جددت إيران تهديدها بغلق مضيق هرمز في وجه حركة السفن عالميًا، ردًا على الضربات الإسرائيلية التي تستهدف البلاد منذ فجر الجمعة الماضي، بهدف تدمير البرنامج النووي الإيراني، مع مناقشات في الإدارة الأمريكية للانضمام إلى الحرب، وهو ما يثير مخاوف عالميًا بشأن تأثير ذلك على العالم.
تهديد إيراني بغلق مضيق هرمز
وفي تصريحات نقلتها وكالة مهر للأنباء شبه الرسمية، اليوم الخميس، قال بهنام سعيدي، عضو لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني إن إغلاق مضيق هرمز، الذي يمر عبره 20 بالمئة من استهلاك النفط العالمي اليومي، أحد الخيارات التي ربما تتخذها طهران للرد على أعداء البلاد.
وسبق أن هددت إيران بإغلاق مضيق هرمز أمام حركة المرور ردا على الضغوط الغربية، ما دفع السفن التجارية لتجنب المياه الإيرانية قرب المضيق.
ونقلت "فايننشيال تايمز"، أنه تضاعفت أسعار ناقلات النفط مع تجنب مالكي السفن مضيق هرمز، بأكثر من الضعف منذ أن شنت إسرائيل هجومًا على إيران الأسبوع الماضي، وسط تردد مالكي السفن في المخاطرة باستخدام هذا الممر المائي.
ووفقا للصحيفة، قفز سعر استئجار ناقلة نفط خام ضخمة - قادرة على حمل مليوني برميل من النفط - من الخليج إلى الصين من 19,998 دولارًا أمريكيًا يوميًا يوم الأربعاء الماضي، أي قبل يومين من الهجوم الإسرائيلي، إلى 47,609 دولارات أمريكية يوم الأربعاء من هذا الأسبوع، وفقًا لأرقام شركة كلاركسونز للأبحاث.
وتجاوز هذا الارتفاع على هذا المسار بكثير زيادة بنسبة 12% في مؤشر البلطيق لأسعار ناقلات النفط الخام العالمية خلال الفترة نفسها.
ما أهمية مضيق هرمز؟
ومضيق هرمز، وهو طريق حيوي للنفط والغاز الطبيعي المسال العالمي، ويحذر الخبراء من أن مجرد التهديد بإغلاقه قد يُزعزع الأسواق ويدفع أسعار الطاقة إلى ارتفاع حاد.
المضيق لا يتجاوز عرضه 29 ميلًا بحريًا عند أضيق نقطة فيه، ويمر عبره ما يقرب من ثلث النفط المنقول بحراً في العالم وخُمس الغاز الطبيعي المسال العالمي، وتُطلق عليه إدارة معلومات الطاقة الأمريكية لقب "أهم ممر نفطي في العالم"، مما يُؤكد الأهمية الاستراتيجية للممر الذي يربط الخليج العربي بخليج عُمان وبحر العرب.
لماذا يُعد مضيق هرمز محوريًا لسوق الطاقة العالمي؟
في أعقاب الهجمات الإسرائيلية على إيران، أثار المسؤولون الإيرانيون احتمال إغلاق المضيق، مما أدى إلى ارتفاع حاد في أسعار النفط الخام، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية، مرّ حوالي 20 مليون برميل يوميًا من النفط الخام والمنتجات المكررة عبر مضيق هرمز في عام 2023، وهو ما يمثل ما يقرب من 30% من إجمالي تجارة النفط العالمية، كان معظم هذا الحجم - حوالي 70% - متجهًا إلى آسيا، وكانت الصين والهند واليابان من بين أكبر المتلقين.
على الرغم من وجود بنية تحتية بديلة لخطوط الأنابيب، إلا أنها محدودة. تُقدّر وكالة الطاقة الدولية أنه لا يمكن إعادة توجيه سوى 4.2 مليون برميل يوميًا من النفط الخام عبر الطرق البرية، مثل خط أنابيب شرق-غرب السعودي الممتد إلى البحر الأحمر وخط أنابيب أبوظبي للنفط الخام الإماراتي الممتد إلى الفجيرة، حيث تمثل هذه الطاقة بالكاد ربع الحجم اليومي النموذجي الذي يمر عبر المضيق.
حذرت وكالة الطاقة الدولية في تقرير لها من أن "أي أزمة مطولة في مضيق هرمز لن تؤدي فقط إلى تعطيل شحنات المنتجين الخليجيين الرئيسيين - المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت والعراق وقطر - بل ستؤدي أيضًا إلى صعوبة الوصول إلى غالبية الطاقة الإنتاجية الفائضة في العالم، والتي تتركز في الخليج العربي".
وتشير تقارير وكالة الطاقة الدولية إلى أن 90 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال عبر المضيق في الأشهر العشرة الأولى من عام 2023، أي ما يعادل 20% من تجارة الغاز الطبيعي المسال العالمية، وفي ظل عدم وجود طرق بديلة مجدية لصادرات الغاز الطبيعي المسال من قطر أو الإمارات العربية المتحدة، فإن أي إغلاق بحري من شأنه أن يُقلص بشدة العرض العالمي، وحوالي 80% من هذه الكميات من الغاز الطبيعي المسال مُوجهة إلى آسيا، بينما تستقبل أوروبا حوالي 20%،.
ذكرت وكالة الطاقة الدولية أن "الكم الهائل من النفط المار عبر المضيق وندرة الطرق البديلة يعنيان أن أي انقطاعات، حتى لو كانت قصيرة، ستكون لها عواقب وخيمة على السوق العالمية".
ارتفاع أسعار النفط
وارتفعت أسعار النفط الخام بنسبة 13% الأسبوع الماضي وسط تصاعد التوترات بين إسرائيل وإيران. ورغم أن الأسعار تراجعت قليلًا منذ ذلك الحين بعد أن أكدت التقارير أن البنية التحتية للطاقة الإيرانية لم تتأثر بالضربات الإسرائيلية، إلا أن خطر المزيد من التصعيد - واحتمال تعطل تدفقات الطاقة العالمية - لا يزال مرتفعًا.
وحذرت "جولدمان ساكس" من أن سيناريو المخاطرة الشديدة الذي ينطوي على إغلاق مطول للمضيق قد يدفع الأسعار إلى ما يزيد عن 100 دولار للبرميل، فيما يُقدّر بنك الاستثمار الدوي أن إيران تُنتج حاليًا حوالي 3.6 مليون برميل يوميًا من النفط الخام و0.8 مليون برميل يوميًا من المُكثّفات، بمتوسط إجمالي صادرات بحرية يبلغ 2.1 مليون برميل يوميًا حتى الآن هذا العام، معظمها مُوجّه إلى الصين.
وتشير التقديرات إلى أن أي خلل في تدفقات النفط الإيرانية سيكون كافيًا للقضاء على فائض النفط المُتوقع للربع الرابع من عام 2025، مما قد يدفع أسعار خام برنت نحو 80 دولارًا للبرميل، فيما سيؤدي تعطل الشحن عبر مضيق هرمز لخطورة أكبر بكثير، وأن أي خلل كبير في هذه التدفقات قد يدفع الأسعار إلى الارتفاع إلى 120 دولارًا للبرميل، وخاصة لأن معظم الطاقة الإنتاجية الفائضة لمنظمة أوبك تقع في الخليج الفارسي، ولن يكون من الممكن الوصول إليها في ظل هذه الظروف.