احتل "حائط البراق" مكانة خاصة عند المسلمين، فهو الحائط الذي ربط فيه النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، براقه ومنه دخل إلى المسجد الأقصى في ليلة الإسراء والمعراج، فأطلق عليه حائط البراق، ليظل معلمًا إسلاميًا وجزء من حضارة المسلمين التي اشتملت عليها بلاد فلسطين العربية الأبية، كذلك ظل الحائط شاهدًا على أحداث تاريخية مهمة مثل ثورة البراق عام 1929، التي اندلعت بسبب محاولات تهويد القدس.
حائط البراق
داخل بلدة القدس القديمة، في الحائط الغربي للحرم القدسي الشريف يقع "حائط البراق"، وهو معلمٌ إسلامي كسائر الحرم القدسي، يقع الحائط بين باب النبي أو باب باركلي الواقع أسفل باب المغاربة - أحد أبواب الحرم.
سُمِّي الجدار بهذا الاسم نسبة إلى الدابة "البراق، الفرس المجنح"، التي حملت النبي محمد صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء والمعراج، حين أسري بالنبي من مكة المكرمة إلى المسجد الأقصى، حيث تشير كتب السيرة النبوية إلى أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم ربط دابة البراق قريباً من هذا الجزء من جدار الحرم الغربي حينما زار منطقة الحرم الشريف وعرج منها إلى السماوات في هذه الليلة.
يُعدُّ حائط البراق الذي يمتد حالياً بطول 30م جزءاً لا يتجزأ من الحائط الغربي للحرم القدسي الشريف الذي يزيد طوله عن 100م، وعلوه على 20م، وعمقه نحو 7م تحت مستوى سطح الأرض، ويضم خمسة وعشرين مدماكاً من الحجارة، والسفلية منها هي الأقدم.
كان الوصول إلى حائط البراق حتى شهر يونيو 1967ي تم عبر أزقة وممرات حارة المغاربة التي كانت تقود إلى الجزء المكشوف من حائط البراق، لكن الاحتلال الإسرائيلي دمر الحارة بعد عام 1967، حيث اعتدت القوات الصهيونية على هذه الحارة وهدمتها بما فيها المباني التاريخية المتاخمة لحائط البراق، خاصة تلك الممتدة باتجاه الجنوب، وطردوا سكانها قسرا، وسُوِّيت المباني القائمة أمام هذا الحائط بالأرض تاركة ساحة كبيرة عُرفت باسم ساحة الحائط الغربي.
ويزعم اليهود أن الحائط جزء من الهيكل المزعوم، إلا أن هذا كذب وتدليس، فهو أثر إسلامي خالص، فهو جزء من ساحة المسجد الأقصى المبارك، وهي ساحة بكلِّ ما تشمله مِن معالم وآثار تُمثل جزءًا لا يتجزأ مِن تراث المسلمين ومعالم الدين الواضحة، ومنها الحائط الغربي الذي تعود ملكيتُه إلى المسلمين وحدهم؛ لأنه يُمثل جزءًا لا يتجزأ مِن الحرم القدسي الشريف الذي هو من أملاك الوقف الإسلامي.
وهو ما أقرته اللجنةِ الدوليَّة التي تم تشكيلها سنة: 1930م للبت في زعم اليهود وادعائهم ملكية ذلك الحائط، حيث توصل تقرير اللجنة الدولية المعينة من قبل حكومة الانتداب البريطانية بموافقة مجلس عصبة الأمم لتحديد حقوق ومطالب المسلمين واليهود بشان حائط البراق/ الحائط الغربي في القدس، إلى أنه للمسلمين وحدهم تعود ملكية الحائط الغربي، ولهم وحدهم الحق العيني فيه لكونه يؤلف جزءاً لا يتجزأ من ساحة الحرم الشريف التي هي من أملاك الوقف، كذلك قالت إنه للمسلمين تعود ملكية الرصيف الكائن أمام الحائط وأمام المحلة المعروفة بحارة المغاربة المقابلة للحائط لكونه موقوفاً حسب أحكام الشرع الإسلامي لجهات البر والخير.
استفزازات الاحتلال
وفي أحدث اعتداء على قدسية الحرم القدسي والمسجد الأقصى بما فيه حائط البراق، أدى وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو ورئيس وزراء الاحتلال طقوسا تلمودية عند الحائط، أمس، بالتزامن مع زيارة روبيو للاحتلال لتأكيد دعم واشنطن لتل أبيب، حيث زار روبيو نتنياهو عند حائط البراق، وارتديا "كيباه" اليهودية، وأدوا طقوسا يهودية تلمودية، في انتهاك جديد وصفه محافظة القدس، بأنه "خطوة استفزازية تمس مشاعر شعبنا".
فيما أكدت حركة حماس أن أداء وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو ورئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو طقوسًا تلمودية عند حائط البراق، يمثل اعتداءً صارخًا على قدسية المسجد الأقصى المبارك، وانتهاكًا سافرًا للوضع التاريخي والقانوني القائم في مدينة القدس المحتلة.