يبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية، ومن قبلها إسرائيل، فشلتا في مهمة تدمير المنشآت النووية الإيرانية، في خضم الحرب الأخيرة التي دامت لـ12 يومًا، في ظل تقارير استخباراتية تفيد بأن مخزون طهران من اليورانيوم عالي التخصيب سليم.
اليورانيوم المخصب سليم
أشارت تقارير استخبارية إلى أن مخزون إيران من اليورانيوم عالي التخصيب لم يتأثر من الضربات الأمريكية، حسب ما نقلته صحيفة "تلجراف" البريطانية عن مسؤولين أوروبيين.
ويأتي ذلك بعد أن خلص تقرير استخباراتي أمريكي إلى أن ضربات الولايات المتحدة التي استهدفت منشآت فوردو ونطنز وأصفهان النووية الإيرانية، التي تعد نواة البرنامج النووي لـ"طهران"، ألحقت أضرارًا كبيرة بتلك المواقع، لكنها لم تؤدِ إلى تدمير كامل لها، حسب ما أورده إعلام أمريكي.
وكشف ذات التقرير عن أن جزءًا من اليورانيوم عالي التخصيب الإيراني نُقل من المواقع قبل الضربات، وبالتالي نجا منها، كما أن معظم أجهزة الطرد المركزي لم تتعرض لأضرار.
وعلى الصعيد الرسمي، رفضت الولايات المتحدة ما أوردته وسائل الإعلام في شأن ضرباتها ضد منشآت طهران النووية، معتبرة ذلك محاولة للتقليل من ما أسمته "نجاحها في تدمير المنشآت النووية الإيرانية".
كذلك، تؤكد إسرائيل، من جانبها، على أنها نجحت في تدمير البرنامج النووي الإيراني عبر هجماتها في الحرب التي شنتها على طهران في الـ13 من الشهر الحالي، واستمرت لمدة 12 يومًا.
وفي غضون ذلك، قالت صحيفة "تلجراف" عن مسؤولين أوروبيين، إن حكومات أوروبية تلقت تقييمات استخبارية أولية تشير إلى أن مخزون إيران من اليورانيوم عالي التخصيب لا يزال سليمًا بالرغم من الضربات الجوية الأمريكية التي طالت المنشآت النووية.
غير أن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ما يزال يؤكد على أن منشآت طهران النووية دُمّرت بالكامل، حسب ما جاء في تصريحات له، أمس الخميس.
الدفع نحو المفاوضات
في ذات الإطار، تناقش الإدارة الأمريكية برئاسة دونالد ترامب، إمكانية مساعدة طهران في بناء برنامج نووي "مدني"، إلى جانب مميزات أخرى من ضمنها تخفيف العقوبات كجزء من محاولة مكثفة لإعادة إيران إلى مسار المفاوضات، الذي تعطل جراء العدوان الإسرائيلي، وفق ما نقلته شبكة "سي إن إن" الأمريكية عن مصادر مطلعة.
وحسب الشبكة الأمريكية، فإن جزءًا من تفاصيل العرض الأمريكي المقدم إلى طهران نوقش في اجتماع سري بين المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف وشركاء خليجيين في البيت الأبيض الجمعة الماضية، وذلك قبل ساعات من توجيه ضربات عسكرية أمريكية لإيران.
وضمن هذا العرض، ستستثمر الولايات المتحدة نحو 20-30 مليار دولار في برنامج نووي إيراني للأغراض المدنية، هذا إلى جانب إمكانية رفع بعض العقوبات المفروضة على طهران، والسماح لها بالوصول إلى ستة مليارات دولار مقيدة في حسابات مصرفية أجنبية.
هل ستأتي طهران إلى المفاوضات؟
وبالرغم من تصريح الرئيس الأمريكي أن بلاده ستجتمع مع الإيرانيين الأسبوع المقبل، فإن طهران أكدت أنه لم يتم التوصل إلى أي اتفاق بخصوص مفاوضات مع أمريكا، بل لم يُجرَ حتى أي نقاش بهذا الشأن.
وأكد وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، أمس، أن طهران لم تتخذ بعد أي قرار لبدء محادثات نووية مع واشنطن.
وشدد وزير الخارجية الإيراني على أن بلاده تأثرت بطبيعة الحال بالهجوم الإسرائيلي الذي جاء بضوء أخضر أمريكي، أثناء ما كانت تتفاوض مع الولايات المتحدة، ومع ذلك، أكد على أن أبواب الدبلوماسية ما تزال مفتوحة.
وفي الـ24 من يونيو 2025، دخل وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران حيّز التنفيذ، منهيًا حالة الاقتتال التي دامت 12 يومًا، تبادل خلالها الطرفان ضربات مدمّرة، في محاولة لإثبات تفوّق كل منهما على الآخر.
واندلعت الحرب بعد أن أطلقت إسرائيل عملية "الأسد الصاعد" فجر الـ13 من يونيو الجاري، بهدف تدمير منشآت طهران النووية، لترد إيران مساء اليوم ذاته بإطلاق عملية "الوعد الصادق ٣" بهدف الرد على الهجمات الإسرائيلية.
ومثّل هذا الصراع أكبر تصعيد بين إسرائيل وإيران، اللتين يجمعهما عداء طويل منذ عقود، حيث يُعدّ انتقالًا من حرب الظل التي استمرت بينهما سنوات إلى صراع عسكري مفتوح.