يدور الحديث في الأوساط العبرية عن أن بلادهم تتجه خلال الفترة المقبلة إلى احتلال قطاع غزة بالكامل بضوء أخضر أمريكي، وذلك بعد أن أفسد التعنت الإسرائيلي محاولات التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع حركة حماس، الشهر الماضي، وسط احتدام الخلاف بين المستوى السياسي والأمني في تل أبيب حول هذا الأمر.
إسرائيل نحو احتلال غزة
أكد مسؤولون في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أن بلادهم اتخذت قرار احتلال قطاع غزة، مضيفين أن حركة حماس "لن تُفرج عن أسرى آخرين لديها دون استسلام كامل، ولن نستسلم"، حسب ما أوردته القناة الـ12 العبرية.
وبموجب هذا القرار -وفق القناة- فإن جيش الاحتلال سيقاتل في المناطق التي تجنبت إسرائيل العمل فيها خلال الأشهر الأخيرة، بما في ذلك مخيمات وسط القطاع.
وحسب ما نقلته هيئة البث الإسرائيلية عن وزراء تحدثوا مع رئيس الوزراء، فإنه قرر توسيع نطاق العملية العسكرية في غزة، رغم اختلافات الرأي مع المؤسسة الأمنية، مشيرة إلى أن نتنياهو استخدم في محادثته عبارة "احتلال القطاع" بهدف هزيمة حماس.
هذا، ويعقد نتنياهو، اليوم، اجتماعًا أمنيًا يتناول كيفية مواصلة العملية العسكرية، فضلًا عن مناقشة إمكانية توسيعها لتشمل المناطق التي يُخشى وجود المحتجزين فيها.
وفي المقابل، تعارض المؤسسة الأمنية الإسرائيلية المناورات العسكرية في هذه المناطق، خوفًا على حياة المحتجزين، حيث من المفترض أن حربًا تدور حتى هذه اللحظة من أجل استعادتهم.
وفي حال تنفيذ خطة احتلال القطاع بأكمله، فقد يستقيل رئيس الأركان إيال زامير من منصبه، وفق ما نقلته "الهيئة" عن وزراء في الحكومة، إذ يبدي مخاوف من خطورة هذا التحرك.
وكما ذكرت صحيفة "إسرائيل هيوم"، فإن "زامير" يعارض الاحتلال الكامل للقطاع، وذلك خشية على حياة الرهائن واستنزاف القوات، وفي المقابل، فإنه يريد بدلًا من هذه الخطة، تطبيق أخرى تتضمن تطويق نقاط محورية في القطاع، مع ممارسة ضغط مستمر على حماس لخلق ظروف إطلاق سراح المحتجزين.
ويطالب زامير منذ زمن مناقشة خطته بمجلس الوزراء بشأن خطط الجيش بقطاع غزة، لكن نتنياهو يمنعه من ذلك، وفق ذات المصدر.
وفي غضون ذلك، أكدت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية عن مصادر، أن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، منح رئيس الوزراء الضوء الأخضر لشن عملية عسكرية ضد حماس.
وقالت الصحيفة العبرية، إن هناك تفاهمًا في واشنطن وتل أبيب على أن حماس لا تريد التوصل إلى اتفاق، وذلك بعد فشل الجولة الأخيرة من محادثات وقف إطلاق النار التي جرت في العاصمة القطرية الدوحة، الشهر الماضي.
وبدأ الجيش الإسرائيلي نهاية أكتوبر 2023، عملية برية في قطاع غزة، بهدف استعادة الأسرى الإسرائيليين لدى حركة حماس، إلى جانب القضاء على قدراتها العسكرية، غير أنه فشل في ذلك جملة وتفصيلًا.
وبدلًا من تحرير المحتجزين عبر العمل العسكري، تعرض حركة حماس إمكانية إجراء صفقة شاملة تفرج بموجبها عن كافة الأسرى لديها، مقابل إنهاء حرب الإبادة المتواصلة منذ 222 يومًا، لكن إسرائيل ترفض ذلك.
وللمفارقة، فإن إسرائيل كانت قد أطلقت في مايو الماضي عملية "عربات جدعون" التي رمت لاحتلال أجزاء كبيرة من القطاع لتحقيق ذات الأهداف، غير أنها منيت بالفشل جملة وتفصيلًا وفق الشهادات العبرية.
ومن جانبها، حملت حركة حماس الفلسطينية، الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عن حياة جميع الأسرى لدى المقاومة، "بسبب تعنتها وغطرستها وتهرّبها من التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار، وتصعيد حرب الإبادة والتجويع ضد شعبنا"، حسب وصفها.
الخلاف إلى العلن
وخرج الخلاف الدائر بين زعيم الحكومة الإسرائيلية ورئيس الأركان إلى العلن، بعد أن صرح وزير الأمن القومي المتطرف في الحكومة إيتمار بن غفير، اليوم، بأن على الأخير أن يمتثل لتعليمات الأول.
وقال الوزير المتطرف، إن "على رئيس الأركان أن يوضح بشكل صريح أنه سيلتزم بشكل كامل بتعليمات القيادة السياسية، حتى لو اتُخذ قرار بالاحتلال والحسم"، حسب قوله.
كذلك، شن يائير نجل نتنياهو، في تعليق له على منصات التواصل الاجتماعي، هجومًا واسعًا على رئيس الأركان بسبب رفضه موضوع احتلال القطاع بالكامل، متهمًا إياه بأنه "يقود تمردًا وانقلابًا عسكريًا"، حسب إعلام عبري.
ومنذ السابع من أكتوبر 2023، تشن إسرائيل بدعم أمريكي حربًا مدمّرة ضد قطاع غزة، خلّفت أكثر من 211 ألف شهيد وجريح فلسطيني، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم، حسب وزارة الصحة الفلسطينية في غزة.