نشأ الأديب يوسف السباعي الذي تحل اليوم 17 يونيو، ذكرى ميلاده، في محبة اللغة وسحر السرد، فلم يكن يوسف السباعي مجرد كاتب روائي، لكنه أحد أعمدة الرواية المصرية، وصوتًا جمع بين دفء الكلمة وصلابة الموقف.
كان السباعي حالة إنسانية وفكرية مبدعة، نسجت تفاصيلها بين سطور الحكايات وداخل دهاليز النفس المصرية المتقلبة بين الحب والوطن والانكساراتـ وعرف القارئ العربي يوسف السباعي فارسًا للكلمة الرومانسية، وسفيرًا للوجدان الشعبي، لكنّه كان في الوقت ذاته مفكرًا ومثقفًا ملتزمًا، خاض معارك الفكر والثقافة والسلاح، وترك بصمة لا تزال تؤرق ذاكرة الأدب المصري والعربي.
ميلاده ونشأته
ولد يوسف السباعي في 17 يونيو 1917 بالدرب الأحمر، القاهرة، لأسرة تهوى الأدب والفكر، فكان والده محمد السباعي أديبًا ومترجمًا، ما فتح أمامه أبواب القراءة منذ نعومة أظفاره، حفظ «يوسف» أشعار عمر الخيام التي ترجمها والده من الإنجليزية، والتحق بالكلية الحربية في 1935 وتخرج فيها قائدًا لإحدى فرق الفروسية عام 1937، ليبدأ في منتصف الأربعينات رحلة فريدة جمع فيها بين العسكرية والأدب بقلم رومانسي، وهو ما أضفى على أعماله طابعًا خاصًا، يمزج بين الانضباط والعاطفة، وبين الواجب والحلم.
حياته الأدبية
لم يكن يوسف السباعي روائيًا ناجحًا فقط، لكنه لعب دورًا محوريًا في المشهد الثقافي المصري، فأنشأ السباعي نادي القصة، ثم تولى مجلس إدارة ورئاسة تحرير عدد من المجلات والصحف منها دار الهلال، وروز اليوسف، والأهرام، وآخر ساعة، كما شغل منصب وزير الثقافة عام 1973، وفي عام 1977 أصبح يوسف السباعي نقيباً للصحفيين، وكان له دور واضح في تعزيز دور الثقافة كأداة للسلام والتواصل، لا سيما بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد، التي دفع حياته ثمنًا لها حين اغتيل في قبرص عام 1978 في أثناء مشاركته في مؤتمر آسيوي إفريقي للسلام.
حياته العسكرية
بعد تخرج السباعي في الكلية الحربية تولّى العديد من المناصب، منها التدريس في الكلية الحربية بسلاح الفرسان في عام 1940م، وأصبح مدرساً للتاريخ العسكري بها عام 1943م، ثم اختير مديراً للمتحف الحربي عام 1949م، وتدرج في المناصب حتى وصل إلى رتبة عميد.
أعماله
كتب يوسف السبعي عن الحب بشجن، وعن الوطن بدمع، وعن الإنسان بهدوء المفكر، ولا يزال حاضرًا في ضمير الثقافة، كأحد أولئك الكتّاب الذين امتلكوا المفتاح السحري لعبور القلوب والعقول معًا.
قدم يوسف السباعي 22 مجموعة قصصية، وأصدر 16 رواية آخرها "العمر لحظة" عام 1972م، حيث كتب السباعي في الرواية والقصة والمقال، ومن أبرز أعماله: "رد قلبي"، و"نائب عزرائيل"، و"أرض النفاق"، و"بين الأطلال"، و"إني راحلة"، ومسرحية "أم رتيبة"، و"السقا مات"، و"نادية"، و"جفت الدموع"، و"نحن لا نزرع الشوك"
تكريمه
حصل السباعي على عدد من التكريمات والجوائز منها جائزة الدولة التقديرية في الآداب، ووسام الاستحقاق الإيطالي من طبقة فارس، وجائزة لينين للسلام في عام 1970، ووسام الجمهورية من الطبقة الأولي، وفي عام 1976م فاز بجائزة وزارة الثقافة والإرشاد القومي عن أحسن قصة لفيلمي "رد قلبي"، و"جميلة الجزائرية"، وأحسن حوار لفيلم "رد قلبي"، وأحسن سيناريو لفيلم "الليلة الأخيرة".
اغتياله
اغتيل الأديب يوسف السباعي صباح يوم 18 فبراير 1978 عن عمر ناهز 60 عامًا في قبرص خلال قراءته إحدى المجلات بعد حضوره مؤتمرًا أسيويًا إفريقيًا في أحد الفنادق هناك.