بعد أيام من المفاوضات غير المباشرة بين حركة حماس والاحتلال الإسرائيلي، خلال الأسبوع الماضي، تعثر الوصول لاتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، إثر خلاف على خطط انسحاب الاحتلال من القطاع، بالتزامن مع استمرار العدوان على القطاع بقصف مستمر يستهدف الشعب الفلسطيني في غزة ومنتظري المساعدات مع تردي الأوضاع الإنسانية والصحية هناك.
مصير المفاوضات
ويتضمن مقترح وقف إطلاق النار في غزة، تنفيذه طوال 60 يومًا، واستمرت المفاوضات بشأنه طوال ما يزيد عن سبعة أيام من المحادثات في الدوحة منذ الأسبوع الماضي، واستمرت حتى أول أمس، فيما أعلنت حركة حماس عن رفضها لخطط الانسحاب الإسرائيلي، بعد أن دعا الاقتراح الأخير إلى انسحاب الجيش من أجزاء من شمال غزة في اليوم الأول من وقف إطلاق النار، ومن أجزاء من جنوب غزة في اليوم السابع، فيما تُركت الخرائط التفصيلية للمفاوضات بين إسرائيل وحماس
وأعرب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن أمله في تحقيق تقدم قريبًا بناءً على اقتراح جديد لوقف إطلاق النار تدعمه الولايات المتحدة.
وتزور وفود من إسرائيل وحماس قطر للضغط من أجل التوصل إلى اتفاق ينص على إطلاق سراح تدريجي للأسرى، وانسحاب القوات الإسرائيلية، ومناقشات لإنهاء الحرب.
هذا، وأعلن مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ستيف ويتكوف، عن عقد اجتماع مع مسؤولين قطريين أمس الأحد، على هامش مباراة كأس العالم للأندية لكرة القدم في نيوجيرسي، مبديًا "تفاؤله" بإمكانية التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة.
أسباب الخلاف
وأكدت مصادر من حركة حماس، رفضها لخرائط الانسحاب التي اقترحتها إسرائيل، والتي من شأنها أن تترك حوالي 40% من غزة تحت السيطرة الإسرائيلية، بما في ذلك كامل منطقة رفح الجنوبية ومناطق أخرى في شمال وشرق غزة.
كذلك لا تزال قضايا المساعدات وضمانات إنهاء الحرب تُشكل تحديًا أيضًا، في إتمام المفاوضات، حيث تطالب الحركة باتفاق لإنهاء الحرب قبل إطلاق سراح الرهائن المتبقين؛ بينما أصرت إسرائيل على أنها لن تُنهي القتال إلا بإطلاق سراح جميع الأسرى و"تفكيك حركة حماس كقوة وإدارة في غزة" على حد زعمها.
في رسالة فيديو نُشرت يوم الأحد، قال نتنياهو إن إسرائيل قبلت خطة وقف إطلاق النار الأخيرة التي قدمها المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف، لكن حماس رفضتها، مضيفًا: "لقد قبلنا الاتفاق، اتفاق ويتكوف، وحتى لاحقًا النسخة التي اقترحها علينا الوسطاء، قبلناها أيضًا. رفضتها حماس".
وقال نتنياهو إن حماس تريد البقاء في غزة "حتى تتمكن من إعادة تسليح نفسها ومهاجمتنا مرارًا وتكرارًا"، زاعمًا: "ما علينا فعله هو الصواب: الإصرار على إطلاق سراح الرهائن والإصرار على الهدف الثاني من الحرب في غزة - القضاء على حماس وضمان ألا تُشكّل غزة تهديدًا لإسرائيل مجددًا" على حد قوله.
استمرار القصف على غزة
ومساء السبت الماضي، استهدف الاحتلال نقطة توزيع مساعدات في رفح، في استمرار لسلسلة من حوادث إطلاق النار بحق منتظري المساعدات، ما أسفر عن استشهاد ما يقرب من 800 شخص، أثناء محاولتهم الحصول على الطعام خلال ستة أسابيع، منذ بدء آلية توزيع المساعدات في غزة التي أقرها الاحتلال في مايو الماضي، حسبما ذكر مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
حيث أطلقت إسرائيل نظامًا جديدًا لتوزيع المساعدات، بالاعتماد على مجموعة مدعومة من الولايات المتحدة لتوزيع الغذاء تحت حماية القوات الإسرائيلية، وهو ما رفضته الأمم المتحدة واعتبرته خطيرًا بطبيعته وانتهاكًا لمبادئ الحياد الإنساني.
وتسبب العدوان الإسرائيلي على غزة في استشهاد ما يزيد عن 58 ألف فلسطيني، وفقًا للسلطات الصحية في غزة، ونزوح ما يقرب من جميع سكان القطاع البالغ عددهم أكثر من مليوني نسمة، وتسببت الحرب في أزمة إنسانية، ودمار جزء كبير من القطاع.
إذ أفادت وزارة الصحة الفلسطينية أمس الأحد، بأنه تم نقل 139 جثة إلى مستشفيات غزة خلال الـ 24 ساعة الماضية، ولا يزال عدد من الضحايا تحت الأنقاض، وبذلك يرتفع إجمالي عدد الشهداء منذ 7 أكتوبر 2023 إلى 58,026 شهيدًا، وفقًا للوزارة.
وأسفرت غارة جوية إسرائيلية أمس، عن مقتل ستة أطفال وأربعة آخرين في نقطة توزيع مياه وسط غزة، وفقًا لمستشفى العودة.
هذا وتظاهر آلاف الإسرائيليين في وسط تل أبيب، السبت الماضي، مطالبين باتفاق يُفرج عن جميع الأسرى المتبقين لدى حماس في أسرع وقت ممكن.
وأصدر منتدى أسر الرهائن والمفقودين الإسرائيلي بيانًا يوم الأحد، اتهم فيه نتنياهو بخلق "انطباع زائف" بأن التوصل إلى اتفاق شامل أمرٌ مستحيل، خلافًا لإرادة الشعب، وحذروا من أن "كل من يُخرّب مثل هذا الاتفاق يعمل عمدًا ضد الشعب الإسرائيلي من أجل البقاء السياسي"، مضيفين: "هكذا سيذكره التاريخ".