الخميس 26 سبتمبر 2024

صوت مصر فى أسماع العالم

5-3-2017 | 14:48

لكي يصل «صوت مصر» إلي أسماع العالم عاليا نقيا، لابد أن يكون الاستعداد الهندسي في إذاعتها سابقا للاستعداد البرامجي.. ولهذا تعمل أقسام الهندسة في الإذاعة المصرية جاهدة لتحقيق هذا الأمل الكبير..

* عندما تسلم المهندسون المصريون محطة الاذاعة المصرية في يونيه عام 1947 - لم يكن بها إلا محطة اتصال واحدة قوتها 20 كيلو وات.. ولم تكن هذه المحطة من القوة بحيث ترسل الصوت واضحا حتي أطراف القطر لأن مركز اشعاعها الرئيسي كان دائرة تحدها الإسكندرية شمالا وبني سويف جنوبا... ولهذا كان أول ما اتجه إليه التفكير إنشاء محطة قوية لتدعيم وتقوية الإذاعة المصرية بين المواطنين في كل أنحاء القطر، وأنشئت بالفعل محطة قوتها 50 كيلو وات بجوار المحطة القديمة في أبي زعبل، وبدأ تشغيلها في فبراير عام 1952.

* وضع بعد ذلك برنامج لانشاء محطات تقوية وإرسال في أسيوط والمنيا وسوهاج والأقصر وأسوان.. وقد تم إنشاء محطة أسيوط، ومحطة المنيا التي افتتحت منذ ثلاثة أسابيع، وسوف يتم في القريب بناء المحطات الثلاث الباقية.

وسيكون لهذه المحطات فوائد عظمي عندما يري النور مشروع إنشاء محطات إذاعة إقليمية، أسوة بما هو متبع في سائر الدول المتمدينة.

* يجري الآن في محطة أبو زعبل تركيب محطة للموجة المتوسطة قوتها 100 كيلو وات لإذاعة البرنامج العربي الثاني كما يجري تركيب ثلاث محطات للموجة القصيرة، بكل محطة منها شعبتان الأولي قوة 100 كيلوات والثانية قوة 40 كيلو وات... ويمكن لإذاعتنا أن تصل عن طريقها الموجة القصيرة جميع الاتجاهات كما يمكن تركيز الإذاعة في مناطق محددة عن طريق هوائيات خاصة.

عندما يتم إنشاء هذه المحطات، فسوف يصل صوت مصر إلي بلاد الشرق الأوسط، وشمال إفريقيا ووادي النيل كله وبلاد أوربا القريبة والبعيدة..

* يذاع البرنامج الأوربي المحلي علي المحطة القديمة - قوة 20 كيلو وات - ويذاع البرنامج العربي علي المحطة الجديدة وكانت التجارب تجري علي المحطة الي افتتحها الرئيس اللواء محمد نجيب في الاسبوع الماضي قبل افتتاحها. وينتظر استعمالها للإذاعة إلي الشرق الأقصي والأمريكتين.

* تستمد محطة أبي زعبل الكهرباء اللازمة لادارتها من ماكينات وابور الكهرباء للسكك الحديدية في أبي زعبل، ومن محطة توليد الكهرباء في شمال القاهرة... وسوف تكون محطة أبي زعبل في حاجة إلي 2000 كيلو وات عندما تكتمل برامجها الهندسية.

* بنيت محطة الإرسال في أبي زعبل مع صوارى الاشعاع التي تحيط بها علي حقل مساحته 200 فدان وقد تكلفت 000و800 جنيه، وبدأ بناء مجموعة الصاريات في صباح 23 يوليو سنة 1952، وهو التاريخ الذي تحرك فيه الجيش من ثكناته ليوقف الطغيان وينقد مصر من براثنه... ولهذا استغرق انشاء هذه الصاريات ستة شهور، وأنشيء بعد ذلك 22 صاريا، وبديء في شهر أبريل الماضي بإنشاء صاري جديد طوله 406 أمتار للمحطة الجديدة.

* تسمي هذه الصواري بالشبكة الهوائية، وهي التي ترسل الصوت إلي مناطق الاشعاع عن طريق مفتاح كهربي صممته شركة «تلفونكن»، ويعتبر أول مفتاح من نوعه في العالم.

* يشرف علي قسم الهندسة بمحطة الإذاعة المصرية الأستاذ صلاح الدين عامر يعاونه الأستاذ عز الدين فؤاد، والأستاذ عرفة زبال والأستاذ الجارحي إبراهيم، ويعمل في محطة أبي زعبل 12 مهندسا يسكن بعضهم في فيللات أنشئت لهم خصيصا هناك.

* من العجيب انه حتي الآن مازال الصوت يرسل من استديوهات الإذاعة بالقاهرة إلي محطة الإرسال في أبي زعبل، علي خط تليفوني عادي!.. وقد اتجه التفكير أخيرا إلي استعمال اللاسلكي بدلا من الخط التليفوني.. وأعلنت محطة الإذاعة عن مناقصة لانشاء دوائر لاسلكية لنقل ثلاثة برامج إذاعية وبرنامج للاتصال الشخصي، وتفتح مظاريف المناقصة في 11 مايو الحالي.

* كانت كل الإذاعات الخارجية تصل إلي استديوهات الإذاعة ثم تحول إلي أبي زعبل عن طريق الخطوط التليفونية، وأنشئت في الشهور الأخيرة محطة استقبال للتسجيل الخارجي بطريق اللاسلكي، وكان انشاؤها في باديء الأمر فوق مبني الإذاعة الحالي، ثم اتجه الرأي إلي نقلها فوق مبني عمارة ايموبيليا، ثم عدل عن هذا الرأي الأخير عندما أنشيء المبني المجمع في ميدان الحرية، فانشئت المحطة في طابقه الأخير الذي يرتفع إلي 55 مترا.

* ادخلت الإذاعة المصرية محطات اللاسلكي المتنقلة، لتسجيل أي إذاعة في أي مكان دون التقيد بخطوط التليفون وأطوال الحبال التي تصل بين الميكروفون وعربة التسجيل.. ويمكن عن طريق هذه المحطات تسجيل وصف لمباراة في التجديف أو السباحة لأن الميكروفون يمكن أن يسير في زورق دون أن يوصل باللاسلكي إلي جهاز الاستقبال علي الشاطيء، وتتكلف المحطات المتنقلة نحو 3000 جنيه.

* أدخلت المحطة إلي جوار ذلك أجهزة تعمل بواسطة البطاريات الجافة ويمكن حملها بسهولة، وهي تستعمل لتسجيل «الريبورتاجات» الإذاعية القصيرة ويمكن أن تجابه الحالات المستعجلة كالاستقبالات في المطارات وما إليها..

* كانت استديوهات الإذاعة المصرية خمسة استديوهات فأصبحت سبعة.. وأنشيء استديو علي أحدث طراز لتسجيل الموسيقي وهو يتسع لفرقة مكونة من 50 موسيقيا فساعد هذا الاستديو علي تكوين فرقة موسيقي الإذاعة، واستحدث قسم لتسجيل الشريط البلاستيك، وكانت الإذاعة قبل إنشاء هذا القسم تملك 200 شريط.. فأصبحت الآن تسجل 200 شريط في الشهر الواحد وتذيع في الشهر الواحد 600 شريط، وتسجل سنويا 3000 اسطوانة.. وتسجل الوحدات الإذاعية المتنقلة 30 تسجيلا في الشهر الواحد وكانت قبل ذلك لا تسجل أكثر من ثلاثة تسجيلات في الشهر...

* يجري العمل حاليا في انشاء مركز إذاعي جديد في دار الإذاعة يحتوي علي خمسة استوديوهات وغرفة مراقبة وغرفة تسجيل، وسوف يخصص هذا المركز للبرامج الخارجية .

وقد زودت محطة الإذاعة بميكروفونات غير قابلة للتلف لأن «لاقط» كل ميكروفون من الماس الذي لا يستهلك ولا يضعف.

* اشتركت مصر في مؤتمر الإذاعة الدولي الأخير الذي بحث مسألة توزيع الموجات علي الدول المختلفة حتي لا تشترك دولتان في موجة واحدة فتكون النتيجة أن لا تسمع بوضوح اذاعتاهما، أو أن تطغي الإذاعة القوية منهما علي الإذاعة الضعيفة مما يتنافي مع مباديء المساواة الإذاعية الدولية.. وبحث أيضاً مسألة توزيع الوقت الذي تذيع فيه كل دولة إذاعتها إلي الخارج، ولكن الأحوال الدولية لم تمكن المؤتمر من توزيع الموجات ولا زال قانون الأثير هو قانون «الغابة».

* تستورد مصر الآلات الإذاعية من ألمانيا وأمريكا، وسوف تنتهي المحطة من البرنامج الفني الموضوع لها قبل نهاية هذا العام، وتنشأ بعد ذلك دار الإذاعة الجديدة التي أرسي الرئيس اللواء محمد نجيب حجر الأساس لها في ميدان الحرية منذ شهور.

وسوف تبني الدار الجديدة علي مساحة 5000 متر ويتكلف البناء 000و400 جنيه، ويدخل فيها «التليفزيون» لأول مرة في الشرق.

* استعملت في بناء محطة أبي زعبل أحدث الطرق الهندسية التي تقضي بوضع الآلات في طابق ووضع اللوحات في طابق أعلي.

ويدل الخط البياني الذي يشير لساعات التعطل الإذاعي علي أن الإذاعة تقفز إلي الكمال من الناحية الهندسية.... وقد بلغ مجموع الدقائق التي تعطلت فيها محطة الإذاعة 13 ساعة خلال عام 1946، وفى عام 1950 كان مجموع دقائق تعطلها ثلاث ساعات، وفي العام الماضي كان ساعة واحدة.

* لاشك أنه من عجائب الصدف السعيدة أن يبني أول صاري للاشعاع في أول يوم لحركة تحرير مصر.. وهذا بشير بأن الإذاعة ستساير مصر في نهضتها الشاملة، وتوصل صوتها إلي كل الأسماع في كل أنحاء العالم..

فوميل لبيب .. الاثنين والدنيا - عدد 987 - 11 مايو 1953