يقترب من رئاسة التحرير وقد اقترب منها أكثر من مرة.

وفي العمق أقول..إنني ما ذهبت يوما لنجم من نجوم الفن أو الأدب أو حتي السياسة أرسلني أستاذي إليه إلا ووجدت احتراما وإكبارا لشخصه.

سأظل ما حييت أعترف بفضل هذا الرجل وأسجل شكري لكل من كان سببا في هذا الفضل وكل من كان طرفا في علاقتي به من زملاء وأصدقاء لي في الكواكب وخارجها.