الأحد 29 يونيو 2025

مقالات

ثورة 30 يونيو ودور مصر العربي والإقليمي

  • 28-6-2025 | 13:01
طباعة

ثورة " 30 يونيو 2013 " أصبحت نقطة تحول محورية في التاريخ المصري الحديث, حيث تجاوز أثرها حدود الداخل المصري لتمتد إلى إعادة تشكيل الدور الإقليمي لمصر في المنطقة العربية والإفريقية.

هذه الثورة الشعبية التي خرج فيها الملايين مطالبين بإسقاط حكم جماعة الاخوان الإرهابية, لم تكن مجرد حركة احتجاجية عابرة بل كانت "ثورة إنقاذ" أنقذت مصر من مخاطر التفكك والحرب الأهلية وفقاً لتوصيف النخب السياسية المصرية، لأن 30 يونيو مثلت لحظة فارقة أعادت مصر إلى مسارها التاريخي كدولة وطنية قوية, وهو ما انعكس مباشرة على قدرتها في استعادة دورها الإقليمي بعد سنوات من التراجع.

قبل الخوض في تأثير ثورة 30 يونيو من الضروري فهم السياق التاريخي للدور الإقليمي لمصر، فمنذ عهد محمد على باشا في القرن التاسع عشر سعت مصر لبناء دولة حديثة تمتد نفوذها إلى بلاد الشام، محققة مايمكن اعتباره "النواة الصلبة للدولة العربية الحديثة" وفي العصر الناصري, عززت مصر دورها من خلال دعم حركات التحرر الوطني وتأميم قناة السويس وقيادة مشروع الوحدة العربية, وتوقيع اتفاقيات كامب ديفيد, حيث خرجت مصر" من دائرة الصراع مع إسرائيل".

وجاءت ثورة 30 يونيو لوضع الأسس الداخلية للنهوض الإقليمي:-

- أولاً استعادة الاستقرار الداخلي حيث شكلت ثورة 30 يونيو رداً شعبياً على حكم جماعة الإخوان الإرهابية الذي استمر عاماً واحداً 2012-2013 ووصفته مصادر رسمية بأنه عام أسود شهد تدهوراً في الأمن ومحاولات لأخونة مؤسسات الدولة.

وقد مهدت الثورة الطريق لانتخاب الرئيس عبد الفتاح السيسي في 2014، الذي قاد عملية إصلاح داخلي شاملة شملت " مكافحة الإرهاب والقضاء على الجماعات المسلحة في سيناء, وإطلاق مشروعات تنموية كبرى مثل مبادرة "حياة كريمة" لتطوير الريف والقرى الفقيرة، الذي نجحت في خفض معدلات الفقر بنسبة 11 بالمائة في القرى المستهدفة.

الثورة اتخذت طريقاً صعباً في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية مثل تحرير سعر الصرف, وإطلاق مبادرات صناعية مشتركة مثل التكامل الصناعي العربي مع دول الأردن والعراق, وإنشاء مجمعات صناعية جديدة كمدينة الجلود بالروبيكي ومدينة الدواء بالخانكة, والمشروع القومي للطرق الذي مهد 7 آلاف كم من الطرق، بما في ذلك الطرق الصحراوية التي تربط مصر بدول الجوار مثل ليبيا والسودان, مما عزز التجارة والنقل البري الإقليمي مثل طريق "الداخلة – شرق العوينات" 275 كم، وطريق "توشكى – شرق العوينات "359كم، الذي يربط مصر بمناطق التعدين والسياحة في الجنوب.

أيضاً من المشروعات الاقتصادية محور تنمية قناة السويس ويشمل تطوير المواني والمناطق اللوجيستية حول القناة، معززاً دور مصر كمحور للتجارة الدولية بين أوروبا وآسيا وإفريقيا، كما ساهم المشروع في جذب استثمارات أجنبية مباشرة بلغت 5.9 مليار دولار عام 2020.

ومن المشروعات الزراعية والأمن الغذائي مشروع توشكى الخير يستهدف استصلاح 2 مليون فدان، ويعزز الأمن الغذائي لمصر والدول المجاورة عبر تصدير المحاصيل. كما يضم المشروع أكبر مزرعة نخيل في الشرق الاوسط.

كذلك زادت إنتاجية القمح من 9 ملايين طن عام 2021 الى 10 ملايين طن عام 2022، مما يقلل فجوة الاستيراد ويعزز الاكتفاء الذاتي في ظل الازمات العالمية.

هذه الإصلاحات الداخلية شكلت الأساس الذي مكن مصر من استعادة دورها الإقليمي, إذ أن " الجبهة الداخلية القوية هي أساس السياسة الخارجية الناجحة".

• ثانياً سياسة (تصفير المشاكل) في العلاقات الخارجية:-

بعد 30 يونيو، انتقلت مصر من مرحلة الدفاع عن شرعيتها الدولية –بعد تعليق عضويتها في الاتحاد الإفريقي وتجميد المساعدات الأمريكية- إلى تبني سياسة خارجية نشطة تقوم على" تنويع التحالفات وعدم الارتهان لأي قطب دولي واحد، الانفتاح على الشرق (روسيا و الصين) مع الحفاظ على العلاقات التقليدية مع الغرب، وتبني سياسة (تصفير المشاكل) مع الدول التي كانت العلاقات معها متوترة مثل تركيا وقطر.

أعادت مصر تأكيد دورها المركزي في المحيط العربي حيث لعبت مصر دوراً محورياً في القضايا العربية الوساطة بين الفصائل الفلسطنية, وفي الأزمة الليبية عبر دعم المسار السياسي, وفي الأزمة السورية من خلال المشاركة في اجتماعات اللجنة المصغرة الدولية, وقضية سد النهضة حيث أصرت مصر على حلول تفاوضية لأزمة سد النهضة الأثيوبي, مع التأكيد على حقوقها التاريخية في مياه النيل, وتعاونت مصر مع دول الخليج في مواجهة التهديدات المشتركة, وشاركت في التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن, لأجل تحقيق الأمن القومي العربي.

واستعادة دورها في المحيط الإفريقي بعد عودة مصر إلى الاتحاد الافريقي عام 2014 بعد عام من تعليق العضوية، وتمكنت من ترأس الاتحاد الافريقي في عام 2019، وتعزيز التعاون مع دول حوض النيل, ولعبت دور وساطة في الأزمات الإفريقية بالأزمة السودانية.

انضمام مصر لاتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية (AfCFTA) مما ساهم في تعزيز الصادرات المصرية إلى الأسواق الإفريقية, حيث ارتفعت الصادرات من 18.6مليار دولار عام 2015 إلى 32.3 مليار دولار عام 2021.

الدور المصري في شرق المتوسط شهدت السنوات التالية لثورة 30 يونيو تحول مصر إلى " قوة إقليمية رئيسية" في مجال الطاقة, من خلال اكتشافات الغاز الكبرى في حقل "ظهر" الذي أصبح ينتج 3مليارات قدم مكعب يومياً,مما أدي إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز وبدء التصدير لدول مثل الأردن وأوروبا، مما عزز مكانة مصر كمركز إقليمي للطاقة.

أيضاً مجمع بنبان للطاقة الشمسية يعد أحد أكبر مشاريع الطاقة الشمسية في العالم بقدرة 1.465 ميجاوات, وساهم في تحويل مصر إلى مصدر للطاقة النظيفة مما عزز تعاونها مع الدول الجوار وتأسيس منتدى غاز شرق المتوسط عام 2019 كمظلة للتعاون الإقليمي، وترسيم الحدود البحرية مع اليونان في 2020 . التي حمت المصالح المصرية وواجهت التوسع التركي.

تمكنت مصر تحت قيادة الرئيس السيسي من تعزيز دورها الإقليمي بصورة غير مسبوقة في بعض المجالات خاصة في ملف الطاقة والتعاون الإقليمي, لقد تحولت مصر من دولة تواجه تهديدات التفكك الداخلي إلى دولة محورية، تؤثر في محيطها الإقليمي، ومع ذلك، تبقى التحديات قائمة خاصة في ظل التحولات الجيوسياسية الكبرى في المنطقة وتصاعد التنافس الدولي, لكن الأساس الذي وضعته ثورة يونيو –المتمثل في دولة وطنية مستقرة وقوية- يظل الضمانة الأهم لاستمرار مصر في لعب دورها التاريخي كقاطرة للتطور والاستقرار في المنطقة العربية والإفريقية.

"حفظ الله مصر "

أعادت مصر تأكيد دورها المركزي في المحيط العربي حيث

لعبت مصر دوراً محورياً

في القضايا العربية

لم تكن ثورة 30 يونيو مجرد حركة احتجاجية عابرة بل كانت

"ثورة إنقاذ " أنقذت مصر من مخاطر التفكك والحرب الأهلية وفقاً لتوصيف النخب

السياسية المصرية

تمكنت مصر تحت قيادة الرئيس السيسي من تعزيز دورها الإقليمي بصورة غير مسبوقة في بعض المجالات خاصة في ملف الطاقة والتعاون الإقليمي

أخبار الساعة

الاكثر قراءة