قال نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية البشرية وزير الصحة والسكان الدكتور خالد عبدالغفار إن مصر شريك فعال في بناء نظام صحي إفريقي قائم على الابتكار والتكامل الصناعي والتعاون بمجالات البحث والتدريب وحوكمة استخدام الذكاء الاصطناعي بما يراعي خصوصية القارة وأولوياتها الصحية.
جاء ذلك في كلمة وزير الصحة خلال افتتاحه، نيابة عن رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، فعاليات النسخة الرابعة من مؤتمر ومعرض "صحة أفريقيا 2025" المقام تحت شعار "الابتكار والاستقلال: تسخير الذكاء الاصطناعي والتصنيع المحلي لتعزيز أنظمة الصحة الإفريقية" خلال الفترة (25 - 27) يونيو الجاري، وذلك تحت رعاية السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي.
وأضاف عبدالغفار "أن مصر استطاعت تحقيق مستوى متقدم من الاكتفاء الذاتي في إنتاج الأدوية محليًا، بفضل التوسع في التصنيع الوطني والاستثمار في البنية التحتية الصناعية، والتوسع في إنتاج المضادات الحيوية، وأجهزة التنفس الصناعي وأدوية الأورام".
وثمن رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي لهذا الحدث القاري الهام، مؤكدًا أن متابعة الرئيس الدقيقة لأعمال المؤتمر ومخرجاته تعكس حرص القيادة السياسية على دعم مسيرة تطوير القطاع الصحي في مصر والقارة الإفريقية.
وأكد أن انعقاد هذا الحدث القاري الهام على أرض مصر يعكس التزام الدولة العميق بقضايا الصحة والتنمية في إفريقيا وتكامل الرؤية الوطنية في قطاع الصحة مع أهداف الاتحاد الإفريقي ورؤية "إفريقيا 2063"
وأوضح أن المؤتمر يمثل منصة استراتيجية تجمع صانعي القرار والخبراء والقطاع الخاص، من أجل بلورة حلول عملية لتطوير أنظمة صحية قوية، مرنة وعادلة تخدم شعوب القارة، مؤكدًا أن الرعاية الصحية المتكاملة لا يمكن تحقيقها دون الاعتماد على التصنيع المحلي، والاستثمار في الذكاء الاصطناعي، وتطوير الكفاءات الصحية الإفريقية.
واستعرض وزير الصحة جهود مصر في التحول الرقمي بالقطاع الصحي، حيث أطلقت الاستراتيجية الوطنية للصحة (2024 - 2030)، والاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي (2025 - 2030) اللتين تضعان الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي في منظومة الرعاية الصحية.
ولفت إلى نجاح مصر في بناء منظومة السجل الصحي الموحد، واستخدام أدوات التحليل التنبؤي والذكاء الاصطناعي لدعم اتخاذ القرار، وتحسين جودة الخدمات الصحية، بما يحقق المساواة في الوصول إلى الرعاية.
وأشار إلى أن الذكاء الاصطناعي ليس مجرد أداة تقنية بل يمثل ركيزة أساسية ضمن نموذج متكامل لحوكمة الابتكار، توازن فيه الدولة بين التطوير التكنولوجي والرقابة المؤسسية، بما يضمن توجيه هذه التقنيات لخدمة النظام الصحي الوطني، وتعزيز جودة الرعاية.
وتابع عبدالغفار "أن الدولة تولي أهمية خاصة لتوظيف الذكاء الاصطناعي في دعم العدالة الصحية؛ إيمانًا بأن الغاية الأولى من هذه التقنيات المتقدمة هي خدمة الإنسان".
وأكد - في ختام كلمته - التزام مصر بمواصلة جهودها لتعزيز التضامن الصحي بين دول القارة وتحقيق أهداف الأمن الصحي الإفريقي، قائلًا "يضع الإنسان في قلب التنمية، ويستند إلى القيم الإفريقية المشتركة، من أجل قارة أقوى، أكثر عدالة، وأكثر قدرة على رسم مصيرها بأدواتها وإرادتها".
من جانبه..أكد رئيس الهيئة المصرية للشراء الموحد الدكتور هشام ستيت أن انعقاد النسخة الرابعة من معرض ومؤتمر "صحة إفريقيا" يأتي في إطار تكامل الرؤية الوطنية المصرية في الصحة العامة مع استراتيجية الاتحاد الإفريقي ورؤية إفريقيا 2063.\
وقال "إن هذا الحدث القاري يمثل منصة استراتيجية لدعم الريادة الصحية الإفريقية، بفضل الشراكة المثمرة بين مصر، والمركز الإفريقي لمكافحة الأمراض والوقاية منها (Africa CDC)، ووكالة الاتحاد الإفريقي للتنمية (AUDA-NEPAD)".
واستعرض أبرز إنجازات مصر في توطين الصناعات الطبية الحيوية، وفي مقدمتها إنتاج أول دفعة محلية من الأنسولين طويل المفعول، إنشاء مصانع للأجهزة الطبية المتقدمة مثل: الرنين المغناطيسي والموجات فوق الصوتية، وتصنيع مستلزمات غرف العمليات وأدوية الأورام، فضلًا عن تحقيق تقدم ملموس في إنتاج أجهزة التنفس الصناعي، الكواشف المعملية، والمحاليل الطبية.
وتابع أن هيئة الشراء الموحد لها دور محوري في تحقيق التكامل بين الأهداف الصحية الوطنية والطموحات القارية، بما يسهم في تعزيز أمن واستدامة القطاع الصحي في مصر وإفريقيا.
وبدوره..قال رئيس هيئة الدواء الدكتور علي الغمراوي "إن سوق الدواء المصري يعد الأكبر إفريقيًا، حيث تبلغ قيمته المالية نحو 6.2 مليار دولار بإجمالي تداول يتجاوز 3.5 مليار عبوة سنويًا، مع تحقيق معدل نمو مركب بلغ 15% ومتوقع أن يستمر حتى عام 2028، وهو معدل يفوق المعدلات العالمية.
وتابع أنه بمقارنة قيمة السوق الدوائي الإفريقي البالغ قيمته 23 مليار دولار، نستنتج القيمة الهائلة التي يستحوذ عليها سوق الدواء المصري ، الذي يبلغ ما يزيد على 27% من قيمة السوق الإفريقي، مع العلم أن التعداد السكاني لمصر يمثل 8% من التعداد السكاني للقارة.
وأضاف أن مصر تمتلك حاليًا 179 مصنعًا للأدوية البشرية منها 11 مصنعًا حاصلًا على اعتمادات دولية من المنظمات الدولية المرجعية كمنظمة الصحة العالمية، وأن مصر تمتلك 150 مصنعًا للمستلزمات الطبية، و4 مصانع للمستحضرات الحيوية، و130 مصنعًا لمستحضرات التجميل، و5 مصانع للمواد الخام، بإجمالي 2370 خط إنتاج منها 990 خطًا مخصصًا لإنتاج الأدوية، بالإضافة لما يقرب من 1600 شركة توزيع دوائية وما يزيد على 80 ألف صيدلية.
ومن ناحيته..قال مستشار رئيس الجمهورية لشؤون الصحة والوقاية الدكتور محمد عوض تاج الدين إن مؤتمر "صحة إفريقيا" أصبح منصة رائدة تتطور عامًا بعد عام، بفضل ما يشهده من تطورات مستمرة وطرح قضايا صحية جوهرية تمس حاضر ومستقبل القارة الإفريقية.
وأشاد بالدعم المتواصل الذي يقدمه الرئيس عبدالفتاح السيسي لهذا الحدث الحيوي بجميع نسخه، موجهًا الشكر إلى القيادة السياسية على الرعاية الكاملة لملف الصحة بالقارة، مؤكدًا أن هذا الدعم يعكس قناعة الدولة المصرية بأهمية بناء أنظمة صحية قوية ومستدامة في إفريقيا.
وأضاف أن القارة لا تزال تواجه تحديات صحية في العديد من الدول، مشيرًا إلى أن مصر تمتلك خبرات متراكمة في التعامل مع الأزمات الصحية، وهو ما ظهر بوضوح خلال جائحة كورونا.
ولفت إلى أن الذكاء الاصطناعي بات أداة فاعلة في تحسين خدمات الرعاية الصحية، ورفع كفاءة التشخيص وإدارة الموارد، مع التأكيد على أن هذه التكنولوجيا لا يمكن أن تكون بديلاً عن العنصر البشري، بل داعمًا يعزز من كفاءة أداء الكوادر الطبية.
ومن جهته..قال نائب المدير العام لمركز إفريقيا لمكافحة الأمراض والوقاية منه الدكتور راجي تاج الدين - في كلمة ألقاها نيابة عن الدكتور جان كاسيا المدير العام للمركز الإفريقي لمكافحة الأمراض والعدوى بالاتحاد الإفريقي - إن هذا المؤتمر يمثل قاطرة تدفع القطاع الصحي في القارة نحو مستقبل أكثر تطورًا واستدامة، معربًا عن سعادته بالمشاركة في النسخة الرابعة لهذا الحدث الهام، موجهًا بالشكر إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي على قيادته الحكيمة ودعمه المتواصل للنهوض بالقطاع الصحي في إفريقيا.
وأشار إلى الأهمية المتزايدة لتوظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في تعزيز كفاءة الخدمات الصحية، ودورها المحوري في خفض معدلات الوفيات المبكرة، مشددًا على ضرورة تعزيز الاعتماد على التصنيع المحلي داخل القارة، بما يسهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي وتأمين سلاسل الإمداد الطبية.
وخلال فعاليات الجلسة الافتتاحية لمعرض ومؤتمر "صحة إفريقيا 2025"، تم عرض فيلم تسجيلي حول ما تحقق في النسخ السابقة من المؤتمر، وما سيتم تقديمه من أوجه دعم تتعلق بتوطين الصناعات الطبية في القارة الإفريقية، تحقيقا لمبادئ التنمية المستدامة، هذا إلى جانب العمل على استمرارية وتحقيق الاكتفاء الذاتي للصناعات الطبية في إفريقيا، والجهود المصرية بهذا الصدد، لاسيما ما يتعلق بتوطين صناعة الأدوية والأجهزة الطبية.
وشهد وزير الصحة - خلال الفعاليات - جلسة حوارية حول سبل تسخير تقنيات الذكاء الاصطناعي والتوسع في التصنيع المحلي لتعزيز أمن واستدامة النظم الصحية في إفريقيا، من خلال استعراض أحدث الابتكارات في التشخيص والرعاية الصحية المدعومة بالذكاء الاصطناعي، ودور التصنيع المحلي في تقليل الاعتماد على الواردات وتأمين سلاسل الإمداد.
وعقب مشاركته بفعاليات المؤتمر، تفقد وزير الصحة أجنحة المعرض الطبي الإفريقي الرابع، والذي يضم مجموعة من كبرى شركات تصنيع الأدوية، والأجهزة والمستلزمات الطبية.
كما تفقد عددًا من أجنحة الشركات العارضة، واستمع إلى شرح مفصل حول ما تم تنفيذه من أنشطة في مجالات الذكاء الاصطناعي، وتوطين الصناعة وخطط العمل المستقبلية، كما اطلع على نماذج للتصنيع المحلي الكامل لأجهزة السونار، وأجهزة التنفس الصناعي، وأجهزة الأشعة المتنقلة، وأجهزة غرف العمليات، وأجهزة الكشف على الأسنان، وأجهزة الرنين المغناطيسي.
وأكد أن دخول مصر مجال الصناعات الطبية الثقيلة يعكس مكانتها الرائدة في القارة الإفريقية، ويفتح آفاق واعدة أمام فرص التصدير إلى دول القارة.