الجمعة 15 اغسطس 2025

ثقافة

لقاء فكري عن الفن السابع "بالأعلى للثقافة"

  • 14-8-2025 | 19:36

جانب من الندوة

طباعة

تحت رعاية وزير الثقافة الدكتور أحمد فؤاد هنو، والدكتور أشرف العزازي؛ الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، عُقد لقاء فكري مع الفنان محمد عادل، الشهير بـ "ميدو عادل"، وذلك ظهر اليوم الأربعاء الموافق 14 أغسطس 2025، بقاعة المجلس الأعلى للثقافة.

وقد جاءت هذه الفاعلية الثقافية في إطار مبادرة "القوة في شبابنا"، وشهد اللقاء حضورًا كبيرًا من الشباب المهتمين بالفن السابع؛ حيث تفاعل الفنان الشاب محمد عادل مع الحضور، وتبادل معهم رؤاهم حول فن التمثيل، مشيرًا إلى أن التمثيل أحد أرقى الفنون التي تجمع بين الإبداع والتواصل الإنساني.

فهو ليس مجرد حفظ للنصوص أو تقليد للأفعال، بل عملية عميقة تتطلب من الممثل أن يعيش الشخصية بكل تفاصيلها النفسية والجسدية حتى يصدقها الجمهور. ويمكن النظر إليه باعتباره فن "الحياة داخل حياة أخرى"؛ حيث يضع الممثل نفسه في ظروف ومشاعر وتجارب لم يعشها بالضرورة، لكنه يتقمصها وكأنها واقعه الشخصي.

هذه القدرة على الانفصال عن الذات والانغماس في شخصية أخرى هي ما يجعل التمثيل أقرب إلى تجربة إنسانية عاطفية وفكرية معقدة.

عملية اكتشاف موهبة التمثيل تبدأ غالبًا منذ الصغر، عندما يُظهر الفرد ميلًا فطريًا إلى تقليد الآخرين أو الارتجال في مواقف مرحة أو درامية. قد يلاحظ الأهل والمعلمون قدرة الطفل على سرد القصص بطريقة مشوقة، أو التعبير عن المشاعر بصدق حتى في اللعب التمثيلي البسيط.

وفي مرحلة لاحقة، يمكن أن يظهر هذا الميل في المدرسة أو الأنشطة الفنية، حيث يجد الشخص نفسه مرتاحًا أمام الجمهور أو الكاميرا، وقادرًا على السيطرة على انفعالاته وأدواته التعبيرية. ومع التدريب، تتطور هذه الموهبة لتصبح مهارة احترافية.

من أهم ما يميز الموهوب في التمثيل هو الحس العالي بالملاحظة؛ فالممثل الجيد يراقب تصرفات الناس وحركاتهم ونبراتهم بدقة، ويحفظ هذه الملاحظات في ذاكرته ليستخدمها لاحقًا عند أداء الشخصيات. كما يحتاج إلى ذكاء عاطفي يجعله قادرًا على فهم دوافع الشخصيات التي يؤديها، حتى لو كانت بعيدة تمامًا عن شخصيته الحقيقية.

التعبيرات الخاصة بالتمثيل تشكل العمود الفقري لهذا الفن. الوجه هو المسرح الأول للمشاعر، فهو قادر على نقل الفرح، الحزن، الغضب، الخوف، أو الارتباك دون الحاجة إلى كلمات. النظرات وحدها يمكن أن تحكي قصة كاملة، بينما الابتسامة قد تحمل دفئًا صادقًا أو سخرية لاذعة حسب السياق.

أما لغة الجسد فهي أداة قوية للتعبير؛ طريقة الوقوف، حركة اليدين، الإيماءات، وحتى الإيقاع في المشي كلها تضيف عمقًا للشخصية وتجعلها أكثر واقعية.

الصوت أيضًا جزء أساسي من التعبير التمثيلي؛ فالنبرة، ودرجة الصوت، والسرعة في الكلام، كلها عناصر تساعد على إيصال الحالة النفسية للشخصية. أحيانًا، يكون الصمت أبلغ من الكلام، حيث يتيح للمشاهد فرصة قراءة المشاعر من خلال التوقفات ولغة الجسد.

ولا يمكن إغفال دور الخيال في التمثيل؛ فالممثل يحتاج أن يملأ الفراغات التي لا يقدمها النص، وأن يبني حياة كاملة لشخصيته: ماذا تحب؟ ماذا تخاف؟ ما هي ذكرياتها؟ هذا التخيل يمنح الشخصية عمقًا وصدقًا يجعلها أقرب إلى كائن حي حقيقي.

وأخيرًا، التمثيل ليس موهبة فطرية فقط، بل هو أيضًا علم ومهارة تحتاج إلى تدريب وصقل مستمر. الالتحاق بدروس التمثيل، دراسة أساليب مدارس الأداء المختلفة، والمشاركة في الأعمال الفنية، كلها وسائل لتطوير القدرات.

الممثل الناجح هو الذي يجمع بين الموهبة الفطرية والانضباط الفني، وبين الصدق الداخلي والإبداع الخارجي، ليتمكن من لمس قلوب الجمهور وترك أثر دائم في ذاكرتهم.

وفي مختتم حديثه، أوضح الفنان محمد عادل أن الخيال والتذوق الفني عنصران جوهريان في التمثيل؛ فالممثل لا يكتفي بأداء النص كما هو، بل يستخدم خياله ليبني حياة كاملة لشخصيته، يملأ بها الفجوات التي لم يذكرها الكاتب، ويستحضر مواقف وتجارب لم يعشها في الواقع ليجسدها بصدق.

أما التذوق الفني، فهو ما يمنحه الحس الجمالي والقدرة على إدراك الفروق الدقيقة في الأداء، مثل اختيار النبرة المناسبة، أو ضبط الإيقاع بين الحركة والكلمة، أو استخدام الصمت في اللحظة المثالية.

وعندما يتكامل الخيال مع التذوق الفني، يصبح الممثل قادرًا على تحويل النص إلى تجربة حية مؤثرة، تلامس مشاعر الجمهور وتترك فيهم أثرًا لا يُنسى.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة