الإثنين 30 يونيو 2025

عرب وعالم

الاقتصاد الأمريكي يُبدي صمودًا مفاجئًا في وجه التحديات رغم الحرب التجارية

  • 28-6-2025 | 14:05

الاقتصاد الأمريكي

طباعة
  • دار الهلال

في وقت كانت التوقعات تشير فيه إلى أن الاقتصاد الأمريكي مقبل على أزمة بفعل الحروب التجارية وتصاعد التوترات الجيوسياسية أظهر الأداء الاقتصادي مرونة غير متوقعة، متجاوزًا المخاطر دون أن يتفاداها تماماً؛ وفق ما ذكرته صحيفة (وول ستريت جورنال) الأمريكية اليوم السبت في تقرير لها.

وأشارت الصحيفة إلى أنه على الرغم من استمرار الرئيس دونالد ترامب في إطلاق تهديدات جديدة بفرض رسوم جمركية، وتباطؤ الإنفاق الاستهلاكي، واضطراب الأوضاع في الشرق الأوسط، أبدى الاقتصاد تماسكا لافتاً بدلاً من الانزلاق نحو الانكماش الذي كانت تخشاه الأسواق .

ورغم أن المستثمرين لا يتوقعون انطلاقة قوية للنمو، إلا أن التراجع الملحوظ في وتيرة التصعيد التجاري والسياسات المفاجئة ساعد على تهدئة المخاوف من سيناريوهات كارثية كانت متداولة في الأشهر الأخيرة.

وقد تسببت تصريحات ترامب، وخططه لفرض رسوم تصل إلى 145% على الصين و50% على شركاء تجاريين آخرين، في تراجع حاد في ثقة الأسواق خلال الربيع الماضي لكن ترامب تراجع لاحقاً عن أشد مقترحاته، واكتفى بفرض رسوم أكثر محدودية، طالت الصين وكندا والمكسيك وبعض السلع مثل السيارات والفولاذ والألمنيوم .

وحتى الآن، كان تأثير هذه الرسوم على التضخم أقل حدة مما توقعه المحللون. كما أن أسعار النفط، التي قفزت بعد انخراط الولايات المتحدة في التصعيد العسكري في الشرق الأوسط، عادت إلى التراجع .

وفي الوقت الذي انخفضت فيه ثقة قطاع الأعمال بسبب تهديدات الرسوم، فإن ذلك لم ينعكس فعلياً على قرارات الاستثمار. فقد واصلت الشركات إنفاقها على المصانع والمعدات والتكنولوجيا، وواصلت التوظيف وإن بوتيرة أبطأ من العام الماضي.

وبدوره، قال جيسون فورمان، أستاذ الاقتصاد بجامعة هارفارد والمستشار الاقتصادي السابق للرئيس باراك أوباما، إن الاقتصاد الكلي "يسير بشكل مقبول"، مضيفًا أن الأسواق باتت أكثر ثقة بأن "ترامب قد يتراجع إذا اقتضى الأمر".

وأضاف: "في أبريل، كانت المخاوف من أنه سيمضي قدماً بلا هوادة. أما الآن، فهناك إدراك لقيود الواقع".

وشهدت ثقة المستهلكين كذلك بعض التعافي، إذ ارتفع مؤشر جامعة ميشيجان لثقة المستهلكين بنسبة 16% في يونيو مقارنة بشهر مايو، رغم بقائه أقل بـ18% عن مستواه في ديسمبر.

وقالت جوان هسو، مديرة مسوحات المستهلكين بالجامعة، إن المستهلكين "كانوا في مسار هبوطي واضح مطلع العام، قلقين من أن التصعيد الجمركي والتقلبات السياسية قد تؤدي إلى عواقب وخيمة"، لكنها أشارت إلى أنهم باتوا "أقل قلقًا بشأن أسوأ السيناريوهات".

ورغم أن الإنفاق الاستهلاكي لم يشهد انهيارًا، إلا أن البيانات الحديثة أظهرت ضعفًا ملحوظًا كما بدأت سوق العمل تُظهر بوادر تباطؤ.

ووفقًا لتقديرات شركة اس اند بي جلوبال ماركت لأبحاث الأسواق، فإنه من المتوقع أن يبلغ متوسط النمو السنوي في الناتج المحلي الإجمالي 0.8% خلال النصف الأول من عام 2025، بانخفاض حاد عن معدل 2.5% المُسجّل في عام 2024.

ورغم أن سوق الأسهم لا يعكس الاقتصاد بشكل مباشر، إلا أنه يُعد مؤشرًا آنياً لمشاعر المستثمرين تجاه النمو، والأرباح، وأسعار الفائدة، والمخاطر؛ وعلى الرغم من التحفظ الذي ساد في تقارير الشركات خلال الأشهر الماضية، فإن التوجيهات الأخيرة للأرباح جاءت أفضل من المتوقع.

وساهم تراجع درجة عدم اليقين في السياسات الاقتصادية في تهدئة أسواق المال وبينما لا يزال مشروع قانون الضرائب والإنفاق الضخم الذي يدفع به الجمهوريون معلقًا، فإن هذه النوعية من المخاطر باتت مألوفة للأسواق، مقارنة بالمفاجآت التي رافقت سياسة الرسوم الجمركية والتخفيضات الهيكلية التي كانت تصدر من البيت الأبيض في الأشهر الماضية، تحت إشراف وزارة "كفاءة الحكومة" التي يديرها إيلون ماسك.

وقال فورمان: "في بداية العام، كانت السياسات الاقتصادية الأبرز هي الرسوم ووزارة كفاءة الحكومة، وكانت تلك التحركات سريعة ومثيرة للجدل قانونيًا، أما الآن، فإن التركيز تحول إلى مشروع قانون مالي في الكونجرس، وهو وضع يُعد أكثر قابلية للتنبؤ، رغم مشاكله".

وفي تقرير صدر مؤخرًا عن مجلس المستشارين الاقتصاديين بالبيت الأبيض، توقعت الإدارة أن يُسهم مشروع قانون "الصفقة الكبيرة والجميلة" الذي يدفع به ترامب في مجلس الشيوخ في تعزيز الاستثمار، والأجور، والتوظيف خلال السنوات الأربع المقبلة، مقارنة بالسيناريو الذي تنتهي فيه صلاحية تخفيضات الضرائب الصادرة في 2017.

بالتوازي، أشار رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول إلى أن تأثير الرسوم على التضخم لا يزال محدودًا حتى الآن، في وقت بدأ فيه بعض مسؤولي الاحتياطي الدعوة إلى بحث خفض محتمل لأسعار الفائدة في أقرب وقت، ربما بدءًا من الشهر المقبل.

وأدت هذه التوقعات إلى تراجع في عوائد السندات، وهو ما ينعكس إيجابيًا على بيئة الأسواق لكن التأثير الكامل للرسوم الجمركية قد يظهر في وقت لاحق إذ تنتهي في 9 يوليو المقبل فترة التجميد المؤقت لأعلى الرسوم المقترحة من ترامب، فيما لم تُستبعد إمكانية تمديدها في حال تقدّمت المفاوضات مع بعض الشركاء التجاريين غير أن ترامب أعلن عن تجميد المحادثات مع كندا، مؤكدًا نيته فرض رسوم جديدة قريبًا.

ولفتت (وول ستريت جورنال) إلى أن الادارة الحالية تعمل على تحقيقات قد تقود إلى فرض رسوم إضافية على الرقائق الإلكترونية والمنتجات الصيدلانية؛ لكن التحدي الأكبر يبقى في سلوك المستهلك فقد عدّلت وزارة التجارة الامريكية بيانات الإنفاق الاستهلاكي للربع الأول بشكل حاد، ليتم خفض معدل نموه — بعد احتساب التضخم — إلى 0.5% فقط سنويًا، بعدما كان التقدير السابق 1.8%.

وأضافت الصحيفة الامريكية أن هذا الضعف استمر في الربع الثاني مع تراجع الإنفاق المعدل للتضخم بنسبة 0.3% في مايو مقارنة بأبريل، ليبقى دون مستويات ديسمبر الماضي؛ وسُجل هذا التراجع بشكل خاص في الفئات التقديرية مثل السفر الجوي والفنادق، وهي قطاعات ترتبط مباشرة بثقة المستهلك بالوضع الاقتصادي.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة