الثلاثاء 29 يوليو 2025

ثقافة

عبد الله الطيب.. حكيم اللغة وبحّار الشعر العربي

  • 2-7-2025 | 18:15

د.عبد الله الطيب

طباعة
  • دعاء برعي

يعد الدكتور عبد الله الطيب أحد أعمدة الفكر العربي الحديث، فلم يكن مجرد أكاديمي أو شاعر، بل كان مشروعاً ثقافياً متكاملاً، عَبَر بالثقافة العربية من المحلية إلى العالمية، وكرّس حياته للغوص في بحور اللغة العربية، وترك إرثاً ثقافياً وفكرياً لا يزال يُستضاء به حتى اليوم.

ميلاده ونشأته

وُلد عبد الله الطيب في 25 يونيو 1921 في قرية التميراب بالسودان، وتربى في بيئة دينية علمية، فقد كان والده من حفظة القرآن، وكان أثر ذلك واضحًا في تمكنه من اللغة العربية منذ الصغر، وتعلم عبد الله الطيب بمدارس مدينتي كسلا وبربر بشرق السودان، ومدينة الدَامَرْ وكلية غوردون التذكارية بالخرطوم (جامعة الخرطوم) والمدارس العليا ومعهد التربية بجامعة بخت الرضا وجامعة لندن بكلية التربية ومعهد الدراسات الشرقية والإفريقية.

نال عبد الله الطيب الدكتوراة من جامعة لندن (SOAS) سنة 1950م، عمل بالتدريس بأم درمان الأهلية وكلية غوردون التذكارية وجامعة بخت الرضا وجامعة الخرطوم وغيرها.

مناصبه

شغل عبد الله الطيب عدة مناصب أكاديمية مرموقة، أبرزها مدير جامعة الخرطوم في الفترة من 1974م إلى 1975م، وعمادة كلية الآداب بجامعة الخرطوم في الفترة من 1961م: 1974م، كما درّس في عدد من الجامعات العربية والإفريقية، منها نيجيريا والمغرب. وكان يتمتع بقدرة نادرة على التوفيق بين الطرح الأكاديمي الصارم والأسلوب الأدبي السلس، مما جعله محبوباً لدى طلابه ومريديه.

حصل البروفيسور عبد الله الطيب في العام 2000 م على جائزة الملك فيصل العالمية في اللغة العربية والأدب.

حياته الأدبية

يُعد كتابه واسع الشهرة الذي يحمل عنوان "المرشد إلى فهم أشعار العرب وصناعتها" من أعظم ما كُتب في تحليل وبناء الشعر العربي، إذ يقدمه عبد الله الطيب كدليل شامل لفهم بنية الشعر العربي منذ الجاهلية وحتى العصور الحديثة. لم يكن هذا الكتاب مجرد دراسة أدبية، بل كان حفرًا عميقًا في الجذور الثقافية للغة، أعاد من خلاله الاعتبار للموروث العربي وأثبت أنه لا يزال حيًّا في أذهان الأجيال الحديثة.

وعلى الرغم من أن الطيب اشتهر كمحقق لغوي ونحوي، كان أيضًا شاعرًا مبدعًا. كتب شعرًا عاطفيًا وصوفيًا ووطنيًا، جمع فيه بين الأصالة والتجديد. وكان دائمًا يقول إن الشعر هو "وجدان الأمة"، وإن الأمة التي تفقد شعرها، تفقد روحها.

الدواوين الشعرية

له عدة داوين شعرية منها «أصداء النيل» 1957م، و«اللواء الظافر» 1968م، و«سقط الزند الجديد» 1976م، و«أغاني الأصيل» 1976م، و«أربع دمعات على رحاب السادات» 1978م، و«بانات رامة»، و«برق المدد بعدد وبلا عدد».

مؤلفات أخرى

قدم عبد الله الطيب للمكتبة العربية العديد من المؤلفات منها سمير التلميذ (التعليم الأساسي)، «من حقيبة الذكريات»، «من نافذة القطار»، «الأحاجي السودانية»، وتُرجم نصوصها إلى الإنجليزية مع زميله مايكل ويست، «المرشد إلى فهم أشعار العرب وصناعتها» من خمس مجلدات.

 وكتب أيضًا: «مع أبي الطيب»، «الطبيعة عند المتنبي»، «كلمات من فاس»، «ما نُشر في مجلة السودان»، و«الحماسة الصغرى»، «القصيدة المادحة»، «شرح بائية علقمة»، «طحا بك قلب»، «شرح عينية سويد، بين النيّر والنّور»

وألف عبد الله الطيب «شرح أربع قصائد لذى الرمّة»، «النثر الفني الحديث في السودان»، «نوّار القطن»، و«أندروكليس درماسد «ترجمة»، «المعراج، «حتّام نحن مع الفتنة باليوت ملتقى السبيل»، «Stories from the sands of Africa».

تكريمه

نال الدكتور عبد الله الطيب عدة جوائز وأوسمة، منها وسام الآداب والفنون من مصر، والدكتوراه الفخرية من عدة جامعات، ولا تزال مؤلفاته تُدرَّس وتُناقَش، ويُستشهد بها في أروقة الجامعات والمؤتمرات الأدبية.

وفاته

توفي عبد الله الطيب في 19 يونيو 2003، بعد حياة حافلة بالعطاء، تاركًا وراءه مكتبة ضخمة من المؤلفات والمحاضرات والإرث الثقافي العميق.

 

الاكثر قراءة