حذّرت دراسة جديدة نقلتها مجلة "بوليتيكو" الأوروبية في آخر عدد لها من أن الاستخدام الروتيني لتقنيات الذكاء الاصطناعي في عمليات تنظير القولون قد يؤدي إلى تراجع مهارات الأطباء المتخصصين في الكشف عن الأورام السرطانية بنسبة تصل إلى الخُمس.
وأوضحت الدراسة، وفقًا لما نشرته المجلة اليوم الأربعاء، أن الفحص باستخدام المناظير المزودة بالذكاء الاصطناعي قد يرفع دقة الاكتشاف، لكنه في الوقت نفسه يعرّض الأطباء لخطر "فقدان المهارات" نتيجة الاعتماد المفرط على مثل هذه التقنيات.
وأشارت "بوليتيكو" إلى أن الدراسة، التي أُجريت في أربعة مراكز طبية ببولندا، شملت 1443 مريضًا خضعوا لجراحات تنظير القولون بدون مساعدة الذكاء الاصطناعي قبل وبعد إدخاله بشكل قياسي لمدة ستة أشهر.. وكشفت الدراسة أنه قبل استخدام التقنية، بلغت نسبة اكتشاف الأورام الغدية 28.4%، لكنها انخفضت بعد ثلاثة أشهر من الاعتماد عليها إلى 22.4%، أي بانخفاض قدره 6 نقاط مئوية.
وقال الباحث المشارك مارسين رومانشيك من أكاديمية سيليسيا في بولندا- في تعليق للمجلة:" نتائجنا مثيرة للقلق في ظل الانتشار السريع للذكاء الاصطناعي في مجال الطب"، داعيًا إلى مزيد من الأبحاث لدراسة تأثير التقنية على مهارات العاملين في مختلف التخصصات الطبية.
وتنظير القولون يُعد من أهم وسائل الوقاية من سرطان الأمعاء، حيث يتيح اكتشاف وإزالة الأورام الغدية قبل تحولها إلى سرطانية. ورغم أن دراسات وتجارب سابقة أظهرت تحسن معدلات الاكتشاف مع دعم الذكاء الاصطناعي، إلا أن النتائج الأخيرة- حسبما قالت المجلة- أثارت تساؤلات حول مخاطر تراجع الخبرة البشرية.
وأشار الباحث يوئيتشي موري من جامعة أوسلو في النرويج، وهو أحد مؤلفي الدراسة، إلى احتمال أن يكون أداء الأطباء في التجارب السابقة قد تأثر سلبًا بالتعرض المستمر للذكاء الاصطناعي، مما يجعل نتائج المقارنات غير مماثلة للواقع العملي.
وأكّد الباحثون أن طبيعة الدراسة القائمة على الملاحظة تعني أن هناك عوامل أخرى محتملة قد أثّرت في النتائج، إلا أن الرسالة الأساسية تبقى واضحة مفادها أن التكنولوجيا أداة دعم، وليست بديلًا عن الخبرة الطبية المتراكمة.