خبير
سياسي: أفريقيا تشهد تنافسًا دوليًا لاستغلال مواردها
دبلوماسي: مصر قادرة على مواجهة أية تحديات في
أفريقيا
المنيسي: الوجود التركي في السودان لا يشكل
خطورة على الأمن القومي المصري
أكد دبلوماسيون وخبراء بالشأن الأفريقي أن القارة
السمراء تشهد تنافساً دولياً من قوى إقليمية لاستغلال مواردها بما يشكل تحدي
للدولة المصرية، موضحين أن التواجد المصري في أفريقيا مستمر ومتواصل وأن تراجع دور
مصر في القارة هو أكذوبة وأنها تتحرك بشكل جيد دبلوماسياً فيما تحتاج للتوسع على
مستوى الأجهزة الرسمية وغير الرسمية.
تراجع دور مصر أكذوبة
السفير جمال بيومي، مساعد وزير الخارجية
الأسبق، قال إن دور مصر في قارة أفريقيا لم يتراجع أو يتأثر، وأن من يقول غير ذلك
يردد أكاذيب، مضيفًا أن إهمال مصر لأفريقيا «أكذوبة» لكن الواقع أن مصر مستمرة في
تواجدها بالقارة السمراء، وأن الأزمة بعد محاولة اغتيال الرئيس الأسبق حسني مبارك
أثناء زيارته لأديس أبابا أثرت على المستوى الزيارات الرئاسية فقط لفترة من الزمن
إنما العلاقات الدبلوماسية المصرية مستمرة.
وأضاف بيومي في تصريح لـ«الهلال اليوم»، أن
السفراء المصريين متواجدين في كل الدول الأفريقية وظهر الدعم الأفريقي لمصر خلال
جلسة مجلس الأمن الأخيرة بشأن مشروع القرار المصري لحماية القدس والذي صوتت فيه 14
دولة لصالح القرار بما فيها الدول الأفريقية وكذلك أثناء الجمعية العامة للأمم
المتحدة.
وأكد مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن مصر
لها 56 سفارة في أفريقيا وأنها قادرة على مواجهة التحديات لأنها الأقرب والأقوى
والأكثر استعداداً ولديها قوتها بإمكانيات بشرية عالية، مضيفًا أن مصر تغطي أفريقيا دبلوماسياً ولا يوجد دولة ليس
بها سفراء أو خبراء مصريين ولا أحد يستطيع القيام بدور مصر.
وأوضح بيومي، أن التقارب التركي أيضا بدول
القارة لا يؤثر ولا يشكل تهديدا لمصر، أما عن «قطر» فقال إنها إذا كانت تمتلك
المال فهي لا تمتلك الأفراد أو الدبلوماسية التي تمكنها من التوسع في أفريقيا فهي
لها خمس سفارات في القارة فقط، وإن أرادت التوسع بعمل سفارة في كل دولة فليس لديها
الدبلوماسيين الكافيين لهذا الهدف.
تنافس دولي في القارة
السمراء
فيما قال الدكتور أيمن عبد الوهاب، خبير
الشئون الأفريقية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن الوضع الحالي
في قارة أفريقيا ليس قاصراً على تواجد الدول الأربعة «قطر وتركيا وإيران
وإسرائيل»، مضيفاً أن منطقة القرن الأفريقي والبحيرات العظمى الأفريقية شرق القارة
تشهد تنافساً دولياً كبيراً لاستغلال مواردها.
وأضاف في تصريح لـ"الهلال اليوم"
أن هناك دول تسعى لتأجير قواعد عسكرية وإقامتها هناك وكذلك شركات عالمية عملاقة
تستثمر في المواد الأولية التي تزخر بها القارة، موضحاً أن التنافس الدولي هو تحدي
كبير للسياسة المصرية وخاصة أن هذا التنافس يعظم من طموحات الدول الأفريقية ما
يعني مزيد من التحديات لحجم علاقاتها مع مصر.
وأوضح عبد الوهاب أن الأمر يرتبط بمدى قدرة
مصر على خلق قيمة مضافة وخاصة أن هذا التنافس يتعارض مع مصالح مصر التاريخية خاصة
في ملف مياه النيل لأن أغلب الاستثمارات في القارة السمراء هي في الزراعة والموارد
المائية، مؤكداً أن المخاطر والصعوبات قائمة والتحدي هو كيف تزيد مصر من دورها
ومكانتها في القارة.
وأشار الخبير السياسي إلى أنه يجب وضع
استراتيجية تلتزم بها كافة مؤسسات الدولة الرسمية وغير الرسمية والمجتمع المدني
بأولويات واضحة، مضيفاً أن مصر لا تستطيع منع الدول الأخرى من تعميق مصالحها مع
القارة السمراء إنما تعظيم التعاون بشكل لا يعطي لأي دولة أخرى القدرة على الإضرار
به.
وأكد أن تركيا لها مشروع ممتد إقليمياً
وتسعى للتواجد في القارة التي تشهد تنافس دولي كبير وكذلك إيران، مضيفاً أن
التعاون السوداني التركي الأخير مرتبط بمأزق داخلي في السودان وخاصة أن النظام
السوداني يعاني من مشاكل متعددة مرتبطة بالاستقرار والإصلاح الاقتصادي ويحتاج لدعم
من أطراف أجنبية.
وأضاف عبد الوهاب أن إسرائيل ليست طرفاً
جديداً في القارة إنما تحاول مع بقية الدول مثل تركيا وإيران وتركيا والصين
وأمريكا واليابان أن تعمق مصالحها وهذا يلقي على مصر بصعوبات للحفاظ على مكانتها
وتواجدها.
الوجود التركي ليس خطرًا
قال السفير محمد المنيسي سفير مصر الأسبق في
قطر، اليوم السبت، إن قطر بعد مقاطعة الرباعي العربي لها في يونيو الماضي وأصبح
أقوى حلفائها الذين يساعدونها على تخطي عواقب المقاطعة هي تركيا وإيران، مضيفًا أن
هذا يتزامن مع حلم الرئيس التركي بإحياء الخلافة الذي لا يستطيع تحقيقه في الشرق
الأوسط، لذلك بحث عن بديل.
وأضاف المنيسي، في تصريح لـ"الهلال
اليوم"، أن وجود مصر ودورها الريادي في المنطقة دمّر حلم أردوغان بالخلافة،
لذلك هو ناقم على النظام المصري، لإفساده هذا المخطط، موضحًا أنه لذلك يفكر في
الانفتاح على إفريقيا، إلا أن هذه المحاولة لها محاذير، لأن الأفارقة لا يستطيعون
التعامل والثقة في أية دولة خارج القارة.
وأوضح سفير مصر الأسبق في قطر أن جزيرة
سواكن هي أطلال ميناء قديم على البحر الأحمر ووجود تركيا بها بعد منح الرئيس
السوداني عمر البشير لها حق إدارتها كمنطقة نفوذ تركية لا يشكل تهديدًا لمصر،
مضيفًا أن دخول البحر الأحمر عن طريق إما باب المندب قرب اليمن وإما من اتجاه قناة
السويس، وهذا تتحكم فيه مصر، وبالتالي فإن الوجود التركي لا يشكل خطورة على الأمن
القومي المصري.
وأكد المنيسي أن ما يقوم به الرئيس السوداني
هو حركة دعائية ردًّا على تجاهل مصر لطلبهم بضم حلايب وشلاتين إلى أرض السودان،
مؤكدًا أن اتفاقية استقلال السودان عن مصر تنص على أن الحدود بين الإقليم المصري
والسوداني هي خط عرض 22 على استقامته، ووَفقًا لذلك تدخل حلايب وشلاتين في إطار
الأراضي المصرية، مشيرًا إلى أن اللاعب الرئيسي في القارة الإفريقية الآن من ناحية
الاستثمارات هو الصين، لأنها أكبر دولة ضخت استثمارات لها خلال السنوات العشر
الأخيرة، وهي ليست دولًا استعمارية، لذلك مرحب بوجودها، مضيفًا أن الوجود
الإسرائيلي في القارة قديم منذ الخمسينيات من القرن الماضي، وهي تعتمد في هذه
العلاقات على دعم الأنظمة الإفريقية عسكريًّا من خلال التسليح والتدريب والتمويل.
وأضاف سفير مصر الأسبق في قطر أن مصر تتحرك
بشكل جيد في إفريقيا وعلاقاتها بمختلف الدول والشعوب الإفريقية عميقة، ولها جذور
تاريخية، مضيفًا أن هذا التاريخ من العلاقات القوية منذ حكم الرئيس الراحل جمال
عبد الناصر، حمت مصر من مخططات للإضرار بمصالحها المائية، منها محاولة بعض دول حوض
النيل عمل اتفاقية لإعادة توزيع مياه نهر النيل، إلا أن دولًا مثل الكونغو وأوغندا
وتنزانيا وقفت ضد هذه المحاولات، لعدم الإضرار ببلد عبد الناصر.