تضم القاهرة، عاصمة مصر لأكثر من ألف عام، عددًا كبيرًا من الشوارع والميادين التاريخية التي يعود تاريخها إلى قرون وتعد هذه الأماكن مقصدًا للعديد من السياح، لما تحمله من طابع جمالي وأهمية ثقافية وتاريخية، مما يجعلها من أبرز معالم القاهرة السياحية والتاريخية.
هذه الشوارع التاريخية ليست مجرد معابر، بل تحكي حكايات ملوك ومفكرين وفنانين، ويقصدها الزوار من داخل مصر وخارجها للاستمتاع بجمالها وعبقها التراثي، فهي من أبرز معالم القاهرة، تجمع بين سحر الماضي ونبض الحاضر، وتشكل عنصرًا أساسيًا في خريطة السياحة الثقافية للمدينة، ومنها "كلوت" أبرز الشوارع العريقة.
شارع كلوت بك
افتتح شارع كلوت بك تقريبا عام 1872، وسمي بهذا الاسم نسبة إلى الطبيب الفرنسي أنطوان بارثيليمي كلوت، الذي قضى معظم حياته في مصر وارتبط اسمه بتطور الإدارة الصحية في عهد محمد علي باشا.
سكن كلوت بك في هذا الشارع بعدما عهد إليه محمد علي بتنظيم الإدارة الصحية للجيش المصري، وبفضل جهوده الكبيرة في هذا المجال، أصبح رئيسا لأطباء الجيش، ثم منحه الوالي لقب "بك" تقديرا لما قدمه، خاصة أنه أسس مدرسة الطب التي تعرف اليوم باسم "القصر العيني".
وبعدما غادر مصر بنحو عشر سنوات، توفي أنطوان كلوت في مدينة مرسيليا عام 1868، لكن اسمه ظل حيا في ذاكرة القاهرة، حين أطلق على أحد شوارعها تقديرا لمساهماته في تطوير المنظومة الطبية.
ورغم ارتباط الشارع باسم علم من أعلام الطب، فإن تاريخه يمتد لما قبل ذلك بكثير، إذ كان يشتهر بتجارة الغلال والحبوب قبل الحملة الفرنسية على مصر. وقد اختاره نابليون بونابرت مكانا لإقامة جنوده لضمان الإمدادات الغذائية اللازمة لهم.
ومع مرور الزمن، تغيرت ملامح شارع كلوت بك، ليصبح مركزا لعدد من ورش الصناعات الصغيرة ومحلات بيع الملابس.
واليوم، لا يزال الشارع يحتفظ بطابعه الشعبي، حيث تنتشر فيه "البانسيونات" أو "اللوكاندات" البسيطة، نظرا لقربه من محطة سكك حديد مصر، ما يجعله مقصدا مفضلا للمغتربين القادمين من المحافظات الأخرى.