تحل اليوم ذكرى رحيل إمام الدعاة الشيخ محمد متولي الشعراوي، الذي ترك أثر لا يمحى في قلوب الملايين بعلمه وأسلوبه الفريد في تفسير القرآن، ومواقفه المتوازنة التي جمعت بين الفهم العميق للدين والوعي بمتغيرات الحياة، وفي زمن تتعالى فيه بعض الأصوات بتحريم الفن والموسيقى، لا تزال إحدى فتاوى الشعراوي تُسترجع بقوة، إذ أفتى بجواز سماع الغناء والموسيقى بشروط وضوابط، موضح متى يتحول المباح إلى محرم.
قال الشيخ الشعراوي، في تفسيره لآية: "وَمِنَ النَّاسِ مَن يشترِي لهو الْحَدِيثِ"، إن اللهو ليس حراما في ذاته، بل يصبح محرما إذا ألهاك عن واجب لله، مؤكدا أن كل ما يلهي عن أداء الفروض والعبادات يعد لهوا، حتى وإن كان في ذاته حسنا.
ودلل الشعراوي على جواز الغناء في مواضع معينة مثل الأفراح والأعياد، واستشهد بحديث النبي -صلى الله عليه وسلم- حين قال لأبي بكر: "نحن في يوم عيد، وابعثوا للمغنين حتى يغنوا"، مشيرا إلى أن الغناء قد يكون وسيلة لتخفيف وطأة العمل الشاق. لكنه شدد على ضرورة ألا يخاطب الغناء الغرائز، وألا يثير الشهوات، وإلا أصبح حرامًا لما فيه من مخالفة للفطرة السليمة.
مواقف مؤثرة بين الشعراوي ونجوم الفن
في ذكرى رحيله، نستعرض أبرز المواقف المؤثرة التي جمعت الشيخ الشعراوي بعدد من نجوم الفن، ممن رأوا فيه أكثر من مجرد داعية، بل مرشداً وملهماً كان له أثر بالغ في مساراتهم، وبعضهم رحل عن عالمنا وهو يحتفظ بتلك الصلة الروحية والفكرية به.
الفنان حسن يوسف، الذي جسد شخصية الشيخ الشعراوي في مسلسل تليفزيوني، وصفه بأنه "كان أبا وشيخي وتاج رأسي"، موضح أنه تعلم منه الحلم والتواضع وحب الله، ويروي موقف طريف حين استشاره في شراء أرض للزراعة بعد الاعتزال، فقال له: "هل أنت فلاح؟"، فلما أجاب بالنفي قال: "يبقى هتخسر!"، ثم نصحه بالعودة للفن لتقديم أعمال تحمل القيم والمبادئ، قائلاً له: "زي ما علمت الشباب يركبوا عربية ويعاكسوا البنات، علمهم دلوقتي يقولوا كلمة طيبة".
أما الفنان رشوان توفيق، فاسترجع نقاش دار بينه وبين الشعراوي حول قصة نقل عرش بلقيس، حيث أبدى الشيخ رأي غير تقليدي مفاده أن من نقل العرش هو سيدنا سليمان نفسه، وليس أحد من الجن أو الإنس، لأن مقام النبوة لا يجوز أن يعلو عليه أحد في العلم.
نادر عماد حمدي، نجل الفنان الراحل، تحدث عن دعم الشعراوي لوالده في لحظة حزن عميقة بعد وفاة شقيقه، مؤكدا أن الإمام كان له دور في إخراج والده من عزلته النفسية.
الفنانة الراحلة مريم فخر الدين روت كيف علمها الشعراوي الصلاة بعدما اعترفت له بأنها لا تعرفها، وبدأت معه بتعلم الفاتحة فقط، حتى حفظت التشهد وأصبحت تؤدي صلواتها كاملة.
أما تحية كاريوكا، فكان لها موقف مؤثر عندما وجدت طفلة رضيعة أمام باب بيتها، فاستشارت الشيخ الشعراوي، فنصحها قائلاً: "أكفليها وسميها عطية الله، فهي مفتاحك للجنة"، بحسب ما روت الفنانة رجاء الجداوي.
سهير البابلي أكدت أن الشعراوي كان له أثر كبير في قرار ارتدائها الحجاب، ونقل عنها قوله لها: "إنتي شيختنا.. إنتي سِبتي حاجة لله، أما إحنا فبنتعلم عشان نبقى مشايخ"، واعتبرته رمزًا لا يتكرر.
أما الفنانة شادية، فكان لقاؤها الأول مع الشيخ الشعراوي مصادفة في مصعد أحد فنادق مكة. وبعد التحية والحديث القصير الذي تخلله استشهاد بآية قرآنية عن المغفرة، تأثرت شادية بشدة وقررت لاحقًا زيارة الشيخ في بيته بمصر، وبعدها أعلنت اعتزال الفن وارتداء الحجاب.
وذكرت الفنانة سميرة عبد العزيز، في وقت سابق، موقفًا حدث معها في جلسة عامة للشيخ الشعراوي، حين سألته عن حكم العمل في المسرح، فأجابها: "إذا كان فيه فايدة للرؤية، وغير خادش لتعاليم الإسلام، يبقى حلال"، ثم حضر بنفسه عرض مسرحي لها عن "صلاح الدين"، مما أثار دهشة الحضور.