الخميس 14 اغسطس 2025

ثقافة

وزير السياحة يزور البوسنة والهرسك ومباحثات حول تعزيز التعاون السياحي والثقافي

  • 13-8-2025 | 22:04

جانب من الزيارة

طباعة
  • أ ش أ

في سياق تعزيز الروابط الدبلوماسية والاقتصادية بين الدول العربية والأوروبية، شهدت العاصمة البوسنية سراييفو حدثًا بارزًا خلال الأيام الماضية، حيث قام شريف فتحي، وزير السياحة والآثار المصري، بزيارة رسمية هي الأولى لوزير مصري إلى البوسنة والهرسك منذ 15 عاما.


جاءت هذه الزيارة في وقت يشهد فيه العالم تحديات اقتصادية وسياسية، لكنها أكدت على حرص مصر على توسيع آفاق التعاون مع دول البلقان، خاصة في مجالات السياحة والآثار التي تمثلان عماداً للاقتصادين في كلا البلدين . 


بدأت الزيارة بلقاء وزير السياحة شريف فتحي مع وزير الخارجية البوسني علم الدين كوناكوفيتش، حيث تم التأكيد على العلاقات المتميزة بين البلدين، واستعراض إنجازات مصر في قطاع السياحة خلال عام 2024، الذي شهد استقبال 15.8 مليون سائح، بنمو قدره 6% مقارنة بالعام السابق. 


كما أبرز الوزير «فتحي» الجهود المبذولة لجذب الاستثمارات الفندقية، وزيادة الطاقة الاستيعابية، بالإضافة إلى الافتتاح المنتظر للمتحف المصري الكبير في نوفمبر المقبل، الذي يُتوقع أن يصبح معلماً سياحياً عالمياً يجذب ملايين الزوار . 
من جانبه، أشاد كوناكوفيتش بعلاقات الصداقة الممتدة، ودعم مصر للبوسنة في مختلف المجالات، مشيراً إلى نمو السياحة في بلاده هذا العام، وزيارته الشخصية لمصر قبل عقد من الزمن كسائح، معبرًا عن تطلعه لتكرار التجربة. 


خلال اللقاء، ناقش الجانبان سبل تعزيز الاستثمارات السياحية المشتركة، وتسهيل التأشيرات، وزيادة الرحلات الجوية المباشرة، بالإضافة إلى الترويج المتبادل للوجهات السياحية، وتبادل الخبرات في مجال الآثار، حيث تتمتع مصر بخبرة واسعة في الترميم وإدارة المتاحف.


وفي بيان أصدرته وزارة خارجية البوسنة حول اللقاء، قالت إن الوزيرين أكدا متانة العلاقات السياسية الممتازة، مع التعبير عن الامتنان للصداقة والدعم المصري المستمر منذ زمن طويل، بما في ذلك تصويتها لصالح قرار الأمم المتحدة بشأن اليوم الدولي لإحياء ذكرى الإبادة الجماعية في سريبرينيتسا عام 1995 " .


وأضاف البيان أن وزير خارجية البوسنة دعا السياح والمستثمرين المصريين لاستكشاف التراث الثقافي للبوسنة والهرسك، وجمالها الطبيعي، وفرصها الاستثمارية الجذابة في مجالات البنية التحتية والطاقة والصناعة.. بينما جددت مصر تأكيد دعمها القوي لسيادة البوسنة والهرسك ووحدة أراضيها ومسار اندماجها في الاتحاد الأوروبي.


واستمراراً لجدول الزيارة، عقد الوزير فتحي اجتماعاً موسعاً مع كبار مسئولي القطاع السياحي في البوسنة والهرسك، بما في ذلك ممثلي الكيانات السياحية والمدن، ورؤساء شركات السياحة والفنادق والمطارات، ومسئولي الترويج السياحي.. وهو الاجتماع الذي حضره السفير المصري وليد حجاج، والمهندس أحمد يوسف، مساعد الوزير لشئون الإدارات الاستراتيجية والقائم بأعمال الرئيس التنفيذي للهيئة المصرية العامة للتنشيط السياحي . 
وخلال الاجتماع، أكد فتحي على أهمية التواصل المباشر مع شركاء القطاع الخاص، معتبراً إياهم قاطرة النمو في صناعة السياحة، بينما تركز الحكومة على تهيئة البنية التحتية وتحسين مناخ الاستثمار. 
كما استعرض استراتيجية الوزارة التي تركز على تنويع المنتجات السياحية المصرية، مثل السياحة الثقافية والشاطئية والروحانية والنيلية وسياحة المغامرات، مع هدف مضاعفة عدد الغرف الفندقية بحلول عام 2030. 
وأشار إلى إضافة 18 ألف غرفة جديدة هذا العام، منها 6 آلاف غرفة تمت إضافتها بالفعل، بالإضافة إلى تنظيم نشاط "شقق الإجازات" لضمان جودة الخدمات.. كما تحدث عن استضافة مصر لفعاليات عالمية في مدن مثل العلمين الجديدة وشرم الشيخ وأهرامات الجيزة، واقترح تنظيم رحلات تعريفية وورش عمل لتعزيز التعاون. وقدم المهندس أحمد يوسف عرضاً تقديمياً عن المقومات السياحية المصرية وبرنامج تحفيز الطيران، مؤكداً استعداد الهيئة لتنظيم أنشطة مشتركة. 
وفي إطار الفعاليات الاجتماعية للزيارة، أقام دينيس سوليك، وزير التجارة والسياحة بجمهورية صربيسكا، مأدبة عشاء على شرف الوزير فتحي في منطقة ياهورينا الجبلية خارج سراييفو. 
وأكد فتحي على العلاقات الوطيدة بين البلدين، معبرًا عن تقديره لحفاوة الاستقبال.. واستعرض مرة أخرى الأداء الإيجابي للسياحة المصرية في 2024، والجهود لجذب الاستثمارات الفندقية، بالإضافة إلى المخطط الاستراتيجي لتطوير المنطقة من مطار سفنكس إلى سقارة، بما يشمل أهرامات الجيزة والمنطقة المحيطة بالمتحف المصري الكبير، مع الحفاظ على الطابع التاريخي.. ونوه فتحي إلى الافتتاح الرسمي للمتحف في نوفمبر، الذي سيُعرض فيه كنوز حضارية فريدة . 
من جانبه ، رحب سوليك بالزيارة، مشيراً إلى زيارته السابقة للغردقة كسائح، وتطلعه لاستكشاف مدن مصرية أخرى.. وتبادل الوزيران وجهات النظر حول تعزيز السياحة البينية من خلال الترويج المشترك، خاصة في السياحة الشتوية والاستشفائية، حيث تتمتع البوسنة بمناظر جبلية خلابة ومياه معدنية، بينما تقدم مصر شواطئاً وآثاراً تاريخي ، هذه المأدبة لم تكن مجرد مناسبة اجتماعية، بل فرصة لتعزيز الثقة المتبادلة واستكشاف فرص استثمارية جديدة، مثل بناء فنادق مشتركة أو برامج سياحية مشتركة تجمع بين التراث الإسلامي في البوسنة والفرعوني في مصر.
وواصل الوزير فتحي لقاءاته في اليوم الثاني بلقاء مع ستاسا كوساراك، نائب رئيس مجلس الوزراء البوسني ووزير التجارة الخارجية والعلاقات الاقتصادية، المسئول عن ملف السياحة. 
عقب الاجتماع، وقع الوزيران مذكرة تفاهم للتعاون في السياحة بين الحكومتين، تهدف إلى تعزيز الإطار المشترك وفتح آفاق جديدة.. كما أعرب فتحي عن تقديره لحفاوة الاستقبال، مؤكداً حرص مصر على تطوير العلاقات، خاصة في السياحة كقوة ناعمة تدعم التواصل بين الشعوب. 
وأشار إلى أهمية التواصل بين القطاعين الحكومي والخاص، واقترح رحلات تعريفية وورش عمل لتعزيز السياحة البينية والاستثمار.. كذلك تحدث عن الحملة الترويجية "مصر.. تنوع لا يُضاهى"، التي تستخدم الذكاء الاصطناعي في التسويق، وعن نمو السياحة في 2024 والربع الأول من 2025.. فيما أكد كوساراك على علاقات الصداقة، وتطلعه لزيادة السياحة البينية، مشيراً إلى إمكانيات البوسنة السياحية .
وناقش الجانبان التعاون في التدريب، حيث أبرز فتحي جهود الوزارة في تطوير العنصر البشري عبر كليات السياحة، رابطاً بين التعليم والتدريب العملي. 
اختتم الوزير زيارته بلقاءات إعلامية مع وسائل إعلام بوسنية مثل قناة Hayat TV ووكالة KLIX، حيث أعرب عن تفاؤله بالمباحثات، التي تعزز التعاون في السياحة والآثار.. مشيرًا إلى الرقم القياسي لعدد السائحين في 2024 رغم التحديات الجيوسياسية، مؤكداً أمان مصر وثقة الأسواق العالمية. 
وتحدث الوزير لوسائل الإعلام عن جذب الاستثمارات الفندقية، وتحقيق الاستدامة، حيث يطبق 41% من الفنادق و30% من مراكز الغوص ممارسات خضراء.. مشددًا على تعزيز التعاون الحكومي والخاص، مع دعوة السائحين البوسنيين لزيارة مصر. 
تأتي هذه الزيارة ضمن سياق علاقات تاريخية قوية بين مصر والبوسنة والهرسك، حيث أقيمت العلاقات الدبلوماسية رسمياً بعد استقلال البوسنة في التسعينيات، مع دعم مصر الدائم لسيادتها وسلامتها الإقليمية، كما أكدت وزارة الخارجية البوسنية في بياناتها الأخيرة. 
في عام 1998، وقع البلدان مذكرة تفاهم للتشاور السياسي، مما مهد لتعاون في المجالات الاقتصادية والثقافية، وشملت مصر دعماً لاندماج البوسنة في الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى مشاركتها في قوات حفظ السلام خلال الحرب البوسنية.
أما على الصعيد الاقتصادي، فإن التبادل التجاري ينمو تدريجياً، مع تركيز على السياحة كمحرك رئيسي، حيث شهدت السنوات الأخيرة زيادة في الرحلات الجوية المباشرة بين القاهرة وسراييفو، حسبما أعلنت شركات الطيران في 2025، مما يسهل التبادل الثقافي والسياحي.
وترتكز هذه العلاقات على روابط تاريخية مشتركة، خاصة في التراث الإسلامي، حيث تتقاسم البلدان اهتماماً بالحفاظ على المواقع الأثرية، وتسعى مصر لمشاركة خبراتها في الترميم مع البوسنة.
علاوة على ذلك، يبرز التعاون في المجالات الدولية، حيث أعادت مصر التأكيد على دعمها لسيادة البوسنة واندماجها الأوروبي في اجتماعات 2025، كما ذكرت وزارة الخارجية البوسنية.
وفي مقابل ذلك، أعربت البوسنة عن تقديرها لمواقف مصر الداعمة في المنتديات الدولية، خاصة في قضايا الشرق الأوسط، مما يعزز الشراكة الاستراتيجية.. هذه الروابط ليست حديثة، بل تعود إلى فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، حيث كانت مصر من أوائل الدول العربية التي اعترفت باستقلال البوسنة، ودعمتها اقتصادياً من خلال مساعدات إنسانية وبرامج إعادة الإعمار.
اليوم، مع توقيع مذكرة التفاهم السياحية في 2025، يتوقع الخبراء زيادة في التدفقات السياحية، حيث يمكن للسياح البوسنيين استكشاف آثار مصر، بينما يجذب السياح المصريون المناظر الطبيعية في البوسنة، مما يساهم في نمو اقتصادي مستدام لكلا الجانبين.
تكمن أهمية هذه الزيارة في قدرتها على تحويل العلاقات الثنائية إلى شراكة عملية، خاصة في ظل التحديات العالمية مثل تغير المناخ والأزمات الاقتصادية، حيث يمكن للسياحة أن تكون جسراً للتواصل الشعبي. 
ومن المتوقع أن تؤدي المذكرة الموقعة إلى زيادة الرحلات الجوية، وتبادل الخبرات في الاستدامة، وتنظيم مهرجانات مشتركة، كما اقترح كوساراك مشاركة مصر في مهرجان سراييفو للفيلم في العام المقبل، الذي يجذب آلاف الزوار سنوياً. 
كذلك، يمكن أن يمتد التعاون إلى مجال الآثار، حيث تقدم مصر نموذجاً في إدارة المتاحف، بينما تستفيد البوسنة من خبراتها في الحفاظ على التراث العثماني. 
في النهاية، تمثل زيارة فتحي خطوة نحو مستقبل أكثر تعاوناً، تعزز من مكانة مصر كقوة إقليمية في السياحة، وتساعد البوسنة على تعزيز اقتصادها النامي، مما يعود بالنفع على الشعبين الصديقين. مع استمرار هذه الجهود، قد تشهد السنوات القادمة نمواً ملحوظاً في التبادل الثقافي والاقتصادي، مؤكدة أن السياحة ليست مجرد صناعة، بل أداة للسلام والتفاهم بين الشعوب.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة