شهدت قرية دلجا بمركز ديرمواس التابع لمحافظه المنيا حالة من الحزن الشديد والذهول بين الأهالي الذين لم يتوقعوا أن تتحول خلافات أسرية إلى جريمة بشعة يدفع ثمنها أب وأطفال في عمر الزهور.
إلحاقًا ببيانيها السابقين بشأن واقعة مقتل ستة أطفال ووالدهم بمركز ديرمواس بمحافظة المنيا، أحالت النيابة العامة المتهمة –زوجة الأب الثانية– إلى محكمة الجنايات المختصة لارتكابها جريمة قتل المجني عليهم بالسم عمدًا مع سبق الإصرار، والشروع في قتل الزوجة الأولى.
وأقامت النيابة العامة الدليل على المتهمة مما أسفرت عنه التحقيقات وأقوال الشهود، إذ تبيَّن أنها أقدمت على جريمتها كيدًا بوالدة الأطفال "الزوجة الأولى" بعد أن أعادها الزوج إلى عصمته. فاستغلت اعتيادها على إعداد الخبز بمسكنها وإرساله إلى الأطفال، وتحصلت على مبيد حشري سام "الكلورفينابير"، فمزجته بقطعة خبز وقدَّمتها لأحد الأطفال في مسكنها، فتدهورت حالته الصحية فأيقنت فاعلية السم. وبعد أربعة أيام أعدت عددًا من أرغفة الخبز وخلطتها بالمبيد ذاته، ثم أرسلتها إلى المجني عليهم فأودت بحياتهم، بينما نجت والدة الأطفال لإحجامها عن تناوله.
وأكدت ذلك تحريات الشرطة، ورصدت كاميرات المراقبة اثنين من الأطفال حال حمل أحدهما الخبز المسمم من منزل المتهمة إلى مسكنهم.
كما أثبتت معاينة النيابة العامة لمسكن المتهمة رفقة خبراء الطب الشرعي، ونتيجة الفحص المعملي للعينات وجود آثار المبيد السام في بقايا الخبز وأدوات الطهي، وهو ما توافق مع تقارير الصفة التشريحية التي بينت أن الوفاة نتجت عما أحدثته تلك المادة السمية من انهيار التنظيم الحراري للجسم وفشل الأجهزة الحيوية وأقرت المتهمة باستجوابها تفصيلات ارتكابها الواقعة، وأجرت محاكاة تصويرية للجريمة.
البداية كانت ببلاغ عاجل إلى الأجهزة الأمنية يفيد بمصرع أفراد أسرة داخل نطاق المركز في ظروف غامضة، لتتحرك أجهزة وزارة الداخلية بسرعة كبيرة في محاولة لفك طلاسم الحادث.
كشفت التحريات الأولية ملابسات مصرع أسرة بمركز دير مواس في محافظة المنيا، حيث أسفرت عن أن زوجة الأب الثانية وراء ارتكاب الواقعة.
وأوضحت التحريات أن زوجة الأب الثانية أقدمت على وضع مادة سامة داخل خبز الطعام الذي تعده لـ أنجال زوجها ووالدتهم، في محاولة للتخلص منهم، بعدما رد زوجته الأولى إلى عصمته مؤخرًا، واعتقادًا منها أنه سيتخلى عنها.
واعترفت المتهمة بإنهاء حياة اسره بقريه دلجا بمركز ديرمواس أمام فرق المباحث في المنيا أنها تزوجت من المجني عليه قبل فترة وكان حينها منفصلا عن زوجته الأولى، وكان أولاده الخمسة يعيشون معنا في المنزل حيث كنت أقوم بإعداد الطعام لهم ومرافقتهم في كل شيء.
تابعت المتهمة عد فترة فوجئت بـ زوجي رد زوجته الأولى لعصمته وحسيت أنه خلاص هيخلص مني ويطلقنيني حطيت السم في العيش اللي كانت بعمله للأسرة.
وأكدت المتهمة بالتخلص من أسرة ديرمواس باستخدام السم في الخبز، أن الدافع وراء جريمتها هو الغيرة والحقد والانتقام من زوجها الذي أعاد زوجته الأولى لعصمته، وأنها كانت تخرج وراء جنائزهم الواحدة تلو الأخرى بل وتبكي عليهم بكل حرقة.
أسفرت تحريات أجهزة وزارة الداخلية عن أن زوجة الأب الثانية خلف إرتكاب الواقعة، حيث قامت بوضع مادة سامة بخبز الطعام الذى تعده لأنجال زوجها.
وتابعت التحريات أن الزوجة قامت بفعلتها فى إطار رغبتها فى التخلص منهم ووالدتهم، لقيام زوجها برد الزوجة الأولى لعصمته مؤخراً واعتقادا منها بأنه سوف ينفصل عنها.
من جانبها، أصدرت وزارة الصحة بيانًا أوضحت فيه أن الضحايا الذين تم استقبالهم في مستشفى دير مواس المركزي ظهرت عليهم أعراض تسمم حاد جراء تناول مادة سامة. وأشارت المصادر الطبية إلى أن الفريق الطبي بذل جهودًا كبيرة في محاولة إنقاذ الحالات عبر الغسيل المعدي وإعطاء المضادات المناسبة، إلا أن قوة المادة السامة وسرعة انتشارها في الجسم حالت دون إنقاذ الضحايا.
كما تم أخذ عينات من الطعام الذي تناولته الأسرة، وتحليلها في المعامل المركزية بوزارة الصحة، ليتبين تطابقها مع الأعراض التي ظهرت على الضحايا، وهو ما عزز فرضية التسمم.
الراحلون كانوا زهورًا صغيرة لم تكتمل أحلامهم بعد؛ بدأت المأساة برحيل ريم ناصر (10 سنوات) وعمر ناصر (7 سنوات) ومحمد ناصر (11 سنة)، قبل أن يلحق بهم شقيقهم الأصغر أحمد ناصر (5 سنوات)، ثم رحلت رحمة ناصر (12 عامًا)، وأخيرًا فارقت الحياة الشقيقة الكبرى فرحة ناصر (14 عامًا) لتكتمل فاجعة الأب ناصر محمد علي، الذي فقد أبناءه الستة دفعة واحدة، تاركًا وراءه قصة من الألم والحزن لا يمكن أن تُمحى من ذاكرة القرية وأهلها.
وتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيال الواقعة، وتحرر المحضر بالواقعة، وتولت جهات التحقيق التحقيقات.