أعرب اليوم وزير الخارجية سامح شكرى، خلال زيارته للعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، ومقابلة رئيس الوزراء الإثيوبي
ووزير الخارجية، عن قلق مصر البالغ من التعثر الذي يواجه المسار الفني المتمثل في أعمال
اللجنة الفنية الثلاثية بشأن دراسة الآثار المتعلقة بسد النهضة، وأن استمرار حالة
عجز اللجنة عن التوصل لاتفاق حول التقرير الاستهلالي المُعد من جانب المكتب الاستشاري،
من شأنه أن يعطل بشكل مقلق استكمال الدراسات المطلوبة عن تأثير السد على دولتي المصب
في الإطار الزمني المنصوص عليه في اتفاق المبادئ.
الوزير شكري شدد على
حساسية أمن مصر المائي، ومن ثم فإن الأمر لا يمكن الاعتماد فيه على الوعود وإظهار النوايا
الحسنة فقط، ولكن المطلوب هو التزام الدول الثلاث بتنفيذ اتفاق إعلان المبادئ، لاسيما
فيما يتعلق بالاعتماد على الدراسات كأساس ومرجعية للملء الأول للسد وأسلوب تشغيله السنوي.
وأكد وزير الخارجية
أن مصر تحرص على استكمال الدراسات الفنية، لذا فإنها تقترح وجود طرف ثالث له رأي محايد وفاصل يشارك
في أعمال اللجنة الفنية الثلاثية يتمثل في "البنك الدولي"، نظرا لما يتمتع
به البنك من خبرات فنية واسعة، ورأي فني يمكن أن يكون ميسرا للتوصل إلي اتفاق داخل
أعمال اللجنة الثلاثية، مشيرا إلى أن مصر تثق في حيادية البنك الدولي وقدرته على الاستعانة
بخبراء فنيين على درجة عالية من الكفاءة.
الدكتور ضياء القوصي، خبير المياه، ومستشار البنك الدولي ، قال في تصريحات خاصة لـ" الهلال اليوم" إن طلب مصر
لتدخل البنك الدولي يرجع لسبب مهم وهو أن البنك الدولي تولي مهمة الوكالة عن الدول
المناحة في مبادرة حوض النيل، وبالتالي البنك الدولي كان طرفا أصيلا في مبادرة حوض
النيل، ليس كبنك تجاري أو ممول، إنما وكيلا للدول المناحة من ألمانيا وكندا وغيرهم
الدول.
الدكتور ضياء يؤكد أن البنك الدولي شاهد وحاضر علي كل الأحداث المتعلقة بقضايا
المياه والتنمية في حوض النيل منذ عام 1998، وشهد قضة اتفاقية عنتيبي التي ترفض
مصر التوقيع عليها، واستمر دوره مرورا بإحداث كثيرة توالت إلى أن وصلنا إلى انهيار
مبادرة حوض النيل ، في مايو 2010.
مستشار البنك الدولي يضيف أن مشاركة البنك الدولي ليكون وسيط في المباحثات
بين الدول الثلاث مصر وإثيوبيا والسودان، أمر طيب، فعندما يتوقف المسار التفاوضي
بين الشركاء ويصل لمرحلة الجمود، كان لابد من وجود وساطة قبل أن يتم اللجوء إلى عملية
التحكيم واللجوء إلي الأمم المتحدة ومجلس الأمن، فمصر رأت أنه من الجيد أن يكون
البنك الدولي وسيطا لخبراته الطويلة في حوض النيل.
الدكتور ضياء أشار إلى أن الوسيط إما أن يكون دولة مهيمنة اقتصاديا في إثيوبيا
مثل الصين أو ألمانيا، أوهيئة أو منظمة دولية، فجاءت أفضلية مشاركة البنك الدولي أنه يعرف جيدا تاريخ مبادرة حوض النيل منذ بدايتها، ولديه فنيين وخبراء علي مستوي
عالي جدا من الكفاءة، وقادرة على وضع حل يرضي جميع الإطراف بما لا يرضي بمصالح مصر
المائية، وهي خطوة تبعث انفراجة في الأزمة، ومبشرة.
الجدير بالذكر أن البنك الدولي من أحدى
المؤسسات الدولية الهامة والفعالة وذات التأثير في البيئة الدولية وبخاصة للدول النامية
لما يقدمه من منح وقروض ودعم مشروعات ولا يستعد من ذلك مشروعات استغلال وتطوير مياه
الأنهار الدولية.
وفي 1995 طلب مجلس وزراء
مياه دول حوض النيل من البنك الدولي الإسهام في الأنشطة المقترحة، وعلى ذلك أصبح كل
من البنك الدولي و صندوق الأمم المتحدة الإنمائي والهيئة الكندية للتنمية الدولية شركاء
لتفعيل التعاون ووضع آليات العمل بين دول حوض النيل.
عام 1997 أنشأت دول
حوض النيل منتدى للحوار من أجل الوصول لأفضل آلية مشتركة للتعاون فيما بينهم.
ولاحقا في 1998 تم الاجتماع
بين الدول المعنية باستثناء إريتريا في هذا الوقت من أجل إنشاء الآلية المشتركة فيما
بينهم. وفي فبراير 1999 تم توقيع مبادرة بين دول حوض النيل العشر، بهدف تدعيم أواصر
التعاون الإقليمي