حذر المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو جراندي، من تدفق المهاجرين إلى أوروبا خاصة في ضوء انخفاض قيمة المساعدات الدولية للدول الأكثر احتياجا.
ودعا جراندي - في لقاء أجراه مع صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية - دول الاتحاد الأوروبي إلى دعم مرافق اللجوء في أفريقيا بدلاً من إنشاء برامج جديدة، مؤكدا أن التخفيضات "الكارثية" في ميزانية وكالته تدفع بالفعل المزيد من المهاجرين نحو أوروبا.
وأعلن جراندي، وفقًا لما نشرته الصحيفة عبر موقعها في عدد اليوم الاثنين، وجود أدلة متزايدة على توجه السودانيين شمالاً نحو أوروبا بدلاً من البقاء في السودان أو تشاد المجاورة، حيث وجد الكثيرون الدعم سابقاً.
وقال:" إن تخفيضات الميزانية التي فرضها علينا المانحون كارثية أيضًا من حيث كيفية إدارة هذه التدفقات"، مضيفًا أن تجاهل التطورات في الدول الأفريقية كان "خطأً استراتيجيًا فادحًا".
وأضاف جراندي، في إشارة إلى أحد مسارات الهجرة نحو أوروبا:" لا شك لديّ في أن الناس ينتقلون بالفعل من تشاد إلى ليبيا ومعظمهم لاجئون سودانيون". وتابع: "قدموا المزيد من المساعدة للدول التي يكون الناس فيها مستعدين للبقاء قبل العودة إلى ديارهم. بهذا نحل الكثير من مشاكلنا".
وانخفضت ميزانية مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بشكل كبير بعد أن خفض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تمويل بلاده من ملياري دولار إلى حوالي 390 مليون دولار هذا العام. لكن دولًا أوروبية مثل فرنسا وإيطاليا وألمانيا خفضت أيضًا دعمها، مما فاقم الأزمة. وقد سرّحت الوكالة التابعة للأمم المتحدة ثلث موظفيها وأوقفت برامج بقيمة 1.4 مليار دولار.
وفي مواجهة تراكم قضايا اللجوء وتزايد المشاعر المعادية للهجرة، سعت العديد من دول الاتحاد الأوروبي إلى استبعاد أجزاء من أنظمة اللجوء الخاصة بها، بما في ذلك فحص المتقدمين في دول خارج الاتحاد.
وأثارت هذه الخطط، التي تقودها دول ذات مواقف متشددة مثل الدنمارك وإيطاليا، حسبما أوضحت الصحيفة، جدلًا واسعًا في حين فشلت جهود سابقة من المملكة المتحدة لإنشاء مرافق لجوء في رواندا بسبب مخاوف تتعلق بحقوق الإنسان.
وأكد المسئول الأممي أنه سيكون "استثمارًا أفضل بكثير" إنفاق الأموال في دول تضم بالفعل أعدادًا كبيرة من اللاجئين المستعدين للبقاء، مثل تشاد وإيران وكينيا.. مشيرًا إلى ازدياد عدد المسافرين إلى أوروبا عبر ليبيا مؤخرًا برغم حرص دول الاتحاد الأوروبي على منح السلطات الليبية المزيد من التمويل لمنع المهاجرين غير الشرعيين من عبور البحر الأبيض المتوسط، غير أن جهود التعاون مع السلطات الليبية والجماعات المسلحة المتنافسة التي تسيطر على أجزاء من البلاد ظلت محفوفة بالمخاطر.
وقد أبرم الاتحاد الأوروبي عدة اتفاقيات مع دول أفريقية لوقف الهجرة، ويعمل الآن على إيجاد "حلول" إضافية تشمل دولًا من خارج الاتحاد الأوروبي. وتشمل المقترحات إرسال طالبي اللجوء المرفوضين إلى ما يسمى "مراكز العودة" في دول ليست موطنهم أو فحص طالبي اللجوء الذين تم إنقاذهم في البحر الأبيض المتوسط في دول شمال أفريقيا بدلاً من أوروبا.
كذلك، أكد جراندي استعداد وكالته للمشاركة في برامج التعاون المتعلقة بالهجرة، شرط توافر ضمانات واضحة تضمن بقاء المسؤولية على عاتق الدول الأوروبية تجاه الأشخاص المعنيين، مشيراً إلى أن هذا الشرط لم يتحقق في الخطة البريطانية الخاصة بنقل طالبي اللجوء إلى رواندا.
وقال: "إذا كانت الفكرة تقوم على التخلص تماماً من مسؤولية استقبال طالبي اللجوء في أوروبا وتحميلها بالكامل للدولة المضيفة، فسيكون الأمر أكثر إشكالية. أما إذا كان الهدف المساعدة في إنشاء نظام يوفر ضمانات كافية ويحترم القانون الدولي، فقد يكون ممكناً".. وأضاف: "لكن يجب أن نكون واقعيين. لا بد من إيجاد دولة تقبل بهذه الترتيبات، ولا أعتقد أن هناك دولاً كثيرة سوف تتسابق على ذلك وإنشاء مراكز العودة".
وأشار جراندي إلى أن المفوضية ستواجه صعوبة في العمل مع بعض الدول التي تفكر أوروبا في تعزيز التعاون معها بشأن الهجرة. واعتبر أن ليبيا "ليست دولة يمكن أن نقيم فيها مثل هذا الترتيب"، حسب قوله.