الإثنين 21 يوليو 2025

فن

في ذكرى ميلاده.. محمد رشدي "ابن البلد" الذي تحدى العندليب وخلد الأغنية الشعبية

  • 20-7-2025 | 05:37

محمد رشدي

طباعة
  • ندى محمد

يوافق اليوم 20 يوليو ذكرى ميلاد الفنان الكبير محمد رشدي، أحد أهم أعلام الغناء الشعبي في مصر والعالم العربي، وصاحب البصمة الفريدة التي لا تزال حاضرة رغم مرور سنوات على رحيله، ورغم نشأته البسيطة، استطاع أن يشق طريقه نحو القمة، مقدمًا لونًا غنائيًا مميزًا جمع بين الأصالة والجرأة، ونافس عمالقة زمنه، وعلى رأسهم العندليب عبد الحليم حافظ.


رحلة صعود من المعاناة إلى النجومية

وُلد محمد رشدي في بيئة متواضعة، وعانى في طفولته من حادث خطير أدى إلى انقسام لسانه إلى نصفين، ما أثر على نطقه لسنوات، لكن إرادة والده غيرت مجرى حياته، إذ دفعه لتقليد صوت خروف لتحسين نطق حرف "الراء"، حتى استعاد قدرته على الحديث والغناء.

هرب رشدي من المدرسة بسبب قسوة المدرسين وتمسكه بشعره الطويل، فبدأ يعمل ميكانيكيًا، ورغم ضيق الحال، كان يذهب إلى السينما ليشاهد أفلام وأغاني ليلى مراد، ويجمع التذاكر المقطعة ليستمتع بالفن الذي شكل وجدانه منذ الطفولة.


محمد رشدي في مواجهة عبد الحليم حافظ

شكل محمد رشدي تهديدًا فنيًا حقيقيًا لعبد الحليم حافظ في الستينات، بعد نجاح أغنيته الشهيرة "عدوية" التي كتبها عبد الرحمن الأبنودي ولحنها بليغ حمدي.

 فدفع نجاح رشدي العندليب إلى اقتحام ساحة الغناء الشعبي، وقدم "أنا كل ما أقول التوبة" و"على حسب وداد قلبي" بنفس الفريق الفني.

الغيرة الفنية بينهما لم تكن خافية، وكشف نجل رشدي، طارق، عن كواليس خفية، منها أن عبد الحليم كان يحرص على اصطحاب رشدي في رحلاته إلى المغرب، ليس من باب الزمالة بل لحجبه عن الأضواء والنجاحات المستمرة، قائلًا: "هو واخدك المغرب عشان يخبيك، لأنه كل ما يرجع يلاقيك عامل حاجة جديدة"، كما كشف أن والده كان أحيانًا لا ينام بسبب مضايقات حليم، لكنه رغم كل ذلك ظل وفيًا لفنه وجمهوره.


كواليس فنية لا تُنسى


من القصص اللافتة في مشوار محمد رشدي، أنه ذهب ذات مرة إلى منزل عبد الحليم حافظ بحثًا عن الملحن بليغ حمدي، ليعطيه كلمات أغنية "متى أشوفك"، وحين وجده عند العندليب، دخل معه الحمام ليُكمل تلحين الأغنية هناك، وسجّلها رشدي لاحقًا في الاستوديو لتصبح واحدة من علامات الغناء الشعبي

أعمال خالدة في وجدان المصريين

تميز محمد رشدي بتقديم لون غنائي شعبي أصيل، مزج فيه بين كلمات تعكس الحياة اليومية للناس وألحان نابضة بالتراث. قدّم خلال مشواره عشرات الأغنيات التي أصبحت من علامات الموسيقى المصرية، مثل "عدوية"، التي شكلت نقطة تحول في مسيرته وأحدثت ضجة واسعة حين صدرت، و"كعب الغزال" التي عبرت عن ملامح الفلكلور بصوت عصري.

كما برع في غناء الموال الشعبي، ونجح في تطويره ليصل إلى قلوب الشباب، من خلال أغنيات مثل "عرباوي"، و"طاير يا هوى"، و"تحت الشجر يا وهيبة"، و"متى أشوفك" التي لحنها بليغ حمدي وسجلها في ظروف طريفة من داخل حمام عبد الحليم حافظ، وكذلك كانت أغنية "أدهم الشرقاوي" من أبرز الأغنيات التي أظهرت قدرته على تقديم القصص الشعبية بصياغة درامية مؤثرة.

في السينما، شارك محمد رشدي في عدد من الأفلام، أبرزها "الزوج العازب"، حيث غنى لأول مرة من ألحان حلمي بكر، وحقق نجاحًا كبيرًا، وقد ساهمت هذه الأغاني في ترسيخ مكانته كمطرب شعبي لا يُشبه أحدًا.


المرض والرحيل


في عام 1993، أصيب محمد رشدي بنزيف، ودخل على إثره المستشفى، وتعافى لفترة، لكنه دخل بعدها في صراع طويل مع المرض انتهى بوفاته في 2 مايو 2005، عن عمر ناهز 77 عامًا، بعد إصابته بفشل كلوي.

وفي لحظاته الأخيرة، كان الشاعر عبد الرحمن الأبنودي إلى جانبه، وأمسك بيده باكيًا قائلًا: "كده خلاص يا رشدي؟ إنت وكمال وعبد الحليم وبليغ سبتوني.. فرع شجرة في صحراء مفيهاش روح!"

أخبار الساعة

الاكثر قراءة