تحل اليوم، 9 سبتمبر، ذكرى ميلاد الفنان الراحل أبو الفتوح عمارة، الذي وُلد عام 1931 في قرية إخطاب التابعة لمركز أجا بمحافظة الدقهلية، ورحل عن عالمنا في 18 يوليو 1998 عن عمر ناهز 67 عامًا، بعد أن ترك خلفه رصيدًا فنيًا يقارب 200 عمل في السينما والمسرح والتليفزيون والإذاعة.
نشأ أبو الفتوح عمارة في عائلة رفيعة، فوالده كان عمدة القرية، وشقيقاه تقلدا مناصب مرموقة أحدهما مدير أمن والثاني أستاذ جامعي، بينما شقيقته الفنانة فاطمة عمارة دخلت مجال الفن قبل أن تعتزل لاحقًا.
وبرغم هذه الخلفية، اختار هو أن يسلك طريق الفن، فالتحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية وتخرج في قسم الاجتماع بليسانس الآداب، ثم حصد المركز الأول على دفعته، كما سافر إلى روسيا ونال الدكتوراه في الإخراج المسرحي، ليجمع بين الموهبة والدراسة الأكاديمية.
بدأ مشواره على خشبة المسرح، حيث عمل بفرقة الفنان عبد الرحمن الخميسي المسرحية ثم بفرقة المسرح الحديث، وشارك في مسرحيات بارزة مثل "عزبة بنايوتي" و"روض الفرج" و"البريمة".
أما في الدراما التليفزيونية، فقد ظهر في عدد كبير من المسلسلات الناجحة، من بينها: "رأفت الهجان"، "ليالي الحلمية"، "أبوالعلا 90"، "البخيل وأنا" مع فريد شوقي، "يوميات ونيس" مع محمد صبحي، "الصبار"، و"حلم الجنوبي".
وفي السينما، قدم أدوارًا بارزة رغم صغر حجمها، لكنها علقت في أذهان الجمهور، حيث شارك في أفلام شهيرة مثل: "قضية عم أحمد"، "الأراجوز"، "المواطن مصري"، "ناصر 56"، "مدرسة المشاغبين"، "آه يا بلد آه"، و"أنا اللي قتلت الحنش"، وقد رشحه المخرج الكبير يوسف شاهين بعد أن شاهده في دور قصير، ومنحه مساحة أكبر في فيلم "العصفور"، واصفًا إياه بالموهوب العبقري.
تخصص أبو الفتوح عمارة في تجسيد أدوار الرجل البسيط الطيب، الفلاح، القهوجي، أو المواطن المطحون، وأضفى عليها صدقًا وبساطة جعلت حضوره أقوى من مساحته الزمنية على الشاشة. ومن أشهر مشاهده تجسيده شخصية "عم أحمد" في فيلم "قضية عم أحمد"، الذي تسبب بإهماله في انفجار مستودع البارود، وهو الدور الذي رسخ صورته كفنان يترك أثرًا رغم قلة الكلمات.
ورغم أن حياته الفنية لم تمنحه أدوار البطولة المطلقة، إلا أنه ظل حاضرًا في وجدان الجمهور كأحد أبرز "الكومبارسات الكبار" الذين أضاءوا الشاشة المصرية بموهبتهم الأصيلة.
وكما عاش في هدوء بعيدًا عن الأضواء، رحل أيضًا في صمت، ليبقى في ذاكرة الفن نموذجًا للفنان المخلص لفنه حتى آخر لحظة في حياته.