الثلاثاء 29 يوليو 2025

أخبار

الأزهر في 2025.. عام من الحضور المتوازن والتجديد المتكامل في الفكر والتعليم والدعوة

  • 29-6-2025 | 09:56

شيخ الأزهر

طباعة
  • دار الهلال

في ظل التحديات الفكرية والمجتمعية المعاصرة، ووسط زخم المتغيرات المحلية والدولية، تبقى مشيخة الأزهر الشريف رمزا للوسطية والاعتدال، ومرجعية دينية عالمية تحظى باحترام المسلمين في كل بقاع الأرض.


ومن خلال جهودها الدعوية المستمرة وحضورها الفاعل على الساحة الدولية، تواصل مشيخة الأزهر الشريف ريادتها كمنارة للوسطية والعلم والدعوة، وشهد عام 2025 نقلة نوعية في مسيرة الأزهر على المستويات المحلية والدولية، من خلال إنجازات ملموسة في قطاعات التوعية الدينية، والتعليم، والحضور الدعوي الرفيع المستوى عبر زيارات فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، كما تعمل مشيخة الأزهر على نشر رسالة الإسلام الحقيقية القائمة على السلام والتسامح والتعايش، ومواجهة التيارات المتطرفة والشبهات الفكرية التي تستهدف النسيج المجتمعي والنظام الأخلاقي العالمي، ولمشيخة الأزهر دورها الحيوي في تعزيز الحوار بين الأديان، وبناء الجسور مع الشعوب والثقافات الأخرى، انطلاقا من رسالتها الإنسانية الجامعة.


رسمت لقاءات شيخ الأزهر خلال النصف الأول من 2025 لوحة متوازنة تجمع بين الحضور الوطني، والإقليمي والدولي، مع رسالة واضحة للسلام، الحوار، والتعايش، مدعومة بمواقف إنسانية قوية إزاء الأزمات، وعلى رأسها قضية غزة.


وخلال عام 2025.. شهد فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف الدكتور أحمد الطيب، سلسلة من الزيارات واللقاءات التي جسدت دور الأزهر كمنبر حضاري ديني، ومركز للحوار بين الأديان والثقافات، حيث قاد شيخ الأزهر وفدا رفيع المستوى لزيارة قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، بمناسبة عيد الميلاد المجيد.


وعبر، خلال اللقاء، عن رغبته في تجديد أواصر المحبة والتآخي بين المسلمين والمسيحيين.. مؤكدا أن الحوار بين الأديان واجب ديني وإنساني.


كما استقبل فضيلته الرئيس الأسبق للطائفة الإنجيلية في مصر القس أندريا زكي، وعددا من أبرز رموز الكنيسة الإنجيلية، لتهنئته بعيد الأضحى، وشدد - خلال اللقاء - على أن مثل هذه الزيارات تعكس قيم المحبة والتعاون المشتركة وضرورتها في معالجة خطاب الكراهية، معربا عن شكره لدور بيت العائلة المصرية في تعزيز الوحدة الوطنية.


وعلى الصعيد الدولي، تلقى الشيخ دعوة رسمية من رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون، لإعادة افتتاح معهد الأزهر في بيروت، وأعلن قبوله الزيارة مطلع مايو 2025، مؤكدا ارتباط الأزهر بمؤسسات الجوار العربي ودوره المهم في تعزيز “وثيقة الأخوة الإنسانية” ومنع خطاب التفرقة.


كما استقبل شيخ الأزهر الرئيس اللبناني في مقره بالقاهرة، وحظى اللقاء بتغطية رسمية، حيث شدد الإمام الأكبر على خصوصية لبنان وأهميته في دعم الاستقرار العربي، بينما رحب عون بدور الأزهر العالمي في مكافحة التطرف ودعم السلام.


وزار فضيلته أيضا مملكة البحرين في منتصف فبراير لحضور مؤتمر “الحوار الإسلامي”، تحت شعار “أمة واحدة ومصير مشترك”، حيث استقبله الشيخ عبدالرحمن آل خليفة رئيس المحلس الأعلى للشئون الإسلامية وعدد من كبار المسؤولين، وقد سلط في كلمته الضوء على مركزية منصة الأزهر في دعم الحوار الحضاري ونبذ الفرقة بين الشعوب.


أما على المستوى الإعلامي، فقد استمر الإمام الأكبر في طرح برنامجه الرمضاني «الإمام الطيب»، فكان له حضور في حلقات، ضمنها رسائل إنسانية وأخلاقية، لتوجيه المسلمين نحو الكرامة والعطاء المجتمعي.


وكانت خطة شهر رمضان التي وضعها فضيلة الإمام الأكبر مزيجا متكاملا بين العبادة، والتعلم، والتواصل المجتمعي، والإعلام الرقمي، والتوعية النبوية، قدمت الخدمات الروحية والمجتمعية والرقمية على حد سواء، ما جعل رمضان تجربة مؤسساتية متجذرة في التقاليد ومتفاعلة مع التحول المعاصر، حيث وضع الأزهر الشريف خطة دعوية شاملة تحت إشراف الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، تركزت حول تعزيز الروحانيات اليومية للشهر الفضيل وإشراك مختلف فئات المجتمع.


فقد تواصلت فعاليات صلاة التراويح في الجامع الأزهر مع 20 ركعة يوميا، من أداء نخبة من أئمة القبلة، يتخللها درس دعوي يومي من هيئة كبار العلماء والأعلام الشرعيين، إضافة لصلاة التهجد الثماني في العشر الأواخر من رمضان.
وعلى مدار الشهر، افتتحت 130 مقرأة لتحفيظ القرآن بين الرجال والنساء والأطفال تحت إشراف لجنة مراجعة المصحف، لتشمل قراءات متواصلة طوال النهار.


وإلى جانب ذلك، عقدت أكثر من 52 درسا عقب صلاة الظهر وملتقى فقهيا يوميا في “الظلة العثمانية” لمناقشة فقه الصيام ومسائل معاصرة.


ونظم الأزهر 6 احتفالات دينية بارزة تشمل الذكرى السنوية لتأسيس الجامع، ويوم انتصارات العاشر من رمضان، وغزوة بدر، وافتتاح مكة، وليلة القدر، واختتام الشهر بعيد الفطر، بما يعزز الروابط التاريخية والدينية للمسلمين.


ولم تغفل الشق التقني والمجتمعي، إذ بثت بقوة الأنشطة عبر الموقع الرسمي والحسابات الرسمية للأزهر، متضمنة برامجا مصورة مثل "الإمام الطيب" عن أسماء الله الحسنى، و"في قصصهم عبرة"، وحلقات للأطفال باللغتين العربية والإنجليزية، وفتاوى مباشرة عن طريق الفتوى الإلكترونية والهاتف.


شملت جهود الجامع الأزهر أيضا تفعيل دور الوعاظ في كافة محافظات الجمهورية؛ حيث نظم مجمع البحوث الإسلامية نحو 5,200 لقاء محليا في المدارس والمساجد والجامعات، وأطلق 20 قافلة دعوية محمولة شارك فيها نحو 170 واعظا، و10 آلاف لقاء عبر "المنبر الثابت" بمشاركة آلاف الوعاظ في 1,320 مسجد.


وبشأن الآداء التعليمي.. شهد الأزهر خلال النصف الأول من عام 2025 تطورا واضحا في الأداء التعليمي، وتبنيا لمشاريع مبتكرة تهدف إلى تعزيز التعليم الديني والعامي، سواء داخل مصر أو في الخارج.


وفي مطلع العام الجاري.. طرح الأزهر مبادرة طموحة لإتاحة تحفيظ القرآن الكريم عن بعد لأبناء الجاليات المصرية بالخارج ضمن "رواق القرآن الكريم"، حيث انطلق البرنامج يناير 2025 بطاقة استيعابية بلغت 5000 دارس في 69 دولة، بإشراف فضيلة وكيل الأزهر د. محمد الضويني، فيما انطبق هذا المعدل على المتطلبات العلمية والإدارية والتقنية بناء على اختبارات دقيقة.


وعلى الصعيد اللغوي.. يعزز مركز تعليم اللغة الإنجليزية التابع للأزهر وجوده المستمر في التدريب على اللغة والإعلام الديني، لكنه لم يشر في الأخبار للفترة محل التغطية المحددة. كذلك، يظهر أن مرصد الأزهر لمكافحة التطرف نفذ نحو 323 نشاطا إعلاميا وورش عمل في مواجهة الأفكار المتطرفة خلال مارس وأبريل، مما يوضح التوسع في التعليم الموازي لمواجهة الفكر ومكافحة التطرف.


كما وسع الأزهر نشاطه الحضوري من خلال مشروع "معا نتعلم"، وهو بوابة تعليمية رقمية متخصصة تستهدف مراحل التعليم قبل الجامعي، حيث تقدم حلقات تعليمية حسب المنهج (ابتدائي وإعدادي وثانوي) ضمن إطار المبادرة الرئاسية "بداية جديدة" وتحت رعاية شيخ الأزهر وأمناء قطاع المعاهد، وقد بثت عبر قنوات خاصة تيسيرا لتلقي الدروس عن بعد.


أما في إطار الفعاليات والمؤتمرات التي عقدها ونظمها الأزهر الشريف فقد نظمت كلية العلوم الإسلامية والعربية للوافدين بمركز مؤتمرات مدينة نصر مؤتمرها العلمي الأول بعنوان “الأزهر وصناعة المصلحين”، بحضور رسمي من قيادات الأزهر، وركز المؤتمر على إبراز منهج الأزهر في إعداد طلابه كسفراء للوسطية والإصلاح، مع مشاركة علماء وباحثين محليين وأجانب، وانعكست روح الحوار الأكاديمي والتفاعل الحضاري ضمن هذا الحدث.


كما تم تنظيم عدد من الندوات الثقافية من قبل مجمع البحوث الإسلامية، تناولت قضايا فقهية محلية، مثل محاضرة بعنوان “حب آل البيت بين الإفراط والتفريط” في الأقصر، ضمن سلسلة ندوات تهدف لتوضيح منهجية الاعتدال والوسطية.


وشهد مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف خلال عام 2025 نشاطا مكثفا ومتعدد الأوجه، عكس دوره المتجدد في نشر الفكر الإسلامي الوسطي وتعزيز التواصل المجتمعي، محليا ودوليا، من خلال حزمة من الحملات التوعوية، الإصدارات البحثية، والبرامج التدريبية، إلى جانب مشاركاته المؤسسية والبعثات الخارجية.


استهل المجمع العام بإطلاق حملة توعوية موسعة بعنوان "علما نافعا" بالتزامن مع انطلاق معرض القاهرة الدولي للكتاب في يناير، مستهدفا تعميق العلاقة بين الثقافة الدينية والمعرفة العامة، من خلال جولات ميدانية لوعاظ وواعظات الأزهر في المدارس والجامعات، بالإضافة إلى محتوى إلكتروني يسلط الضوء على قيمة العلم باعتباره الركيزة الأساسية لبناء الوعي الفردي والمجتمعي.


أما في الجانب الاجتماعي.. فقد شارك المجمع في إحياء عدد من المناسبات الدولية، أبرزها اليوم العالمي للأرامل في يونيو، أكد خلاله وجوب إنصاف الأرامل كواجب ديني وأخلاقي ومجتمعي، داعيا إلى تكثيف الجهود المؤسسية لحمايتهن من التهميش وتوفير حياة كريمة لهن.


وفي سياق دعم الكوادر الدعوية، أطلق المجمع دورات تدريبية متخصصة للوعاظ ضمن “أكاديمية الأزهر العالمية”، ركزت على تنمية المهارات الدعوية والاتصالية، كما أشرف على تأهيل مرشحين للبعثات الدعوية خارج مصر، في خطوة تؤكد التزام الأزهر بنقل رسالته الوسطية إلى العالم، خاصة في شهر رمضان المبارك، حيث أعلن في مارس عن بدء التقديم للبعثات الرمضانية إلى مختلف الدول الإسلامية وغير الإسلامية.


وإلى جانب النشاط الميداني، نظم المجمع ورشا فكرية تناولت أعلام الفكر الإسلامي مثل الإمام الغزالي والإمام الدمنهوري، كما عقد ورشة علمية بالتعاون مع المركز القومي للبحوث حول التغيرات المناخية ودور التقنيات الفضائية في حفظ البيئة، مما يعكس انفتاح المؤسسة على القضايا المعاصرة وحرصها على تكامل الرؤية الدينية مع التحديات البيئية.


وفي ملف البعثات، أعلن المجمع في يونيو نتائج بعثاته الدعوية لعام 2025، مؤكدا نجاحها في تعزيز الوعي الشرعي المعتدل في المجتمعات المستضيفة، وتوسيع نطاق حضور الأزهر عالميا عبر خطاب ديني متزن، يحترم الخصوصيات الثقافية ويرسخ القيم الإنسانية المشتركة.


كما شارك المجمع في عدد من المؤتمرات البحثية أبرزها مؤتمر "اقتصاد المعرفة" الذي عقد في البحر الأحمر، حيث قدم وعاظ الأزهر أوراقا علمية تربط بين الشريعة ومفاهيم التنمية المعرفية، مؤكدين أن الإسلام يحث على الاجتهاد العقلي والبحث العلمي بما يخدم الإنسان والبيئة والمجتمع.


بهذا الزخم من النشاطات، يثبت مجمع البحوث الإسلامية أنه أحد الأعمدة المؤسسية الكبرى في بنية الأزهر الشريف، من خلال دوره الفكري، التعليمي، والدعوي، القائم على الاعتدال، والتجديد، والارتباط النشط بقضايا العصر محليا وعالميا.

 

أخبار الساعة

الاكثر قراءة