قال الدكتور إيهاب ماجد، استشاري الصحة النفسية والإرشاد الأسري، إن فكرة "الأم الفاشلة" التي باتت تتردد كثيرًا على ألسنة الأمهات اليوم، هي انعكاس لضغوط داخلية وخارجية تفرض على المرأة أن تكون مثالية في كل شيء، مشددًا على أنه لا توجد معايير محددة يمكن من خلالها تصنيف أم على أنها فاشلة أو ناجحة.
وفي لقاءه خلال برنامج "الستات ما يعرفوش يكدبوا" المذاع على قناة CBC، أكد ماجد أن المشكلة الكبرى تكمن في ربط الأم لهويتها الشخصية بسلوك أبنائها، موضحًا أن كثيرًا من الأمهات يقعن في فخ الاعتقاد بأن نجاح الأبناء في الدراسة أو الدين أو السلوك هو مقياس لنجاح الأم نفسها، والعكس بالعكس. وقال: "بعض الأمهات يشعرن أنهن فشلن لأن أبناءهن لا يصلّون الفجر، أو لا يتفوقون دراسيًا، أو لأن أحدهم رد عليها بطريقة سيئة.. وهذا تصور غير دقيق ومؤذٍ نفسيًا".
وأشار ماجد إلى أن التغيرات المجتمعية والتكنولوجية أضافت طبقات جديدة من الضغط على الأسرة، قائلًا: "الزمان اتغير.. أولادنا بيربوا معانا، لكنهم كمان بيربوا على الإنترنت، وعلى يد التيك توك واليوتيوب، فمش المعادلة القديمة بتاعة (البيت والمدرسة) بس هي اللي بتشكلهم. كمان المجتمع حوالينا بيتدخل: الجد، العمة، الخال.. كلهم ليهم رأي، وكلهم بيزودوا الضغوط على الأم".
وأضاف: "الأم بتروح عند قرايبها أو حماتها، فيقولوا لها: الولد محتاج يتشد عليه، البنت بتتصرف كده ليه؟ وهنا تبدأ تشك في نفسها، وتصدق إن أي مشكلة عند ابنها سببها إنها مقصّرة".
وأكد الدكتور إيهاب أن أول ما يجب فعله هو إعادة تعريف مفهومي "الأم الناجحة" و"الأم الفاشلة"، قائلًا: "ما فيش أم ناجحة على طول، وما فيش أم فاشلة على طول. كلنا بنغلط، وأنا شخصيًا كباحث في التربية.. بغلط. لكن النجاح الحقيقي إنك تحاولي تصلحي الغلط، وتتعلمي منه، وتعيدي المحاولة".
وشدد على أن ما يراه البعض "فشلًا تربويًا" قد يكون سلوكًا طبيعيًا مرتبطًا بمرحلة نمو، مثل التمرد في سن المراهقة، أو قلة الالتزام في بعض الفترات، وقال: "ابنك لما يشوح بإيده أو يتكلم بنبرة حادة، ده مش معناه إنك فشلتي كأم.. ده معناه إنك محتاجة تفهمي طبيعة المرحلة العمرية اللي بيمر بيها".
وأكد ماجد أن المقارنات المجتمعية تشكّل عبئًا نفسيًا كبيرًا على الأم، وأضاف: "ما فيش بيت نظيف طول الوقت، ما فيش أولاد متفوقين في كل حاجة، ما فيش أم تقدر توازن بين الشغل والمذاكرة والطبيخ والمواعظ واليوغا. ده وهم. إحنا بشر. الأهم من كل ده إن الأم تبقى شايفة إنها بتحاول، وعندها نية حقيقية تبقى أحسن".
وفي ختام حديثه، وجه الدكتور إيهاب ماجد رسالة مهمة للأمهات قائلاً: "لو قلتي لنفسك (أنا أم فاشلة)، هتدخلي في حالة نفسية سيئة وهتزودي المشكلة. لكن لو قلتي (أنا بحاول)، هتشجعي نفسك، وهتقدري تطوري من نفسك ومن علاقتك بأولادك. النجاح الحقيقي مش في الكمال.. النجاح في المحاولة المستمرة".