الثلاثاء 26 نوفمبر 2024

عندما وقف مهندسو الإذاعة يرتجفون تحت المطر

  • 5-3-2017 | 14:49

طباعة

تعتبر حجرتا «الصيانة» و«المراقبة» بالإذاعة أهم وأدق ما فيها وعليهما يتوقف خروج الصوت إلي أجهزة الارسال لترسلها هذه بدورها إلي آذان المستمعين... والمهندسون القائمون علي أمر هاتين الحجرتين معرضون للكثير من المواقف الطريفة وغيرها من المواقع الحرجة التي نقدم هنا «عينة» منها.....

كلام في الهوا!

حدث مرة أن كان المذيع مع أحد المحدثين في الاستديو ثم جاء موعد تقديم الحديث فانتظر مهندس حجرة المراقبة صوتا يخرج من الاستديو عبر الميكرفون ولكن صوتا خافتا كالهمس وكأنه قادم من بعيد هو الذي وصل إلي أذنيه واضطر المهندس إلي قطع الإذاعة ثم أطلق إشارة الاستراحة التي تسمع بين فترات البرامج وأسرع يتصل بالمذيع يسأله عما حدث وقال المذيع إنه قدم المتحدث وهو الآن يقرأ حديثه أمام الميكرفون..

وحدثت مناقشات واتصالات ثم جري المهندس إلي الاستديو وهناك اتضح له أن المذيع قد فتح الميكرفون القصير الذي يقع في آخر الاستديو بينما كان عليه أن يفتح الميكرفون الموضوع أمامه علي المنضدة.

الغلطة بقضية

وفوجئت الإذاعة ذات يوم بإعلان عن قضية اقامتها مطربة معروفة علي الاذاعة لأنها اذاعت لها في أحد الأيام شريطا خرج صوتها منه أقرب إلي صوت «الرجل الخشن» منه إلي صوت المطربة الفنانة.

ولم يكن تسجيل الشريط سيئا وإنما كان السبب خطأ هندسيا نتج من أن المهندس الذي أدار الشريط كان جديدا في العمل وبدلا من أن يديره علي قوة كهربائية قدرها 50 سيكل أداره علي 40سيكل فقط... مما جعل السرعة بطيئة فخرج بسببها الصوت غليظا خشنا كما يحدث في الاسطوانة العادية حينما تدار بسرعة بطيئة وقد بقيت المطربة المعروفة أو علي الأصح صوتها علي الشريط هكذا يفني بـ «الصوت الخشن» حوالي دقيقتين والمهندسون يبحثون عن السبب إلي أن فطن أحدهم إلي الخطأ فأصلحه وأعيد إذاعة الشريط مع الاعتذار لحضرات المستمعين.

وقد قبلت المطربة الكبيرة بعد ذلك اعتذار الاذاعة وتنازلت عن القضية بعد أن عرفت السبب وأن الخشونة لم تكن في صوتها وإنما كانت في صوت «السيكل» اللعين!

كهربة الإذاعة

علي ذكر الـ 50 سيكل والـ 40 سيكل نقول إن هاتين هما القوتان الكهربائيتان للإذاعة والقوة الأولي خاصة بالإذاعة فقط أما الثانية فمأخوذة من النور العادي الذي ترسله شركة النور وقد يحدث أن يقطع التيار الكهربائي الخاص بالإذاعة فتقف الإذاعة في الحال إذا كان المسموع شريطا أو اسطوانة ويضطر مهندس الصيانة أن ينقل المذيع والمذاع إلي استديو آخر يمكن الاذاعة منه علي القوة الكهربائية العادية وفي تلك الفترة تنطلق «إشارة الوقت» والمستمع لا يدري شيئا عما يجري داخل الاستديوهات والهندسة وما يقوم به المسئولون من مجهود ليعيدوا الإذاعة إلي المستمع الذي لا يهمه طبعا كهربة الإذاعة أو حتي كهربة بعض رجال الإذاعة!

سور قرآنية صغيرة

وقد يغفر المستمع للإذاعة قطع أغنية أو منولوج أو تمثيلية ولكنه لا يغفر قطع إذاعة القرآن الكريم فماذا وضعت الإذاعة من احتياطات لمثل هذا الموقف العصيب؟

لقد سجلت الإذاعة مجموعة من قصار السور الكريمة علي اسطوانات يمكن إدارتها علي التيار الكهربائي العادي حتي إذا انقطع التيار الخاص أدار المذيع في الحال أسطوانة قصار السور التي سجلت من قبل لهذا المقرئ ووضعت احتياطا لامثال هذه المواقف كما سجل غيرها لبعض المقرئين.

وهكذا يجلس المستمع ليسمع مقرئين أحدهما كان مسجلا علي شريط والآخر قد سجل علي اسطوانة دون أن يدرك ما حدث..

إذاعة الباشوية

هذه بعض المواقف الحرجة التي يتعرض لها مهندسو الاذاعة وفي كل واحدة منها يقف المذيع ليقول للمستمعين إن ما حدث كان «لاسباب فنية خارجة عن إرادتنا» ولكن هناك مواقف أخري لها طرافتها فقد حدث مرة أن اتصل أحد وزراء العهد الماضي وكان هو الوزير المشرف علي الإذاعة - وطلب من مهندس الصيانة أن يذيع نبأ الانعام عليه برتبة الباشوية وكانت الساعة وقتئذ الثالثة وعشر دقائق بعد الظهر وقد أعلن المذيع انتهاء الإذاعة وقدم السلام الوطني.

وشرح المهندس الأمر للوزير ولكن الوزير صمم علي ضرورة إذاعة النبأ حتي لو اقتضي الأمر فتح الإذاعة من جديد.

وتحير المهندس في موقفه أمام الوزير الذي يملك فصله هو والمذيع معا!

ثم رأي أخيرا أن يأخذ الوزير علي قد عقله ويوهمه أنه سوف يبحث في كل مكان عن المذيع لكي يفتح الإذاعة ويذيع النبأ العظيم السار وترك المهندس الوزير ينتظر علي التليفون ليبحث هو عن المذيع ولكنه بالطبع لم يبحث عن أحد بل مضي يباشر عمله الهندسي كالمعتاد وبعد عشر دقائق تقريبا عاد المهندس ليحدث الوزير عن عدم جدوي البحث عن المذيع بعد أن جري بنفسه حتي مكاتب الموظفين ليبحث عنه فلم يجده.

وانتهي الأمر أخيرا بأن وعد المهندس «معالي الوزير» أن يذيع الخبر السار في الاذاعة التالية التي تبدأ في الساعة الخامسة مساء.

ماتش مطر

ومن أطرف المواقف التي حدثت في إحدي الأغاني الخارجية ما حدث مرة أثناء إذاعة «ماتش» كرة من أحد الملاعب.. كان الاستاذ محمود بدر الدين منهمكا في وصف الماتش بأسلوبه الشائق وفجأة بدأ المطر ينهمر في غزارة وشدة حتي اضطر المتفرجون إلي ترك أماكنهم بالملعب ولكن ماتش اللعب ظل مستمراً ولما كان المطر يضر أجهزة الاذاعة والمهندسون مسئولون عن صيانة أجهزتهم فقد اضطر المهندسون إلي خلع «جاكتاتهم» لتغطية الأجهزة بها ووقفوا يرتعشون من البرد تحت المطر المتساقط بينما ظل الاستاذ محمد بدر الدين في موقفه يتصبب مطرا وهو يواصل إذاعته هاتفا:

عصام هجم علي الجندي.....

والجندي شاط شوطة طويلة.....

ياخسارة ياجندي........

الأثنين والدنيا عدد 987 - 11 مايو 1953

    الاكثر قراءة