تصادف اليوم ذكرى ميلاد جان باتيست لامارك، الذي يعد أحد أبرز رواد علم الأحياء في العصر الحديث، ومؤسس أول نظرية متكاملة في تطور الكائنات الحية قبل داروين بعقود.
في 1 أغسطس 1744، وُلد العالم الفرنسي جان باتيست بيير أنطوان دي مونيه، شوفالييه دي لامارك في قرية بازنتين بمنطقة بيكاردي شمال فرنسا، نشأ في أسرة أرستقراطية فقيرة، وكان أصغر إخوته الأحد عشر، التحق بالجيش الفرنسي وهو في السابعة عشرة، وأظهر شجاعة كبيرة في حرب السنوات السبع، لكنه اضطر للتقاعد بعد إصابة في الرقبة.
بعد ذلك، اتجه إلى دراسة الطب، ثم انغمس في علم النبات، ونشر عمله الشهير Flore française عام 1778، الذي نال إعجاب كبار العلماء مثل جورج بوفون، وساهم في انضمامه إلى الأكاديمية الفرنسية للعلوم عام 1779.
في عام 1793، عُيّن لامارك أستاذًا لعلم الحيوانات اللافقارية في المتحف الوطني للتاريخ الطبيعي بباريس، وهو أول من استخدم مصطلح "اللافقاريات" وصاغ تصنيفات جديدة للكائنات الدقيقة والرخويات والحشرات.
في عام 1809، نشر لامارك كتابه الأهم Philosophie zoologique ، حيث طرح نظريته الشهيرة في الوراثة المكتسبة، والتي تنص على أن الكائنات الحية تطوّر صفاتها نتيجة الاستخدام أو الإهمال، وأن هذه الصفات تُورّث للأجيال التالية.
استخدم مثالًا شهيرًا عن الزرافة التي تطيل عنقها تدريجيًا للوصول إلى أوراق الأشجار، وهو المثال الذي أصبح رمزًا لنظريته.
ورغم أن هذه النظرية تم دحضها لاحقًا من قبل علم الوراثة الحديث، فإنها كانت خطوة جريئة في فهم تغير الكائنات عبر الزمن، ومهدت الطريق لنظرية الانتقاء الطبيعي التي قدمها داروين لاحقًا.
لامارك هو أول من استخدم مصطلح "بيولوجيا" بمعناه الحديث عام 1802، وترك إرثًا علميًا في تصنيف الكائنات، خاصة اللافقاريات، ورغم تجاهل نظريته في حياته، إلا أن اسمه عاد للواجهة في القرن العشرين، خاصة مع تطور علم الوراثة اللاجينية (Epigenetics) الذي أعاد النظر في بعض أفكاره
عانى لامارك من الفقر والعمى في سنواته الأخيرة، وتوفي في 18 ديسمبر 1829 عن عمر ناهز 85 عامًا، ودُفن في قبر مستأجر، ثم نُقلت رفاته لاحقًا إلى مكان غير معروف.