شهدت مدينتا القاهرة والأقصر، فعاليات التعاون والحوار الثقافي والسياحي بين الشباب المصرى و الصيني والذى انطلقت فعالياته يوم 2 سبتمبر، من القاهرة وبالتحديد من مقر المتحف القومي للحضارة المصرية بمنطقة الفسطاط التاريخية بمدينة القاهرة، واختتمت بمدينة الأقصر التاريخية بحضور عدد من كبار المسئولين والدبلوماسيين والأثريين والسفراء وممثلي كبرى الشركات الصينية المتخصصة في صناعة السيارات الكهربائية وعدد من ممثلي وسائل الإعلام المصرية والصينية، إضافة لعدد من مسئولى مقاطعة تشونغتشينغ بالحكومة الصينية، وذلك لمناقشة علاقات الصداقة والتعاون المستقبلي بين البلدين الصديقين .
لكن العرض الأول للفيلم الوثائقي الإنتاج المصري الصيني المشترك "عندما يلتقى النيل بنهر يانغسي"، الذى تم انتاجه بالتعاون بين التليفزيون المصري والتلفزيون الصيني بمقاطعة تشونغتشينغ الصينية الحكومية الرسمية، يعرض التشابه والتناغم والتلاقي لأقدم واعرق حضارتين في التاريخ، الحضارة المصرية القديمة بموروثاتها وتقدمها على ضفاف نهر النيل العظيم، اقدم وأطول الأنهار فى العالم، والحضارة الصينية القديمة على ضفاف نهر يانغسي ثالث أطول أنهار العالم، حيث كان النهرين سببا في قيام وعظمة هاتين الحضارتين الأقدم والأعرق في التاريخ الإنساني .
وقد شهد المتحف القومي للحضارة المصرية العرض الأول للفيلم الوثائقي المصري الصيني المشترك "عندما يلتقى النيل بنهر يانغسي" ، والذى عرض في توقيت واحد بالقنوات المحلية والفضائية بالتلفزيون المصري وشبكات التلفزيون المركزي الصيني، ولقى متابعة واهتمام كبير من الجمهور والمتخصصين والمهتمين بالشأن الثقافي والتاريخي والسياحي، لما يتضمنه من مقارنة توضح التقارب والتشابه بين عظمة الحضارة المصرية القديمة الأقدم في التاريخ الإنساني والحضارة الصينية، ومسارات التنمية الزراعية والتقدم على مدار التاريخ والتي أرسى دعائم قوتها الشعبين المصري والصيني علي ضفاف نهري النيل ويانغسي .
وفي إطار الاحتفالية المصرية الصينية والحوار الشبابي الحضاري بين الجانبين، قامت المذيعة الصينية الشهيرة بالتليفزيون الصيني ايكو تشينغ بتصوير عدد من الأفلام القصيرة داخل مناطق القاهرة التاريخية وبشكل خاص شارع المعز لدين الله الفاطمى التاريخي بمنطقة الحسين،أحد أكبر وأهم المتاحف الإسلامية المفتوحة بالعالم، والتجول بالآثار الإسلامية العريقة بمنطقة الحسين والأزهر، ورصد الزخم السياحي الكبير بالمنطقة خاصة بمنطقة خان الخليلي ومتحف الحضارة بالفسطاط، حيث تم عرض هذه الأفلام بالتلفزيون الصيني وأشهر المنصات الاجتماعية والسياحية الشهيرة بدولة الصين .
وتقول كاثرين تشينغ دون يانغ المنسقة ومسئولة التعاون الدولى بمقاطعة تشونغتشينغ الصينية، أن انطلاق فعاليات الحوار والتعاون الثقافي بالمتحف القومي للحضارة المصرية بالقاهرة التاريخية، وختامها بمدينة الأقصر التاريخية يعد حدثا كبيرا وقفزة في علاقات التعاون الثقافي بين البلدين، حيث يظهر قوة العلاقات الاستراتيجية التاريخية والثقافية والسياحية بين مصر والصين، على المستويين الرسمي والشعبي .. موضحة أن العام القادم يصادف الاحتفال بالذكرى السبعين التاريخية لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين جمهورية الصين الشعبية وجمهورية مصر العربية. وهو ما يتناغم مع انطلاق الحوار الثقافي بالقاهرة والأقصر والذى ساهم في تعزيز التعاون المتبادل والصداقة بين الشعبين المصرى والصينى .
وأضافت كاثرين أإن حوار الحضارات باحتفالية "يانغتسي يلتقي بالنيل" عرض لحضارتى نهرى النيل واليانغتسي والنيل، وتنوعت كلمات الحضور من الوزراء والخبراء والمسئولين في الجانبين المصري والصيني لعرض وتوضيح قوة ومتانة العلاقات الاستراتيجية بين البلدين الصديقين كما تضمنت توقيع اتفاقيات ثقافية، وعرض أول للفيلم الوثائقي إنتاج مشترك صيني مصري، وافتتاح معرض ثقافي مشترك. لعرض إنجازات البلدين ومسارات التبادل الثقافي، وحماية التراث، والتعاون، بالإضافة إلى التعاون المتنامي بين البلدين على المستوي الاقتصادي خاصة فيما يتعلق بالتكنولوجيا الحديثة وصناعة السيارات الكهربائية التى يتفوق فيها الجانب الصيني .
ويوضح تشانغ وين، عضو اللجنة الدائمة للحزب الحاكم في الصين ورئيس لجنة الإعلام بمجلس مدينة تشونغتشينغ، على عمق العلاقات التاريخية بين البلدين، مشيرا إلى أن مصر كانت جزءًا من طريق الحرير وأول دولة عربية تقيم علاقات دبلوماسية مع الصين، والتي تطرقت لها المحاضرات والفعاليات الثقافية عن دور نهر النيل في ازدهار الحضارة المصرية، والتراث المائي والأنظمة الهيدرولوجية عالميًا، إضافة إلى الإرث المائي لنهر اليانغتسي وتأثيره فى النهضة الصينية عبر التاريخ.
وأشار المسئول الصيني إلى المناقشات المصرية الصينية لإدراج مقياس منسوب نهر النيل بالروضة وموقع بايهليانغ في الصين على قائمة التراث العالمي بمنظمة التربية والثقافة والعلوم "اليونسكو"، فيما عرضت جلسة حوارية رفيعة المستوى حول دور الأنهار في صياغة الإرث الحضاري، إلى جانب ورش عمل للحرف التقليدية وعروض فنية تراثية من مدينة تشونغتشينغ ومدينتي القاهرة والأقصر .. وموضحًا أن الاحتفالية "عندما يلتقى النيل بنهر اليانغتسي" تمثل نموذجًا حيًا للتعاون الثقافي بين مصر والصين، وتجسد الدور الرائد للمتحف القومي للحضارة المصرية كجسر عالمي يجمع بين الحضارات ويعزز الشراكات الدولية القائمة على الحوار والمعرفة والإبداع.
وفى ختام الاحتفالية بمدينة الأقصر أهدت الحكومة الصينية مجموعة متميزة من الكتب من مكتبة "تشونغتشينغ الصينية" لمكتبة محافظة الأقصر، وقام بتقديمها جيانغ هوي، عضو اللجنة الدائمة بالحزب الحاكم الصيني لمدينة تشونغتشينغ إلى عبد المطلب عمارة، محافظ الأقصر، وتمثل مجالات التاريخ والثقافة والتنمية المعاصرة، بهدف منح الشباب المصري نافذة على الصين.
وبهذه المناسبة أكد جيانغ هوي أن مدينة تشونغتشينغ، باعتبارها مدينة رئيسية في جنوب غرب الصين، تهدف لتعزيز العلاقات مع الجانب المصري والتعرف المتبادل على الحضارتين الصينية والمصرية. مشيرا إلى أن الحضارتين العريقتين المصرية والصينية يجب أن يتعاونا لمواجهة التحديات العالمية التى تواجه البلدين فى كافة المجالات .
وأشارت الدكتورة صابرين جابر، رئيسة جامعة الأقصر، أن التعاون بين الجامعات الصينية والمصرية أصبح جزءًا أساسيًا من العلاقات الثنائية. وأعربت عن أملها في تعزيز التعاون مع الصين في مجالات البحث العلمي والأوساط الأكاديمية والثقافية .
كما عرضت إيمان مجدي، أستاذة اللغة الصينية بجامعة قناة السويس،محاضرة تطرقت خلالها للإبداع العمراني وسمات الأهرامات المصرية، التى تتمحور حول الإنسان: والتنمية الشاملة والثراء التنموى والعقائدي بالحضارات القديمة ، وتقارب ذلك مع الحضارة والذي ينعكس على تعميق التعاون بين مصر والصين - سواء في المجالات الاقتصادية أو التجارية أو التكنولوجية أو الثقافية أو التعليمية.
وخلال جلسة التبادل الشبابي بعنوان "اليانغتسي يلتقي النيل"، بمكتبة الأقصر أكدت تشاو يوفانغ، نائبة رئيس جامعة ساوث ويست الصينية، على الدور المحوري للجامعات في بناء جسور الحوار الحضاري، مستشهدةً بتجربة الجامعة في استضافة الطلاب المصريين. وقالت: "الجامعات جسور متينة للحوار الحضاري، ومهدٌّ مهمٌّ لتنمية قدرات الشباب على الانخراط في مثل هذه الحوارات. في المستقبل، حيث ستواصل جامعات مدينة تشونغتشينغ بالصين ممثلةً بجامعة ساوث ويست، تعميق التعاون التعليمي مع مصر ودول الحزام والطريق الأخرى، وتوسيع نطاق استقطاب الطلاب وإثراء أشكال التعاون لجعل تشونغتشينغ وجهةً مفضلةً لشباب العالم الباحثين عن الدراسة والابتكار".
من جانبها استعرضت جيانغ روي، مديرة متحف تشونغتشينغ بايهليانغ الصيني، عملية حفظ وإحياء موقع التراث الثقافى الصيني القديم، ونقوش بايهليانغ المتواجدة اسفل نهر اليانغتسي .. مشيرة إلى أن مسئولى مقياس بايهليانغ بالصين ومقياس النيل في جزيرة الروضة بالقاهرة يبذلان جهودًا كبيرة للتقدم بطلب الانضمام إلى قائمة منظمة اليونسكو للتراث العالمي، ومن المقرر توقيع مذكرة تفاهم بنهاية العام الجارى بين الجانبين المصري والصيني بهذا الشأن مما يُمثل خطوةً متقدمة للتعاون في مجال حماية التراث الثقافي بين البلدين .
وأشارت إلى مشاركة طلاب قسم اللغة الصينية بجامعة الأقصر للتقارب الثقافى الحضارى لنهري اليانغتسي ونهر النيل ومداخلاتهم الثرية باللغة الصينية بشأن الحضارتين العظيمتين بمصر والصين وحكمة القدماء فى البلدين المجالات الزراعية، والقياسات الهيدرولوجية، والمعتقدات التاريخية وحدود الثقافتين المصرية والصينية وتأثيرها على شعبى البلدين .
يذكر أن احتفالية الحوار الحضارى المصري الصيني "عندما يلتقى نهر يانغتسي بنهر النيل" أقيمت بالتعاون بين الجانبين المصرى ممثلا في وزارة الثقافة والمتحف القومي للحضارة المصرية والتلفزيون المصري والهيئة العامة للاستعلامات، والمجلس الأغلى للإعلام، وقسم اللغة الصينية بجامعة الأقصر ومكتبة محافظة الأقصر ومن الجانب الصينى منظمة غرب الصين للتعاون الدولى التابعة للحكومة الصينية، وحكومة مدينة تشونغتشينغ، ومركز اتصالات غرب أوروبا وأفريقيا التابع لمجموعة التعاون الدولى بالحكومة الصينية .