السبت 28 يونيو 2025

إلهام شاهين: «30 يونيو» محفورة فى قلبى.. وأنقذتنا من حكم لا يؤتمن

إلهام شاهين

28-6-2025 | 13:12

نانيس جنيدى
بين مشهد الثورة ومشاركة أهل الفن فيه، تقف الفنانة الكبيرة إلهام شاهين شامخة فى مواقفها، ثابتة فى قناعاتها، لا تهادن، ولا تخشى أن تقول ما تؤمن به، فلم تكن إلهام شاهين مجرد فنانة تتنقل بين الأدوار والشخصيات، بل ظلت من الأصوات النادرة التى اختارت أن يكون للفن موقف وصوت ذا ثقل فى معارك الوعى والانحياز للوطن، حيث خرجت من خلف الأضواء إلى قلب الشارع، لتكون شاهداً ومشاركاً فى لحظة فارقة من تاريخ مصر الحديث. فى 30 يونيو 2013، كانت حاضرة بالفعل والموقف، تهتف وسط الجموع، وترفع علم الوطن فى وجه أعدائه، غير عابئة بما يمكن أن يحدث من تهديدات. فى هذا الحوار، تفتح إلهام قلبها للحديث عن ثورة 30 يونيو التى نزلت فيها إلى الشارع من الصباح الباكر، متحدية الإخوان إسوة بكل فئات الشعب المصرى، لتعلن انحيازها الكامل للوطن، واليوم تتحدث عن الفن بعد الثورة وتسترجع ذكرياتها مع أحداث الثورة المجيدة، فإلى نص الحوار. تمثل ثورة 30 يونيو محطة فارقة فى وجدان المصريين.. ماذا تعنى لكِ شخصياً ؟ 30 يونيو بالنسبة لى ليست مجرد تاريخ سياسى، بل لحظة محفورة فى قلبى لا تنسى، كنت فى الشارع منذ التاسعة صباحاً، رغم أن التجمع الرسمى للفنانين من وزارة الثقافة كان مقرراً فى الثانية عشرة ظهراً بمنطقة الزمالك، لكننى لم أحتمل الانتظار، اصطحبت يسرا من منزلها، ثم مررنا على ليلى علوى، وذهبنا جميعاً بسيارتى، كانت هذه أول مرة فى حياتى أشارك فى ثورة، ومع أننى كنت أتلقى تهديدات عديدة وقتها، لم أتردد أو أتراجع لحظة واحدة، فقد شعرت أن واجبى كمواطنة وفنانة يفرض على أن أكون هناك، فى قلب الحدث، وسط الناس. كيف ترين دور الفنانين فى تلك اللحظة المفصلية من تاريخ مصر؟ كان لنا دور حقيقى وفعال، وشعرت أننا كنا فى المكان الصحيح فى التوقيت الأهم، كلنا كنا موجودين فى المشهد: يسرا، هالة سرحان، عزت العلايلى، نادية الجندى، فردوس عبد الحميد، خالد الصاوى، عمرو يوسف، عمرو سعد، وكثيرون غيرهم، كنا مجموعة ضخمة، وكان وجودنا ملحوظاً. حضورنا وسط الناس لم يكن رمزياً فقط، بل كان دافعاً للكثيرين، لأن الناس تحبنا وتثق بنا، وتعتبرنا قدوة، وكثير من الناس شعروا بالاطمئنان حين رأونا بينهم، وأرادوا أن يشاركوا كما شاركنا، فى تلك اللحظة، شعرت أننا نقدم مشهداً مشرفاً للفن المصرى، ليس على الشاشة، بل فى الواقع. هل انعكست ثورة 30 يونيو على المشهد الفنى فى السنوات التى تلتها؟ بلا شك، كان لها تأثير واضح، حيث أصبحنا نرى اهتمام بنوعية المحتوى الذي يقدم وفى الدعم الذى يقدم للوجوه الشابة وأيضا فى الاهتمام بالفن والثقافة بشكل عام. وهل تغيرت طبيعة الأعمال الفنية بعد الثورة؟ إلى حد ما، نعم هناك بعض المحاولات لتقديم أعمال تحمل طابعاً وطنياً، مثل مسلسل «الاختيار» الذى سلط الضوء على بطولات الجيش المصرى والشرطة المصرية، وهو عمل مهم ومحترم، كما أصبحت هناك بعض الأعمال الفنية المتميزة والتى تتطرق إلى الحياة الاجتماعية والموضوعات التى تهم شريحة كبيرة من المشاهدين، ما يعزز الانتماء والولاء لدى الأجيال الجديدة ولكننا نحتاج إلى الاستمرار فى إنتاج المزيد من هذه الأعمال. ما الرسالة التى توجهينها فى ذكرى 30 يونيو؟ 30 يونيو كانت ثورة شعب حقيقية، خرج فيها المصريون لحماية بلدهم وهويتهم من خطر داهم. فمن كانوا فى الحكم آنذاك لم يكونوا مؤمنين بالوطن، وكان فكرهم متطرفاً يهدد روح المجتمع المصرى، كان من الممكن أن نتراجع كثيراً، لكن الشعب اختار أن نستمر كدولة عرفت بالوسطية واحترام الجميع. كيف ترين وضع الدراما حالياًً؟ الدراما تشهد تطوراً على مستوى الصورة والتقنية، وكذلك الموضوعات وقد استطعنا أن نحقق بعد الثورة تقدماً ملحوظاً فى التعبير عن القضايا والمشكلات التى تهم المواطن وتعبر عنه كما ظهر تواجداً للأعمال التى تقدم فى صورة الحلقات المتصلة المنفصلة وكلها تتناسب مع طبيعة العصر الراهن، وكما أشرت فأن هناك تواجداً ملحوظاً للوجوه الجديدة الموهوبة واستطاعت من خلال الدعم المقدم لها أن تتواجد بصورة كبيرة على الساحة الفنية. وهل حدث نفس التطور فى الأعمال السينمائية؟ بالتأكيد فأتذكر تكالب الجمهور على حضور فيلم مثل «الممر» فقد ظهرت أيضا بعد الثورة على شاشة السينما عدد من الأعمال الوطنية التى نحتاج إلى تقديمها لأبنائنا فى المرحلة الحالية والتى ترصد للبطولات والتضحيات التى قام بها جنودنا وشعبنا من أجل الحفاظ على هذا الوطن، وبجانب هذه النوعية المطلوبة والضرورية، كانت هناك بعض الأعمال السينمائية الراقية والتي قدمت موضوعات تعبر عن المرأة والشباب والتطور التكنولوجي بصورة صحيحة. فى رأيك.. هل الدراما التليفزيونية سبقت السينما اليوم؟ الدراما تطورت كثيراً، خصوصاً بعد دخول المنصات الرقمية، لكنها فى كثير من الأحيان تنساق وراء الإيقاع السريع والموسمية وإن كان هذا لا يمنع أن الإنتاج الدرامى فى السنوات الأخيرة قد حقق طفرة ملموسة وأصبح هناك إهتمام كبير بقضايا المجتمع. وكيف عكست الدراما قضايا المرأة وبالأخص بعد ثورة يونيو؟ خطونا خطوات مهمة وعن نفسي استطيع القول إنني شاركت فى بعض الأعمال الدرامية التي عبرت عن قضايا المرأة بصورة ملموسة، وبجانب هذا نجد أن الاهتمام الكبير الذى حظيت به المرأة فى شتى المجالات بعد تولي سيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي لمقاليد الحكم، قد انعكس أيضا علي الاهتمام بتقديم قضاياها علي الشاشة، ونفس الأمر نجده فيما يتعلق بالاهتمام بتقديم قضايا ذوي الهمم وكبار السن فكليهما أصبح موجود على الشاشة وأصبح الفن يعبر عنه بصورة واضحة بل ويعكس الاهتمام الذى نالته هذه الفئات فى السنوات الأخيرة. بعد هذه المسيرة الطويلة فى عالم الفن.. كيف ترين نفسك اليوم؟ أشعر بأننى لا زلت فى منتصف الطريق، رغم كل ما قدمته عبر السنوات، لا يزال الشغف يسكننى، والطموح يحركنى، والأسئلة تتجدد داخلى، ما زلت أبحث عن إجابات من خلال الفن، وأشعر أن أمامى الكثير لأقوله ولأعبر عنه. ما المعايير التى تحكم اختياراتك الفنية؟ الموقف.. هذا هو ما يحدد قرارى، لا يكفينى أن تكون القصة جيدة أو الدور مغرياً، المهم أن يحمل العمل فكرة تحركنى، أو قضية تستفزنى إنسانياً وفكرياً، أُحب الفن الذى يقول شيئاً حقيقياً، حتى لو كان صادماً، الفن ليس مجرد وسيلة للترفيه، بل هو ضمير مجتمعى ورسالة يجب أن تقال. هل هناك أدوار شعرتِ بالندم على تقديمها لاحقاً؟ بصراحة، لا قد تكون هناك أعمال كنتُ أستطيع تقديمها بشكل أفضل، أو جاءت فى توقيت غير مناسب، لكننى لا أندم، كل دور لعبته أضاف لى شيئاً، حتى الأخطاء كانت دروساً مهمة، أؤمن بأن كل خطوة، كانت ضرورية لتكوينى الفنى والإنسانى، وللوصول إلى ما أنا عليه اليوم. كيف تتعاملين مع النقد؟ أرحب كثيراً بالنقد البناء، وأحترمه لأنه يساعدنى على التطور لكن عندما يتحول النقد إلى تجريح أو شماتة، فأنا ببساطة أتجاهله، أعمل من قلبى، ولا أضع فى بالى إرضاء الجميع، لأنه أمر مستحيل الفن فى النهاية أذواق، ومن يحبنى فأهلاً وسهلاً، ومن لا يعجبه ما أقدمه، هذا حقه الكامل، لكن دون تجاوز أو إساءة. ما الدور الذى تحلمين به ولم يتحقق بعد؟ أحلم بأن أقدم شخصية من التاريخ المصرى أو العربى، لكن بشكل إنسانى، لا كسردٍ للأحداث فقط، أرغب فى تقديم سيرة ذاتية لامرأة عظيمة.. ليست بالضرورة مشهورة، بل المهم أن تكون ملهمة. من المخرج الذى ترك أثراً كبيراً فى مسيرتك؟ كل مخرج عملت معه أضاف لى شيئاً مختلفاً، لكن لا يمكننى أن أنسى الراحل محمد خان، فقد كان يرى تفاصيل لا يراها غيره، وكان يعامل الممثل كأنه كنز يجب اكتشافه، وكذلك المخرج على عبد الخالق، له مكانة خاصة فى قلبى، فقد قدمنى فى بدايات مهمة شكلت جزءاً كبيراً من شخصيتى الفنية.