يُعتبر الإتجار بالأعضاء البشرية جريمة يعاقب عليها القانون، خاصة بعد تعديلات القانون رقم 103 لسنة 2018 التي شددت العقوبات مقارنةً بقانون زراعة الأعضاء والأنسجة البشرية لعام 2010، والذي جرّم شراء وبيع الأعضاء، ورغم هذه العقوبات، دفع التجريم والتشديد بالعقوبات النشاط إلى السرية، ولم يقضِ على السوق السوداء تمامًا بسبب الربح الكبير الذي يحققه المتورطون.
وهنا فإن التبرع بأي عضو من الأعضاء غير معاقب عليه قانونا، غير أن البيع المستتر تحت غطاء التبرع جريمة قانونية وشرعية معاً.
وهنا السؤال الملح.. هل التبرع بالأعضاء حلال شرعا؟
ولا شك أن في الاختلاف رحمة وقد تعددت الآراء الفقهية بين محرم ومكروه ومباح شرعا والمؤكد أنه ليس عليه إجماع فقهي في التحريم أو الإباحة.
وواقعيا فإن السوق السوداء لبيع الأعضاء في مصر تسببت في وجود عدد لا محدود من الضحايا من بائعي أعضاء بشرية تستروا تحت غطاء التبرع الصوري لإضفاء إباحة قانونية على تلك التصرفات التي حملت بين طياتها جرائم ربما من الناحية الشرعية لا القانونية.، وهو الأمر الذي ربما شغل الكثير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي في الفترة الأخيرة والواقع يؤكد أن الكثير والكثير من الوقائع التي حملت بين طياتها جرائم ارتكبت وترتكب يوميا في مصر من خلال عصابات منظمة جعلت من مصر وشعبها أشبه بالمزارع المفتوحة لهذه الجرائم من خلال جماعات منظمة يقوم كل فرد فيها بدوره الإجرامي باحترافية بالغة وأحد أهم تلك الأدوار هم القائمين على توفير غطاء قانوني صوري لإخفاء معالم تلك الجريمة وأركانها من خلال ورقة تبرع يوقعها البائع مقرا بها عدم تقاضيه أي مبالغ مالية بالمخالفة للواقع العملي.
وقد تواصل معنا من خلال صفة المكتب العديد من الأشخاص الذين تعمدوا إخفاء شخصيتهم الحقيقية طالبين الدعم قانونا بعد أن قاموا بإجراء تلك العمليات وتعرضهم لإضرار مختلفة فبعضهم تعرض لعمليات نصب بعد توقيعهم تلك الإقرارات بالتبرع ولم يتقاضوا أي مبالغ مالية من المتفق عليها أو استلموا جزء من تلك المبالغ وبعد القيام بعملية التبرع لم يحصلوا على المبالغ المتفق عليها بدون ضمان لحقهم المدعى به، وبعضهم الأخر تعرض لأثار جانبية ترتبت على العمليات الجراحية وأصبحوا مرضى بأمراض مزمنة ولم يجدوا من يساعدهم في مراحل العلاج والروايات في هذا الأمر كثيرة ومتعددة.
ولكن الواقع يؤكد أننا أمام خطة ممنهجة تسببت في تسهيلها العديد من الظروف التي جعلت من بعض المصريين مستودعات لقطع الغيار الأدمية بكل أسف ومن هذه الأسباب على سبيل المثال لا الحصر ما يلي:
أولا: الجهل شرعا وقلة الوازع الديني.
ثانيا: التجهيل القانوني الذي يتم ممارسته على ضحايا عمليات البيع للأعضاء.
ثالثا: الظروف الاقتصادية الطاحنة التي يمر بها العالم أجمع وبالأخص الشعب المصري نظرا لأنه وفي ظل الأزمة الاقتصادية العالمية الراهنة يتحمل عبئ وفواتير عمليات الإصلاح الاقتصادي للاقتصاد المصري قبل وأثناء أزمة كورونا مرورا بالحروب والنزاعات العالمية الدائرة بداية بحرب روسيا وأوكرانيا مرورا بالحرب الغاشمة على الشعب الفلسطيني وحرب إسرائيل المحتلة وايران وغيرها من سلسلة النزاعات الدولية التي تحيط بمصر من جميع الاتجاهات.
كل تلك الأسباب وغيرها يساهم في أن يقع بعض المصريين فريسة لبعض العصابات المنظمة والمتكاملة التي تخدم المرضى الأثرياء من الدول المجاورة والذين يجدوا فرق العملة واحتياج بعض تلك الفئات من المصريين صفقة رابحة ليحصلوا على ما يريدون من أعضاء بشرية زهيدة الثمن بالمقارنة بالدول الأخرى التي يتم فيها اجراء تلك العمليات مثل الصين والهند، ولكن بأسعار باهظة لا تقارن بما يتم دفعه في مصر في تلك العمليات لا للمتبرع ولا حتى للمراكز الطبية التي تخصصت في إجرء تلك الجراحات، وهو ما يدعوا للانتباه والتضامن فيما بين الدولة والشعب معا لتحجيم تلك الكارثة التي ربما في حال استمرت بنفس الوتيرة ستجعل مئات الألاف من المصريين يعانون امراضا مزمنة بسبب تلك الأعضاء التي تم بيعها وما يعانيه ولا شك القائم بالبيع ( التبرع الوهمي ) من أثار جانبية حتمية تتعلق بقصور الأجهزة الأخرى في الجسم وغيرها من الأمراض الأخرى المترتبة على ذلك.
والجدير بالذكر أن تلك العصابات ليست بشخص أو أفراد، بل هي سلسلة من المنتفعين اللذين باعوا ضمائرهم للتربح ويتكاملوا فيما بينهم حتى أن بعض المتضررين أسر لنا أن الاتفاقات تتم من خلال جماعات ممنهجة تتكون من (سماسرة ووسطاء ثم معامل تحاليل مرخصة داخل مصر ثم مراحل الاتفاق ما قبل العمليات بالتبرع ويتولاها قانونيين ثم أطباء للإشراف على التجهيز ثم مراكز طبية متخصصة في إجراء عمليات نقل الأعضاء للمرضى داخلها وتوفير الرعاية الطبية بعد الجراحات).
وتلك الجماعات المنظمة تستهدف بكل احترافية الفئات شديدة الاحتياج المالي مثال الباعة الجائلين وعمال مواقف السيارات العامة والمشردين بلا مأوى ليكون الثمن بخس ويسهل عليهم إتمام الصفقات المشبوهة ويساعدهم في ذلك قلة وعي الشخص البائع وقلة وعيه وغيرها من الأسباب التي تساهم في تسهيل الصفقات.