جاء المقترح الجديد الذي قدمه الوسطاء لحركة حماس وإسرائيل بهدف التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، ليعيد الزخم من جديد إلى مسار المفاوضات، بعد أن خيّم عليه الجمود في الفترة الماضية، نتيجة تضارب مواقف طرفي النزاع بشأن عدة قضايا، وعلى رأسها مسألة انسحاب قوات الاحتلال من القطاع.
مقترح جديد
وقدمت مصر وقطر والولايات المتحدة الأمريكية، وهي الوسطاء، مقترحًا محدثًا لحركة حماس وإسرائيل بشأن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل المحتجزين، بحسب موقع "أكسيوس" الأمريكي.
في غضون ذلك، كشف إعلام عبري، أن الجديد في هذا المقترح يتعلق بمدى انسحاب إسرائيل من غزة خلال وقف إطلاق النار، بالإضافة إلى النسبة بين عدد الأسرى الفلسطينيين الذين سيتم إطلاق سراحهم مقابل الأسرى الإسرائيليين، ضمن صفقة محتملة.
وخلال الـ12 يومًا الماضية التي جرت فيها محادثات غير مباشرة بين الجانبين، بوساطة مصرية قطرية، ظهرت مسألة انسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة كـ"حجرة عثرة" في طريق إبرام الاتفاق.
وفي سياق ذلك، زعم الإعلام العبري، أن إسرائيل قدمت تنازلات كبيرة بشأن الأراضي التي سيظل الجيش فيها خلال مدة وقف إطلاق النار المقررة بـ60 يومًا.
ويعتقد الوسطاء أن هذه التنازلات التي قدمتها إسرائيل، قد تمكن من التوصل إلى اتفاق في الأمد القريب، وفق ما قاله مصدران لـ"أكسيوس".
وفي المقترح -حسب "أكسيوس"- قلّصت إسرائيل المساحة التي تطالب بالمحافظة على وجودها العسكري فيها إلى 1.5 كم بعد أن كانت تريد 5 كم شمال ممر فيلادلفيا على الحدود بين غزة ومصر، فضلًا عن أنها قبلت بإبقاء جيشها في مساحة لا تتجاوز كيلومترًا واحدًا على أجزاء أخرى من الحدود مع غزة، وهو ما يتوافق مع ما تريده حركة حماس.
في الإطار نفسه، قال إعلام عبري عن مسؤول أمريكي مطلع، إن "تل أبيب" تبدي مرونة كبيرة ومهمة في العملية التفاوضية، وهذا ما يقرّب حماس من الموافقة على مناطق انسحاب الجيش الإسرائيلي.
ووسط إحراز تقدم في عدة قضايا، تستمر المناقشات التي يشارك فيها ممثلون عن إسرائيل وحماس بشأن التوصل إلى اتفاق، وذلك على الرغم من وجود فجوات كبيرة، وفقًا لصحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية.
قريبون من الاتفاق
اتصالًا، أكد المبعوث الأمريكي لشؤون "الرهائن"، آدم بولر، أن التوصل إلى اتفاق في غزة أقرب من أي وقت مضى، واصفًا حماس بأنها "عنيدة للغاية" ولا تزال صامدة، في إشارة إلى موقفها الصلب من مسألة الانسحاب الإسرائيلي، حسب ما نقلته صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية.
هذا، وأكدت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، سيبقي وفد التفاوض الإسرائيلي في الدوحة حتى التوصل إلى اتفاق بشأن الأسرى، طبقًا لما نقلته عن مصادر مطلعة.
وما أشارت إليه الصحيفة العبرية يعد أمرًا نادرًا، فلطالما حال نتنياهو دون التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، حتى أنه كان يعمل على عرقلة اتفاق يناير الماضي، لولا الضغوط الأمريكية، التي أفشلت هذه المساعي.
ويُرجّح أن نتنياهو يفضل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في الوقت الحالي قبل أن تذهب رياح غزة بمكاسبه الأخيرة من حرب على إيران، والتي حسّنت صورته، بعد فشل السابع من أكتوبر، والقضاء على فصائل المقاومة في غزة، بينما لا تزال نيته لإنهاء الحرب محط الشكوك.
وحسب الصحيفة، فإن نتنياهو أظهر مرونة ملحوظة بشأن النقاط الخلافية المتعلقة بالخرائط التي توضح انسحاب قوات الجيش الإسرائيلي من مناطق معينة في قطاع غزة.
ووفقًا لها، فإن هذه المرونة تضمنت إسقاط طلب إسرائيل بالحفاظ على الوجود في ممر موراج، الذي يفصل مدينتي خان يونس ورفح جنوبي القطاع، بعد وقف إطلاق النار.
وبدورهم، أكد مسؤولون إسرائيليون تقارير تشير إلى التوصل إلى اتفاقات أو شبه اتفاقات بشأن بعض تفاصيل خريطة الانسحاب، طبقًا للصحيفة.
وبيّنت أن المفاوضات تركز حاليًا على مسألة عدد ومن سيُطلق سراحهم من الأسرى في إطار الصفقة المحتملة.
وفي هذه الصفقة المحتملة، سيتم الإفراج عن 10 أسرى إسرائيليين أحياء و18 جثة طوال مدة سريانه، حيث إنه في اليوم الأول سيُطلق سراح ثمانية أسرى أحياء، وفي اليوم السابع تُسلَّم خمس جثامين، وفي اليوم الـ30 تُسلَّم خمس جثامين، في حين أنه في اليوم الـ50 يُطلق سراح اثنين من الأسرى الأحياء، وفي اليوم الـ60 تُسلَّم ثماني جثامين، وذلك على أن تُجرى عمليات تبادل الأسرى من دون احتفالات أو استعراضات، حسب ما تسرب لوسائل الإعلام.
من جانبها، أكدت حركة حماس، أن الاحتلال فشل في تحرير الأسرى بالقوة، ولم يبقَ أمامه سوى طريق الصفقة مع المقاومة وفق شروطها وإرادتها.
وقالت حماس -في بيان اليوم- إن المقاومة بثباتها وتنوع تكتيكاتها تربك حسابات إسرائيل، وتنتزع منها زمام المبادرة وتفاجئها بتكتيكات تعجز عن فهمها أو التصدي لها، حسب قولها.
وأوضحت أن الاحتلال يراكم الإخفاقات، وحربه على غزة مرآة لفشله في معركة ستبقى محفورة في ذاكرة الصراع كمنعطف إستراتيجي يكشف هشاشة "كيانه"، على حد تعبيرها.
ومنذ السابع من أكتوبر 2023، تشن إسرائيل بدعم أمريكي حربًا مدمّرة ضد قطاع غزة، خلّفت أكثر من 198 ألف شهيد وجريح فلسطيني، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم، حسب وزارة الصحة الفلسطينية في غزة.