لجأت شركات التأمين الصحي الأمريكي، التي تأثرت سلبا بعد هبوط عنيف لأسعار أسهمها، إلى رفع أقساط التأمين إلى أعلى مستوى منذ 15 عاماً، ما ضاعف المخاوف في الأسواق بأن المستهلكين الأمريكيين باتوا يعانون مصاعب ضخمة تحت وطأة ارتفاع التكاليف.
ونقلت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية عن واحدة من شركات التأمين الصحي الأمريكية، "يونايتد هيلث"، إن التعريفات الجمركية المصاحبة للحرب التجارية التي قررها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تعد سبباً لتلك الزيادات في أقساط التأمين الصحي.
ومن المتوقع أن تقفز تكاليف خطط التأمين الصحي للشركات المقدمة للموظفين بمتوسط 6.5% في عام 2026، وهي الأعلى في 15 عاماً، وذكرت شركة "ميرسر"، في تقرير لها، "أما بالنسبة للأشخاص الذين يشترون تأمينهم الصحي من البورصات الحكومية، فإن متوسط الزيادة لعام 2026 بلغ 18% - وهو أكثر من ضعف ما تحقق العام الماضي حين زاد بنسبة 7%، حسب تأكيد شركة "كيه إف إف"، وهي مجموعة غير هادفة للربح تُعنى ببحوث الصحة".
وتشير الصحيفة البريطانية إلى أن زيادات التأمين الصحي تأتي في وقت يواجه فيه الأمريكيون نفقات منزلية مرتفعة.
وكشف تقرير الاتحاد الوطني للشركات المستقلة الصادر في يوليو الماضي أن ثلث الشركات تخطط لزيادة الأسعار، وهي أعلى قراءة منذ مارس 2024.
وتعرضت شركة "سينتيني"، ثالث أسوأ الشركات أداءً في مؤشر "ستاندرد أند بورز 500" هذا العام، لانتقادات حادة بسبب ارتفاع تكاليفها، من قبل حاكمة ولاية أركنساس سارة هوكابي ساندرز، وفي مطلع هذا الشهر، انتقدت ساندرز الشركة لاقتراحها رفع أقساط التأمين الصحية بنسبة تزيد على 54%.
وقالت ساندرز "إن سكان أركنساس أصابهم الملل من تلقي فواتير باهظة من شركات التأمين التي تجني مليارات الدولارات"، وطالبت مفوض التأمين الصحي في الولاية برفض زيادة أسعار شركة "سينتيني".
وفي ولايتي ميريلاند وأريجون، أوضحت شركة "يونايتد هيلث" أنها زادت معدلات التأمين لفئات معينة بنسبة 2.4 و2.7% على التوالي "للتحسب لحالة انعدام اليقين المرتبطة بالتعريفات الجمركية"، علاوة على تكلفة رد إنتاج الأدوية إلى الولايات المتحدة، وفي ولاية أوهايو، رفعت "يونايتد هيلث" هامش مخاطر التأمين الصحي بنسبة 0.5% بسبب مخاطر التعريفات الجمركية.
ويرى محلل السياسات في شركة "كيه إف إف" البحثية مات ماكجوف، أن حالة انعدام اليقين المرتبطة بالتعريفات الجمركية أجبرت شركات التأمين على رفع المعدلات، لذا فإن "تداعيات ذلك تتمثل في أن المستهلكين ينبغي عليهم أن يدفعوا تكلفة إضافية"، وتابع "بات عليهم أن يتحملوا تكلفة هذا الغموض"، وأضاف "لم يكن الناس تتوقع أن تظهر تأثيرات التعريفات الجمركية في أعباء الرعاية الصحية"، واستدرك قائلاً "لكن كل الدلالات من شركات التأمين تؤكد أن ذلك حدث بالفعل".
وذكرت "فاينانشيال تايمز"، أن شركة "يونايتد هيلث" رفضت التعليق، وتراجع سعر سهما بنسبة 38% خلال هذا العام، كما أنها كانت ضمن أسوأ الشركات أداءً داخل مؤشر "ستاندرد أند بورز 500"، ولم يذكر مراجعو حسابات الشركة لهذا العام أن التعريفات الجمركية تعد أحد المخاطر، وبدلاً من ذلك، أوضحت الشركة أن ارتفاع كلفة الرعاية الصحية أدى إلى تآكل مكاسبها.
ولفتت الصحيفة إلى أن زيادات تكاليف شركة "يونايتد هليث" ترتبط بالتعريفات الجمركية من بوابة التأمين الصحي المقدم بموجب "قانون الرعاية الميسر" (إيه سي إيه) الصادر عام 2010، ويعرف كذلك بقانون "أوباما كير"، واعتمد حوالي 24 مليون مواطن أمريكي على قانون "إيه سي إيه" للحصول على التأمين الصحي خلال هذا العام، لكن المزايا الضريبية المدعومة بموجب قانون "إيه سي إيه" ستنتهي بحلول نهاية العام الجاري، ونتيجة لذلك يساور شركات التأمين الأمريكية القلق والانزعاج من فقدان المرضى الأصحاء، واضطرارها للاستمرار في دفع نفقات الرعاية للأشخاص الذين يحتاجون عناية مكثفة غالية ومكلفة، حسب شركة "كيه إف إف".