نجيب محفوظ عبد العزيز إبراهيم أحمد الباشا، وُلد بحي الجمالية في (11 ديسمبر 1911)، وتوفى في (30 أغسطس 2006)، نجا من محاولة اغتيال عام 1994، عندما طعنه أحد المسلحين في رقبته أمام منزله، مما أثر في قدرته على الكتابة. وهو أول كاتب مصري وعربي حاز على جائزة نوبل في الأدب عام 1988. كتب ونُشر له حوالي 55 كتابًا في حياته، تنوعت بين الروايات والمجموعات القصصية والمسرحيات.
استمر نشاطه الأدبي حوالي 70 عامًا، بدأها بنشر ترجمته لكتاب "مصر القديمة" عام 1932، حتى نشر كتابه "أحلام فترة النقاهة" عام 2004، قبل وفاته بعامين.
له فضل كبير في التعريف بالحارة المصرية، التي كانت طريقه إلى العالمية؛ فعمل على جعلها رمزًا للأدب العربي والعالمي من خلال أعماله، ونجح في تقديم صورة حية وواقعية للمجتمع المصري، وطرح قضايا إنسانية تتجاوز حدود الزمان والمكان.
ركز على الجانب الأدبي منذ شبابه، وانتابته الحيرة أثناء دراسته بالجامعة: هل يستكمل دراسة الفلسفة، أم يتفرغ للأدب؟ ونشر في تلك الفترة مقالات فلسفية وفكرية في مجلتي "الرسالة" و"المجلة الجديدة" التي كان يرأس تحريرها سلامة موسى، والذي نشر له عام 1932 ترجمته لكتاب "مصر القديمة".
واعتبر نفسه منذ عام 1939 محسوبًا على الأدب كليًا، حين صدرت روايته "عبث الأقدار" المتأثرة بالحضارة الفرعونية.
ثم جاءت أهم خطواته الأدبية بعد تحوله من الرواية التاريخية إلى الواقعية الاجتماعية، فوصف المجتمع بدقة من خلال السرد المعتمد على شخصيات وأماكن واقعية، خصوصًا حي الجمالية ومنطقتي الحسين والأزهر، بدءًا من رواية "القاهرة الجديدة" 1945، حتى نشر الجزء الأخير من ثلاثية القاهرة "السكرية" 1957. وخلال تلك الفترة، نشر ثماني روايات توّجته ملكًا على عرش ما يعرف بالواقعية الاجتماعية.
ثم اتجه إلى الكتابة الرمزية، سواء في القصة أو الرواية، ومنها: "اللص والكلاب" 1961، "دنيا الله" 1962، "الطريق" 1964، و"الشحاذ" 1965، ليصل إلى ذروة الرمزية في رواية "الحرافيش".
فقد عبّر نجيب محفوظ في رواياته عن هموم الطبقة المتوسطة وأحلامها، ورؤيتها تجاه القضايا المصيرية، وصوّر حياة الأسرة في علاقاتها الداخلية وامتدادها إلى المجتمع، واصفًا إياها بكل دقة وعمق. جعل من الحارة مسرحًا لأعماله، صانعًا بانوراما من العلاقات المتشابكة، فباتت الحارة رمزًا لمصر كلها، حيث تتجلى فيها التناقضات الاجتماعية والاقتصادية، وتتفاعل الشخصيات في علاقات معقدة ومتشابكة.
كما استخدم شخوصًا من لحم ودم، مبتكرًا نماذج حية ومؤثرة في الحياة، كعباس الحلو في "زقاق المدق"، وأحمد عبد الجواد في الثلاثية، بعوالمهما المتشابكة التي تعكس واقع المجتمع. وهذه الشخصيات تُعد عصب تلك العلاقات ومحركة للأحداث دون عمد منها، فقدم أعمالًا تنبض بالحياة، وتُعبر عن الواقع، وتقدّم رؤيته تجاه القضايا السياسية والفكرية والاجتماعية المصرية. مثل: "حكايات حارتنا"، "القاهرة الجديدة"، "الكرنك"، "الحب فوق هضبة الهرم"، و"أفراح القبة". ونستعرض بعض هذه الأعمال من خلال لمحات موجزة:
زقاق المدق:
تدور أحداث الرواية في زقاق ضيق بالقاهرة، وتُصور الحياة اليومية لسكان الزقاق خلال فترة الأربعينيات، وتأثير الحرب العالمية الثانية على المجتمع المصري، حيث صوّر الحياة في الزقاق تصويرًا أدبيًا رائعًا، ويعد الزقاق مرادفًا للحارة.
الثلاثية:
تتناول حياة أسرة أحمد عبد الجواد في حي الحسين، فترة ما قبل وأثناء ثورة 1919م، وتعكس الحياة الاجتماعية. وتتكون من ثلاث روايات: "بين القصرين"، "قصر الشوق"، و"السكرية"، صدرت عام 1956، وحصلت على لقب أفضل رواية عربية في تاريخ الأدب العربي.
وكانت "قصر الشوق" أحد أسباب فوز محفوظ بجائزة نوبل. تدور أحداثها في حارة قصر الشوق التي استوحت الرواية اسمها منها. أما "السكرية" و"بين القصرين"، فهما حارتان موجودتان في القاهرة القديمة في حي الحسين وخان الخليلي.
بداية ونهاية:
رواية واقعية نُشرت عام 1949، تدور حول الأزمات الاقتصادية التي واجهت الطبقات المتوسطة في الحارة المصرية خلال الحرب العالمية الثانية، من خلال أسرة تقطن إحدى حارات الجمالية، وتحاول الارتقاء إلى الطبقات الراقية.
خان الخليلي:
رواية تحمل اسم أحد أحياء القاهرة المعروف بالتحف والأنتيكات، تدور أحداثها خلال الحرب العالمية الثانية، وتتمحور حول أحمد أفندي عاكف الذي ترك دراسته ليعول أسرته بعد فصل والده من العمل، وتسكن الأسرة في حارة بحي السكاكيني. وتلقي الرواية الضوء على حياة هذه الأسرة.
الحرافيش:
صدرت عام 1977، وتُصور الصراع بين الخير والشر في الحارة، وتروي حكايات أجيال تعيش على مدار قرن، عبر عشر قصص تتناول الصراع من خلال شخصية "الفتوة" وبطشه وظلمه للفقراء.
أولاد حارتنا:
أثارت جدلًا كبيرًا لتناولها قضايا دينية وفلسفية، تدور أحداثها في إطار رمزي يعكس تاريخ البشرية، ولم تركز على الحارة كمكان بقدر ما ركزت على شخصيات الحارة. كتبت بعد ثورة يوليو 1952، إذ رأى محفوظ أن التغيير المنشود قد حدث، فلجأ إلى الأسلوب الرمزي، ما تسبب في تعرضه لمحاولة اغتيال من قبل متطرفين عام 1994.
اللص والكلاب:
رواية مستوحاة من قصة حقيقية لبطلها محمود أمين سليمان الذي شغل الرأي العام عام 1961، بعد أن خرج عن القانون للانتقام من زوجته ومحاميه، فارتكب جرائم عدة، ورغم ذلك تعاطف معه المجتمع.
من أعماله القصصية:
"دنيا الله"
"حكاية بلا بداية ولا نهاية"
"خمارة القط الأسود"
"الشيطان يعظ"
"الحب فوق هضبة الهرم"
من جوائز الكاتب العالمي نجيب محفوظ:
جائزة نوبل في الأدب عام 1988 عن مجمل أعماله، وقد أشادت اللجنة بـ"ثلاثية القاهرة"، و"الحرافيش"، و"زقاق المدق".
جائزة الدولة في الأدب عام 1957.
وسام الاستحقاق من الطبقة الأولى عام 1962.
قلادة النيل العظمى عام 1988.
ملحوظة أخيرة:
بالرغم من تركيزه على الحارة المصرية، استطاع نجيب محفوظ أن يمنح أعماله أبعادًا عالمية، من خلال طرح قضايا إنسانية عامة تتجاوز حدود الزمان والمكان.