الأحد 17 اغسطس 2025

مقالات

صناعة واعدة على خريطة الاستثمار الإقليمي

  • 17-8-2025 | 13:13
طباعة

تخطو مصر اليوم بثقة نحو موقعها المستحق كمركز إقليمي لصناعة المكملات الغذائية مستندة إلى سوق محلية يتجاوز حجمها 800 مليون دولار سنويا وتنمو بمعدلات تفوق 12% وإلى خطة طموحة تستهدف جذب استثمارات تتخطى المليار دولار خلال سنوات قليلة هذا التحول لا يعكس فقط إدراك الدولة لأهمية اقتصاد الدواء والغذاء كمحرك للنمو بل يكشف أيضا عن رؤية استراتيجية تجعل من الصناعات الصحية والتغذوية ركيزة للأمن القومي وأداة لتعزيز النفاذ إلى أسواق أفريقيا والشرق الأوسط واللافت أن سوق الفيتامينات والمعادن وحدها حققت إيرادات بلغت 587 مليون دولار في 2025 مع توقع نموها بنسبة 9% سنويا حتى 2029 ما يبرز ثقل هذا القطاع داخل الصناعة ككل ويتضح من التوزيع العمري للمستهلكين أن الشباب يمثلون القوة الدافعة الأكبر إذ أن ما يقرب من ثلثي الفئة العمرية من 20 إلى 35 عاما يستخدمون المكملات الغذائية بانتظام وجغرافيا تستحوذ القاهرة على نحو 35% من حجم المبيعات تليها الإسكندرية بـ15% فيما تسجل محافظات الدلتا نحو ربع السوق بينما تبقى الصعيد أقل حصة بحوالي 15% فقط بسبب محدودية الدخل وقلة التوعية إلا أن منصات البيع الإلكتروني بدأت تقلص هذه الفجوة لترفع المبيعات في الصعيد إلى 10% بعد أن كانت 5% فقط في 2022 وهذه المؤشرات تكشف أن التوسع في القنوات الرقمية يمثل رافعة رئيسية لزيادة النفاذ وتعزيز العدالة الجغرافية في الاستهلاك.

إن التحول إلى مركز إقليمي لم يعد مجرد طموح بل بدأت ملامحه العملية تتجسد مع تدشين شركات وطنية وخطوط إنتاج جديدة للمكملات ومع توقعات بتضاعف سوق الشرق الأوسط وأفريقيا ليصل إلى 31.9 مليار دولار بحلول 2033 تصبح مصر مؤهلة لاقتناص حصة وازنة خاصة مع توافر البنية الأساسية في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس واتفاقيات التجارة الإقليمية مثل منطقة التجارة الحرة الأفريقية لكن هذا الطريق ليست خالية من التحديات إذ ما تزال المنتجات المقلدة تشكل ما يقارب 15% من السوق ما يضع عبئا على الدولة والقطاع الخاص لفرض رقابة صارمة وتطوير آليات تتبع وحماية للمستهلك كما أن الإجراءات التنظيمية تتسم بالبطء إذ أن 30% من تسجيلات المنتجات تتأخر بسبب متطلبات هيئة الدواء وهو ما قد يعطل دخول ابتكارات جديدة للسوق ويضاف إلى ذلك أن 40% من الأطباء لا يزالون متشككين في فعالية بعض المكملات العشبية لغياب الأدلة العلمية الكافية فضلا عن أن ربع المستهلكين يفتقرون للوعي بالجرعات المناسبة أو بالتداخلات الدوائية المحتملة.

الفرصة إذن قائمة لكنها مشروطة بإصلاحات متكاملة بدءا من تطوير الإطار التنظيمي لتقليل زمن التسجيل وضبط الجودة وإطلاق برامج توعية مجتمعية لتعزيز الاستخدام الرشيد والاستثمار في البحث العلمي لتأكيد الفعالية وتوسيع التصنيع المحلي لتقليل الاعتماد على الواردات وتعزيز القدرة التصديرية وبهذا النهج يمكن لمصر أن تتجاوز سقف المليار دولار كهدف مرحلي وتكرس مكانتها كمركز إقليمي لصناعة المكملات الغذائية قادر على خدمة أسواق أفريقيا والشرق الأوسط في وقت تتصاعد فيه الحاجة العالمية إلى حلول غذائية وصحية مستدامة.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة