بينما يترقب الناس الظواهر الفلكية المدهشة مثل الخسوف والكسوف، يذهب البعض إلى اعتبارها نذر شؤم أو رسائل عقاب إلهي، تارة بدعوى غضب الله وأخرى بزعم اقتراب الساعة، الأمر الذي يثير حالة من الخوف والذعر بين الجمهور.
هل يرتبط خسوف القمر بقرب قيام الساعة؟
وفي هذا السياق، تواصلت "دار الهلال" مع الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر الشريف، للوقوف على حقيقة هذه المعتقدات، وبيان ما إذا كان هناك دلائل قرآنية تشير إلى ذلك.
وأكد الدكتور أحمد كريمة، أن خسوف القمر وكسوف الشمس والزلازل والبراكين والأعاصير وما شابه ذلك كلها من سنن الله الكونية، التي وقعت آلاف المرات منذ أن خلق الله الكون.
وأضاف كريمة، أن هذه الظواهر حدثت في عهد الرسل والأنبياء وغيرهم، مؤكدًا أنها لا ترتبط برضا الله أو غضبه، مستشهدًا بقوله تعالى: "وما نرسل بالآيات إلا تخويفًا".
وبيّن كريمة تفسير الآية، موضحًا أن المقصود بها أن حدوث الظواهر الكونية قد يكون تذكيرًا وإيقاظًا للضمائر إذا غفلت عن ذكر الله.
وأشار إلى أن عهد النبي صلى الله عليه وسلم شهد وقوع خسوف وكسوف وزلازل، لافتًا إلى أنه عندما كسفت الشمس في زمنه، وقال الناس إنها انكسفت لموت ابنه إبراهيم، ردّ النبي بقوله: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصلاة".
وتابع أن النبي صلى الله عليه وسلم حين صعد جبل أحد ارتج الجبل، فقال له: "اثبت أحد، فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان"، في إشارة إلى وجوده مع أبي بكر الصديق وعمر وعثمان رضي الله عنهم.
وأضاف أن في عهد سيدنا عمر بن الخطاب حدثت مجاعة شديدة، حتى أكل هو وأصحابه الزيت عامًا كاملًا، كما وقع القحط في عهد سيدنا يعقوب، فبعث أبناءه إلى مصر لجلب القمح، وهي القصة الواردة في القرآن الكريم بسورة يوسف.
وأشار كريمة إلى أن الكسوف والخسوف وقعا مئات وربما آلاف المرات، سواء في زمن الأنبياء أو بعدهم، مما ينفي الشبهات التي تزعم أن هذه الظواهر تحدث نتيجة ذنوب الناس.
وأوضح أن الحكمة من وقوع هذه الظواهر تكمن في أنها تذكرة للناس، أما عند قيام الساعة فسيحدث اختلال في حركة الأرض والشمس، وقد يكون الخسوف أو الكسوف آخر ما يراه الناس قبل النهاية، ولهذا جاءت السنة النبوية بالحض على الصلاة والدعاء عند حدوثها.
وشدد كريمة في ختام حديثه على أن هذه الظواهر الطبيعية لا علاقة لها بقيام الساعة أو غضب الله تعالى، وإنما هي آيات كونية للتفكر والاتعاظ.
خسوف القمر
تشهد السماء، مساء اليوم الأحد، خسوفًا كليًا نادرًا للقمر، سيكون مرئيًا بالعين المجردة في مصر ومعظم الدول العربية، إلى جانب أجزاء واسعة من آسيا وأستراليا، فضلًا عن المناطق الوسطى والشرقية من أوروبا وأفريقيا.
من جانبها، أعلنت وزارة الأوقاف إقامة صلاة الخسوف الليلة بجميع المساجد الكبرى على مستوى الجمهورية، إحياءً لسنة النبي ﷺ.
وأكد الأزهر الشريف أن الصلاة سنة مؤكدة، حيث ورد عن رسول الله ﷺ قوله: «إِنَّ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، لاَ يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا، فَادْعُوا اللَّهَ وَصَلُّوا حَتَّى يَنْجَلِيَا» [صحيح البخاري].
وأوضح الأزهر أن الصلاة تُقام فرادى أو جماعة دون أذان، ويُكتفى بالنداء: «الصلاة جامعة». وتُصلّى ركعتين في كل ركعة قيامان وقراءتان وركوعان وسجدتان، ثم يخطب الإمام مذكرًا بعظمة الله، داعيًا إلى الاستغفار والتوبة وفعل الخيرات.
وأشار إلى أن صلاة الخسوف مرتبطة بوقوع الظاهرة، وينتهي وقتها بانقضائها.